في ليلة استثنائية احتضنتها “مدينة الشعر”، شرّف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز، نائب أمير منطقة جازان، الأمسية الشعرية الكبرى التي نظمتها جمعية أدبي جازان، احتفاءً وتكريماً للقامة الأدبية والشاعر الكبير حسن بن أحمد أبوعلة، وذلك في مقر المركز الحضاري بمدينة جيزان.

وشهدت الأمسية حدثاً ثقافياً بارزاً تمثل في إعلان سمو نائب أمير المنطقة عن تسمية المسرح الذي احتضن الفعالية بـ “مسرح الأديب والشاعر حسن أبوعلة”؛ في لفتة تقديرية كريمة تخلد اسم الشاعر في ذاكرة المكان، وتتوج مسيرته الحافلة بالعطاء والتي امتدت لأكثر من ستة عقود، خدم خلالها القصيدة العربية والوطن.

حضور جماهيري وتفاعل لافت

واكتظت جنبات المسرح بجمهور غفير توافد من مختلف محافظات المنطقة، يتقدمهم المثقفون والأدباء ومحبو الشعر، الذين جاؤوا للاحتفاء بتجربة شعرية فريدة. وقدّم المحتفى به خلال الأمسية باقة مختارة من قصائده التي تنوعت بين الوطنية والوجدانية، عاكسةً تمكنه اللغوي وجزالة مفرداته التي وضعته في طليعة شعراء القصيدة العربية الحديثة في المملكة، وسط تفاعل وتصفيق حار من الحضور.

جازان.. منبع الشعر والأدب

وتأتي هذه الأمسية لترسخ المكانة الثقافية العريقة لمنطقة جازان، التي طالما عُرفت تاريخياً بأنها “ولادة للشعراء” ومنبع للأدب الفصيح في الجزيرة العربية. ويُعد هذا التكريم الرسمي من سمو نائب الأمير امتداداً لاهتمام القيادة الرشيدة بدعم الحراك الثقافي، وتعزيز حضور الرموز الوطنية التي ساهمت في تشكيل المشهد الأدبي السعودي والعربي على حد سواء.

مسيرة حافلة وبرامج واعدة

ويُعد الشاعر حسن أبوعلة، المولود في محافظة بيش عام 1941م، أحد أبرز الأصوات الشعرية التي مثلت المملكة في العديد من المحافل والمهرجانات العربية والدولية، تاركاً بصمة واضحة في ديوان الشعر السعودي. من جانبه، أكد رئيس جمعية أدبي جازان، حسن الصلهبي، أن هذه الأمسية تمثل تدشيناً لبرنامج ثقافي شامل تعتزم الجمعية تنفيذه، ويشمل حزمة من الفعاليات السردية والشعرية، والمعارض الفنية، بهدف إبراز المبدعين وتنشيط السياحة الثقافية في المنطقة بما يتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.

في خطوة تعكس التنوع الثقافي والمعرفي الذي يشهده المشهد الثقافي السعودي، يستضيف معرض جدة للكتاب ندوة استثنائية بعنوان «المقامات العربية من منظور فيزيائي»، والتي تأتي ضمن البرنامج الثقافي المصاحب للمعرض. تهدف هذه الفعالية إلى تسليط الضوء على العلاقة الجوهرية والترابط الوثيق بين الفنون الموسيقية والعلوم الطبيعية، مقدمةً طرحاً علمياً يفسر جماليات الموسيقى العربية بلغة الفيزياء.

دمج الفن بالعلم: رؤية جديدة للمقامات

تتناول الندوة المقامات الموسيقية العربية ليس فقط كألحان تطرب الآذان، بل كظواهر فيزيائية تعتمد على الترددات الصوتية، والأطوال الموجية، وكيفية تفاعل هذه الموجات مع حاسة السمع البشرية. يتم خلال هذا الطرح استعراض البنية الهندسية للمقام العربي، وكيف يمكن تفسير “الأرباع الصوتية” التي تميز الموسيقى الشرقية من خلال قوانين الصوتيات والفيزياء الكلاسيكية، مما يفتح آفاقاً جديدة للتفكير النقدي والتحليلي لدى الحضور من المهتمين بالموسيقى والعلوم على حد سواء.

معرض جدة للكتاب: منارة ثقافية شاملة

يأتي تنظيم هذه الندوة في سياق الدور المحوري الذي يلعبه معرض جدة للكتاب كأحد أبرز النوافذ الثقافية في المملكة العربية السعودية والمنطقة. فالمعرض لا يقتصر دوره على كونه سوقاً للكتب والنشر فحسب، بل تحول إلى منصة تفاعلية شاملة تحتضن مئات دور النشر المحلية والعربية والدولية، وتقدم برنامجاً ثقافياً ثرياً يشمل الأمسيات الشعرية، وورش العمل الإبداعية، والندوات الفكرية التي تغطي مختلف مجالات المعرفة.

الجذور التاريخية للعلاقة بين الموسيقى والفيزياء

الربط بين الموسيقى والفيزياء ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لإرث حضاري عريق ساهم فيه علماء العرب والمسلمين بشكل كبير. تاريخياً، برع علماء مثل الكندي والفارابي في دراسة الموسيقى كعلم رياضي دقيق؛ حيث ألف الفارابي كتابه الشهير “كتاب الموسيقى الكبير” الذي وضع فيه أسس النظريات الموسيقية بناءً على نسب رياضية وفيزيائية دقيقة. وتأتي هذه الندوة في جدة لتعيد إحياء هذا الإرث العلمي، مؤكدة على أن الحضارة العربية لطالما كانت سباقة في المنهجيات البينية التي تدمج العلوم بالفنون.

الأثر الثقافي والاجتماعي

تكتسب مثل هذه الفعاليات أهمية خاصة في ظل الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة ضمن رؤية 2030، والتي تهدف إلى تعزيز جودة الحياة وبناء مجتمع حيوي. إن تقديم الموسيقى من منظور علمي يساهم في توسيع مدارك الجمهور، ويشجع الأجيال الجديدة على البحث والابتكار في مناطق التقاطع بين التخصصات المختلفة. كما يعزز هذا التوجه مكانة جدة كوجهة سياحية وثقافية رائدة، قادرة على استقطاب المفكرين والمبدعين من مختلف أنحاء العالم للمشاركة في حوار حضاري بناء.

في انطلاقة سينمائية قوية تعكس شغف الجمهور المصري والعربي بالفن الأصيل، نجح فيلم «الست»، الذي تقوم ببطولته النجمة منى زكي، في فرض سيطرته على شباك التذاكر المصري منذ اللحظات الأولى لطرحه في دور العرض يوم الأربعاء الماضي.

لغة الأرقام: صعود تصاعدي للإيرادات

أثبتت لغة الأرقام نجاح الفيلم جماهيرياً، حيث حقق إيرادات كلية بلغت نحو 7.2 مليون جنيه خلال الأيام الثلاثة الأولى فقط. وجاء هذا الرقم نتيجة إقبال متزايد، إذ بدأ الفيلم يومه الأول بمليوني جنيه، ليرتفع في اليوم الثاني إلى 2.2 مليون جنيه، قبل أن يقفز في اليوم الثالث مسجلاً 3 ملايين جنيه، وهو مؤشر قوي على أن الدعاية الشفهية (Word of Mouth) بين الجمهور تعمل لصالح العمل.

كوكب الشرق: إرث فني وتحدٍ تاريخي

يكتسب فيلم «الست» أهميته القصوى ليس فقط من طاقم العمل، بل من الشخصية المحورية التي يتناولها، وهي «كوكب الشرق» أم كلثوم. تُعد أم كلثوم أيقونة الغناء العربي ورمزاً للهوية الثقافية المصرية في القرن العشرين. وتناول سيرتها الذاتية يضع صناع العمل أمام تحدٍ كبير ومسؤولية تاريخية، خاصة وأن الجمهور لا يزال يتذكر أعمالاً سابقة تناولت حياتها، أبرزها المسلسل الشهير للفنانة صابرين. هذا الإرث الثقيل هو ما يفسر حالة الجدل والترقب التي سبقت عرض الفيلم، حيث يعتبر تجسيد شخصية بهذا الحجم مغامرة فنية محفوفة بالمخاطر ولكنها مضمونة التأثير إذا أُتقنت.

ثنائية مروان حامد وأحمد مراد: رهان الجودة

يأتي الفيلم تتويجاً لتعاون فني مثمر ومستمر بين الكاتب أحمد مراد والمخرج مروان حامد، وهما ثنائي قدم للسينما المصرية في السنوات الأخيرة مجموعة من أضخم الإنتاجات وأكثرها نجاحاً (مثل سلسلة الفيل الأزرق وكيرة والجن). وجود هذا الثنائي يمنح العمل ثقلاً فنياً وبصرياً، حيث يشتهر مروان حامد باهتمامه بأدق التفاصيل البصرية والتاريخية، بينما يتميز مراد بسردياته المشوقة، مما يرفع سقف التوقعات بأن «الست» لن يكون مجرد سرد تاريخي تقليدي، بل تجربة سينمائية متكاملة.

دعم فني في مواجهة الانتقادات

واجه الفيلم موجة من الانتقادات المبكرة فور طرح الإعلان التشويقي، وهو أمر معتاد في الأعمال التي تتناول سير العظماء. إلا أن الوسط الفني أظهر دعماً كبيراً لصناع التجربة. وكان أبرز الداعمين «الكينج» محمد منير، الذي وجه رسالة عبر منصة «X» دعا فيها الجمهور للتريث ومشاهدة العمل قبل الحكم عليه، مؤكداً على قيمة الجهد المبذول في فيلم «الست».

كتيبة من النجوم وضيوف الشرف

يتميز الفيلم بضخامة إنتاجية تظهر جلياً في قائمة النجوم المشاركين. فبجانب الأبطال الرئيسيين: محمد فراج، أحمد خالد صالح، تامر نبيل، وسيد رجب، يزخر العمل بظهور خاص لنخبة من نجوم الصف الأول كضيوف شرف، منهم: كريم عبد العزيز، نيللي كريم، أحمد حلمي، عمرو سعد، آسر ياسين، أمينة خليل، وأحمد أمين، بالإضافة للفنان طه دسوقي. هذا الحشد من النجوم يعكس أهمية المشروع كحدث سينمائي بارز في الموسم الحالي.