Connect with us

الثقافة و الفن

المثقف الإكسسوار: حين تتحول الثقافة إلى تجارة بالأزمات

تحليل لظاهرة المثقف الإكسسوار الذي يحيا بالموت ويستغل الأزمات. كيف تحولت الثقافة إلى واجهة استعراضية وتأثير ذلك على الوعي المجتمعي في عصر السوشيال ميديا.

Published

on

في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها المشهد الثقافي والاجتماعي في العالم العربي والغربي على حد سواء، برزت إلى السطح ظاهرة مثيرة للجدل يمكن تسميتها بـ "المثقف الإكسسوار". هذا المصطلح لا يشير إلى زينة عابرة، بل يعبر عن حالة من التزييف العميق للوعي، حيث يتحول المثقف من فاعل عضوي يشتبك مع هموم مجتمعه إلى مجرد قطعة ديكور تكميلية في المشهد العام، لا يظهر بريقه إلا في لحظات "الموت"، سواء كان ذلك موتًا فعليًا في الحروب والأزمات، أو موتًا معنويًا للقيم والمبادئ.

من هو المثقف الإكسسوار؟

المثقف الإكسسوار هو ذلك الشخص الذي يمتلك أدوات الثقافة من لغة منمقة ومصطلحات رنانة، لكنه يفتقد لجوهرها الأخلاقي والرسالي. إنه يتعامل مع المعرفة بوصفها وجاهة اجتماعية أو "برستيج" يضفي عليه هالة من الأهمية، وليس كأداة للتغيير أو النقد البناء. وتتجلى عبارة "يحيا بالموت" في أقصى صورها عندما نراقب سلوك هذه الفئة خلال الكوارث الكبرى؛ فهم يقتاتون على الأحداث المأساوية، ويستغلون دماء الضحايا أو انهيار المجتمعات لإعادة تدوير أنفسهم إعلاميًا، مقدمين تحليلات سطحية لا تلامس جذور المشكلات، بل تهدف فقط لحجز مقعد في صدارة المشهد.

السياق التاريخي وتحولات دور المثقف

تاريخيًا، كان المثقف كما عرفه غرامشي بـ "المثقف العضوي" هو ضمير الأمة، الذي يلتحم بقضايا الجماهير ويقود حركات التحرر والتنوير. ولكن مع طغيان النزعة الاستهلاكية وسيطرة ثقافة الصورة، تراجع هذا الدور لصالح "مثقف السلطة" أو "مثقف الشاشات". لقد ساهمت العولمة وتسليع الثقافة في تحويل الأفكار إلى منتجات تخضع لقوانين العرض والطلب، مما سمح بصعود شخصيات هشة ثقافيًا لكنها بارعة تسويقيًا، تستخدم الثقافة كقناع يخفي فراغًا فكريًا مدويًا.

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي

لا يمكن فصل صعود المثقف الإكسسوار عن ثورة الاتصال الرقمي. فقد وفرت منصات التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لنمو هذه الظاهرة، حيث أصبح "التريند" هو المعيار وليس الحقيقة. يسعى هذا النوع من المثقفين إلى ركوب موجات الغضب أو الحزن الجماعي (الموت الرمزي للمجتمع) لكسب التفاعل والانتشار، مستبدلين البحث الرصين بالتغريدات الانفعالية، والمواقف المبدئية بالاستعراض العاطفي المؤقت.

الخطر على الوعي الجمعي

تكمن خطورة هذه الظاهرة في أنها تساهم في "موت المعنى". عندما يتصدر المشهد أشخاص يفتقرون للعمق، يصاب المجتمع بحالة من التضليل وفقدان البوصلة. يصبح الجمهور عاجزًا عن التمييز بين الغث والسمين، وتتحول القضايا المصيرية إلى مجرد مواد للثرثرة الإعلامية التي تنتهي بانتهاء الحدث. إن المثقف الإكسسوار لا يحيي القضايا، بل يساهم في دفنها تحت ركام من الكلمات الجوفاء، مما يستدعي ضرورة إعادة الاعتبار للثقافة الحقيقية والنقد الجاد الذي يبني الحياة ولا يتاجر بالموت.

انطلقت شبكة أخبار السعودية أولًا من منصة تويتر عبر الحساب الرسمي @SaudiNews50، وسرعان ما أصبحت واحدة من أبرز المصادر الإخبارية المستقلة في المملكة، بفضل تغطيتها السريعة والموثوقة لأهم الأحداث المحلية والعالمية. ونتيجة للثقة المتزايدة من المتابعين، توسعت الشبكة بإطلاق موقعها الإلكتروني ليكون منصة إخبارية شاملة، تقدم محتوى متجدد في مجالات السياسة، والاقتصاد، والصحة، والتعليم، والفعاليات الوطنية، بأسلوب احترافي يواكب تطلعات الجمهور. تسعى الشبكة إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتقديم المعلومة الدقيقة في وقتها، من خلال تغطيات ميدانية وتحليلات معمقة وفريق تحرير متخصص، ما يجعلها وجهة موثوقة لكل من يبحث عن الخبر السعودي أولاً بأول.

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الثقافة و الفن

محمد الحلو ينتقد الأغنية الحديثة: غياب الكلمة أفقدنا التأثير

محمد الحلو يشن هجوماً على الأغنية الحديثة مؤكداً أن غياب الكلمة الصادقة أدى لغياب التأثير. تعرف على تفاصيل تصريحاته ورأيه في واقع الموسيقى العربية الحالي.

Published

on

في تصريحات تعكس حرصاً كبيراً على هوية الموسيقى العربية، وجه الفنان الكبير محمد الحلو انتقادات لاذعة لواقع الأغنية الحديثة، مشيراً إلى أن العنصر الأساسي الذي فقدته الساحة الغنائية اليوم هو «الكلمة». وأكد الحلو في حديثه أن تراجع الاهتمام بجودة النصوص الشعرية المغناة أدى بشكل مباشر إلى غياب التأثير الوجداني للأعمال الفنية، مما جعلها سريعة النسيان ولا تترك بصمة في ذاكرة الجمهور كما كان يحدث في الماضي.

أزمة الكلمة وتأثيرها على الذوق العام

أوضح الحلو أن المعادلة الغنائية اختلت في السنوات الأخيرة، حيث أصبح التركيز منصباً بشكل مبالغ فيه على التوزيع الموسيقي والإيقاعات السريعة والصاخبة، على حساب المعنى والمضمون. ويرى الفنان الكبير أن «الكلمة» هي العمود الفقري للأغنية العربية، وهي التي تمنح العمل الفني روحه وقدرته على البقاء. فغياب الكلمة العميقة والمعبرة يعني غياب المشاعر الصادقة، وبالتالي يفقد المستمع حالة «السلطنة» والارتباط الروحي بالأغنية، ليتحول الاستماع إلى مجرد ضجيج عابر لا يمس الوجدان.

محمد الحلو.. رمز جيل العمالقة والزمن الجميل

تأتي هذه التصريحات من قامة فنية كبيرة بحجم محمد الحلو، الذي يُعد أحد أبرز أصوات جيل الوسط في مصر والعالم العربي. نشأ الحلو في بيئة فنية عريقة، فهو سليل عائلة «الحلو» الشهيرة، واستطاع عبر مسيرته الممتدة أن يحجز مكاناً متميزاً بين عمالقة الطرب. اشتهر الحلو بأدائه للأغاني ذات الطابع الطربي الأصيل، وتميز بشكل خاص في غناء تترات المسلسلات الدرامية التي شكلت وجدان المشاهد العربي، مثل «ليالي الحلمية» و«زيزينيا». هذه الخلفية التاريخية تجعل من نقده للواقع الحالي نابعاً من خبرة عميقة ومعايير فنية رفيعة تربى عليها الجمهور العربي.

السياق التاريخي: من عصر الشعراء إلى عصر السرعة

لفهم عمق الأزمة التي يتحدث عنها الحلو، يجب النظر إلى التحولات التي شهدتها صناعة الموسيقى. ففي فترات السبعينيات والثمانينيات، وحتى التسعينيات، كان هناك تعاون وثيق بين المطربين وكبار الشعراء مثل سيد حجاب، وعبد الرحمن الأبنودي، وعبد الوهاب محمد. كانت الأغنية مشروعاً ثقافياً متكاملاً يبدأ من القصيدة. أما اليوم، وفي ظل هيمنة المنصات الرقمية و«التريند»، أصبح الإنتاج الفني محكوماً بمعايير السرعة والاستهلاك اللحظي، مما أدى إلى تهميش دور الشاعر الغنائي وظهور نصوص ركيكة تفتقر للصور البلاغية والمشاعر الإنسانية الحقيقية.

أهمية الحفاظ على الهوية الموسيقية

لا تقتصر أهمية تصريحات محمد الحلو على مجرد النقد الفني، بل تمتد لتشمل بعداً ثقافياً وقومياً. فالأغنية المصرية والعربية كانت دائماً إحدى أهم أدوات القوة الناعمة، والحفاظ على رقي الكلمة هو حفاظ على اللغة والهوية. إن استمرار تدهور مستوى الكلمة قد يؤدي إلى قطيعة معرفية ووجدانية بين الأجيال الجديدة وتراثهم الفني العريق. لذا، فإن دعوة الحلو تمثل جرس إنذار لضرورة إعادة الاعتبار للكلمة الهادفة، ودعوة لشركات الإنتاج وصناع الموسيقى للتوازن بين مواكبة التطور الموسيقي والحفاظ على جوهر الغناء العربي المتمثل في صدق الكلمة وعمق المعنى.

Continue Reading

الثقافة و الفن

مسلسل أب ولكن يجمع محمد فراج وركين سعد في رمضان 2026

تعرف على تفاصيل مسلسل أب ولكن الذي يجمع محمد فراج وركين سعد في رمضان 2026. قراءة في مسيرة النجمين وتوقعات العمل الدرامي الجديد.

Published

on

في خطوة فنية جديدة تثير حماس الجمهور العربي، تم الإعلان رسمياً عن تعاون فني مرتقب يجمع بين النجم المصري محمد فراج والنجمة الأردنية المتألقة ركين سعد، وذلك من خلال مسلسل يحمل عنوان «أب ولكن»، والمقرر عرضه ضمن الماراثون الرمضاني لعام 2026. يأتي هذا الخبر ليؤكد استمرار التحضيرات المبكرة للمواسم الدرامية القادمة، مما يعكس حرص صناع الدراما على تقديم أعمال ذات جودة عالية تتناسب مع ذائقة الجمهور المتطورة.

شراكة فنية واعدة في دراما رمضان

يعد اجتماع محمد فراج وركين سعد في عمل واحد إضافة قوية لقائمة المسلسلات المنتظرة، نظراً لما يتمتع به كلا النجمين من موهبة تمثيلية فريدة وقدرة على تقمص الأدوار المركبة. وينتظر الجمهور بشغف لمعرفة تفاصيل القصة التي ستدور في إطار اجتماعي تشويقي، حيث يشير العنوان المبدئي «أب ولكن» إلى احتمالية تناول قضايا الأبوة والعلاقات الأسرية من زوايا غير تقليدية، وهو النمط الذي برع فيه فراج في سنواته الأخيرة.

مسيرة محمد فراج.. من الأدوار الثانوية إلى البطولة المطلقة

لا يمكن الحديث عن هذا العمل دون التطرق إلى الثقل الفني الذي يضيفه محمد فراج. فقد استطاع فراج خلال العقد الماضي أن يحفر اسمه بحروف من ذهب في الدراما المصرية. من أدواره المميزة في «تحت السيطرة» و«هذا المساء»، وصولاً إلى النضج الفني الكبير في مسلسل «لعبة نيوتن» الذي حقق نجاحاً ساحقاً، ومؤخراً مسلسل «بطن الحوت». يتميز فراج باختياراته الذكية التي تبتعد عن التكرار، مما يجعل وجوده في موسم رمضان 2026 ضمانة لمستوى تمثيلي رفيع.

ركين سعد.. أيقونة النجاح المتصاعد

على الجانب الآخر، تعيش الفنانة ركين سعد حالة من التوهج الفني غير المسبوق. بعد نجاحها اللافت في مسلسل «ريفو» بأجزائه، وتألقها المرعب والمتقن في مسلسل «سفاح الجيزة» الذي تصدر قوائم المشاهدة، أثبتت ركين أنها رقم صعب في المعادلة الدرامية العربية. انتقالها السلس بين الأدوار الهادئة والأدوار النفسية المعقدة يجعل من ثنائيتها مع محمد فراج مادة دسمة للنقاد والجمهور على حد سواء.

أهمية الموسم الرمضاني وتطور الصناعة

يكتسب هذا الإعلان أهميته من كونه جزءاً من الحراك الكبير الذي تشهده صناعة الدراما في مصر والشرق الأوسط. لم يعد موسم رمضان مجرد سباق للعرض، بل أصبح منصة لطرح قضايا اجتماعية شائكة ومعالجات نفسية عميقة. التحضير لمسلسل «أب ولكن» قبل موعد عرضه بفترة طويلة (لعام 2026) يشير إلى توجه شركات الإنتاج نحو أخذ الوقت الكافي في الكتابة والتحضير، لتجنب ضغط التصوير الذي قد يؤثر على جودة العمل، وهو ما يبشر بموسم درامي قوي يعيد للأذهان كلاسيكيات الدراما العربية ولكن برؤية عصرية.

Continue Reading

الثقافة و الفن

إقامة دار القلم: إحياء الخط العربي في جدة التاريخية

مركز الأمير محمد بن سلمان للخط العربي يطلق النسخة الثانية من برنامج إقامة دار القلم في جدة التاريخية بمشاركة 10 فنانين لدمج الأصالة بالمعاصرة والابتكار.

Published

on

إقامة دار القلم: إحياء الخط العربي في جدة التاريخية

في خطوة تعكس التزام المملكة العربية السعودية بالحفاظ على هويتها الثقافية وتطوير فنونها الأصيلة، أطلقت مبادرة مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي النسخة الثانية من برنامج “إقامة دار القلم”. وتأتي هذه المبادرة لتشكل مساحة إبداعية حرة تجمع بين عراقة الماضي ورؤى المستقبل، حيث يجتمع نخبة من الفنانين والخطاطين لاستكشاف فن الخط العربي وإعادة قراءته ضمن سياق معاصر يواكب التحولات الفنية العالمية.

أبعاد ثقافية وتاريخية لفن الخط العربي

لا يمثل الخط العربي مجرد وسيلة للكتابة، بل هو ركيزة أساسية من ركائز الهوية العربية والإسلامية، وفن بصري يمتد تاريخه لقرون طويلة. وتكتسب هذه المبادرة أهمية مضاعفة في ظل الجهود الحثيثة التي قادتها المملكة العربية السعودية لتسجيل الخط العربي على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي. ويأتي دور مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي محورياً في هذا السياق، حيث يسعى لترسيخ مكانة المملكة كحاضنة عالمية للخط العربي، ليس فقط عبر الحفظ والتوثيق، بل عبر التجديد والابتكار الذي يضمن استمرارية هذا الفن للأجيال القادمة.

تفاصيل البرنامج في قلب جدة التاريخية

يمتد برنامج الإقامة لمدة ثمانية أسابيع في رحاب جدة التاريخية (البلد)، الموقع المسجل ضمن التراث العالمي لليونسكو. ويضفي هذا الموقع بعداً جمالياً وروحياً فريداً على تجربة المشاركين، حيث تتناغم خطوط الفنانين مع الرواشين الحجازية والأزقة العتيقة. ويشارك في هذه النسخة 10 فنانين وخطاطين من المملكة وخارجها، تم اختيارهم بعناية للعمل على مشاريع فردية وتعاونية داخل بيئة فنية محفزة تشجع على التجريب والخروج عن المألوف.

محاور البرنامج والأنشطة المصاحبة

يرتكز البرنامج المندرج تحت مظلة وزارة الثقافة على أربعة محاور رئيسية تضمن شمولية التجربة الفنية:

  • دراسة الأصول التقليدية للخط العربي والفنون المصاحبة له لضمان التأسيس المعرفي المتين.
  • استكشاف الممارسات المعاصرة وكيفية توظيف التقنيات الحديثة في الحرف العربي.
  • استشراف آفاق الابتكار المستقبلي وفتح قنوات للحوار الفني.
  • تعزيز التبادل الثقافي بين الفنانين المحليين والدوليين.

ويتضمن الجدول الزمني للبرنامج ورش عمل متقدمة، وجلسات نقدية بناءة، ولقاءات إرشادية فردية، بالإضافة إلى جولات ثقافية وزيارات ميدانية لمراسم فنانين وخبراء محليين، مما يثري المخزون البصري والمعرفي للمشاركين.

الأثر المتوقع والرؤية المستقبلية

تعد هذه البرامج جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية الوطنية للثقافة المنبثقة عن رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى جعل الثقافة نمط حياة ومحركاً للنمو الاقتصادي. ومن المتوقع أن يسهم برنامج “إقامة دار القلم” في رفد المشهد الفني السعودي بأعمال نوعية تبرز مرونة الخط العربي وقابليته للتطور. ويُختتم البرنامج بفعالية “المرسم المفتوح”، التي تفتح أبوابها للجمهور والمهتمين للاطلاع عن كثب على نتاج المشاركين وتجاربهم الإبداعية، مما يعزز التفاعل المجتمعي مع الفنون.

Continue Reading

Trending