أثارت الأنباء المتداولة مؤخراً حول تدهور الحالة الصحية للفنان اللبناني فضل شاكر حالة من الصدمة والقلق الكبيرين بين صفوف محبيه ومتابعيه في العالم العربي. وقد تصدر اسم “ملك الإحساس” محركات البحث ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث يسعى الجمهور لمعرفة حقيقة الوضع الصحي للفنان الذي يعيش ظروفاً استثنائية منذ سنوات.

الوضع الصحي في ظل ظروف العزلة

تشير التقارير إلى أن فضل شاكر يعاني من مضاعفات صحية تتطلب رعاية طبية قد لا تكون متوفرة بالشكل الكافي داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، حيث يقيم منذ سنوات. وتزيد الظروف المعيشية والنفسية الصعبة داخل المخيم، بالإضافة إلى القيود المفروضة على حركته، من تعقيد وضعه الصحي. إن العزلة الطويلة والضغط النفسي المستمر الناتج عن وضعه القانوني المعلق يعتبران من العوامل الرئيسية التي قد تؤثر سلباً على حالته الجسدية.

خلفية تاريخية: من القمة إلى العزلة

لفهم عمق الصدمة لدى الجمهور، لا بد من العودة إلى الوراء قليلاً. كان فضل شاكر يتربع على عرش الأغنية الرومانسية في العالم العربي لسنوات طويلة، محققاً نجاحات ساحقة بألبومات حفرت في ذاكرة الجيل. إلا أن التحول الجذري في مساره عام 2012، بإعلانه الاعتزال لأسباب دينية وسياسية، ومن ثم ارتباط اسمه بأحداث “عبرا” والشيخ أحمد الأسير في عام 2013، شكل نقطة فاصلة في حياته. هذه الأحداث أدت إلى صدور أحكام قضائية غيابية بحقه من القضاء العسكري اللبناني، مما اضطره للتواري عن الأنظار داخل المخيم.

العودة الفنية رغم الحصار

على الرغم من هذه الظروف القاسية والملاحقات القانونية، حاول فضل شاكر في السنوات الأخيرة العودة تدريجياً إلى الساحة الفنية عبر طرح أغانٍ منفردة وألبومات قصيرة (Mini Albums) عبر قناته على يوتيوب، والتي حققت ملايين المشاهدات. هذا النجاح الرقمي أثبت أن قاعدته الجماهيرية لا تزال عريضة ومتشوقة لصوته، وهو ما يفسر حالة الهلع الحالية خوفاً من فقدان صوت طالما ارتبط بمشاعرهم وذكرياتهم.

التأثير والترقب

يبقى الوضع الصحي لفضل شاكر قضية شائكة تجمع بين البعد الإنساني والشق القانوني. فبينما يطالب محبوه بضرورة توفير الرعاية الصحية اللازمة له كحق إنساني، تظل العقبات القانونية والأحكام الصادرة بحقه عائقاً أمام خروجه لتلقي العلاج في مستشفيات متخصصة خارج المخيم دون توقيفه. ويترقب الوسط الفني والإعلامي ما ستؤول إليه الأمور في الأيام المقبلة، وسط تمنيات بالشفاء وتساؤلات حول مستقبل قضيته المعقدة.

في حدث فني وثقافي لافت، أجرت أيقونة الغناء العربي، الفنانة الكبيرة نجاة الصغيرة، زيارة تفقدية إلى العاصمة الإدارية الجديدة بالقاهرة، في أحدث ظهور لها بعد سنوات طويلة من الاحتجاب عن الأنظار، باستثناء ظهورها الأخير في المملكة العربية السعودية. وشملت الجولة زيارة دار الأوبرا الجديدة بمدينة الثقافة والفنون، بالإضافة إلى مقر الهيئة الوطنية للإعلام.

تفاصيل جولة «قيثارة الشرق» في مدينة الفنون

حرصت الفنانة القديرة خلال زيارتها على الاطلاع عن كثب على التجهيزات العالمية للمسرح الكبير ودار الأوبرا بمدينة الثقافة والفنون، التي تُعد صرحاً ثقافياً هو الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط. وقد رافقها في هذه الجولة المهندس خالد عباس، رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية، والكاتب الصحفي أحمد المسلماني، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، واللواء أسامة عبد العزيز، مدير مدينة الثقافة والفنون، حيث استمعت إلى شرح مفصل حول الإمكانيات التقنية والهندسية التي تتمتع بها هذه المنشآت الحديثة.

لقاء الهيئة الوطنية للإعلام ودعم القوى الناعمة

وفي ختام جولتها الميدانية، توجهت نجاة الصغيرة إلى مقر الهيئة الوطنية للإعلام بالعاصمة الإدارية، حيث عقدت لقاءً ودياً مع الكاتب أحمد المسلماني. وتناول اللقاء بحث سبل تعزيز الفنون الراقية ودعم المشروعات الثقافية المستقبلية التي تحتضنها الجمهورية الجديدة، مما يعكس اهتمام الدولة المصرية بربط رموز الفن الأصيل بالمستقبل الواعد.

نجاة الصغيرة.. رمز الزمن الجميل

تأتي هذه الزيارة لتذكرنا بالتاريخ العريق للفنانة نجاة الصغيرة، التي تُعد واحدة من أهم أعمدة العصر الذهبي للأغنية العربية. بدأت نجاة مسيرتها الفنية في سن مبكرة جداً في خمسينيات القرن الماضي، وتميزت بصوت دافئ وإحساس مرهف جعل الشاعر الكبير نزار قباني يصفها بأنها «أفضل من غنى قصائده». تعاونت نجاة مع عمالقة التلحين مثل محمد عبد الوهاب، وبليغ حمدي، وكمال الطويل، وقدمت مكتبة غنائية خالدة تضم روائع مثل «عيون القلب»، «أما براوة»، و«لا تكذبي»، بالإضافة إلى مشاركتها في عدد من الأفلام السينمائية الكلاسيكية التي شكلت وجدان المشاهد العربي.

عودة الأضواء والرمزية الثقافية

يُذكر أن هذا الظهور يأتي بعد أشهر قليلة من مفاجأة نجاة الصغيرة لجمهورها العربي بالظهور في حفل توزيع جوائز «جوي أووردز» (Joy Awards) في الرياض مطلع عام 2024، حيث كُرمت بجائزة الإنجاز مدى الحياة، وقدمت مقطعاً من أغنيتها الشهيرة «عيون القلب» وسط تصفيق حار وتفاعل عاطفي كبير من الحضور، لتكسر بذلك عزلة فنية استمرت لأكثر من عقدين.

وتحمل زيارة نجاة الصغيرة للعاصمة الإدارية دلالات رمزية عميقة، حيث تمثل جسراً يربط بين عراقة الفن المصري الأصيل وبين الحداثة والتطور العمراني والثقافي الذي تشهده مصر حالياً، مؤكدة أن الصروح الجديدة تستمد قيمتها من احتضانها لرموز الإبداع.

تتجه أنظار عشاق السينما المصرية والعربية نحو الحدث الفني الأبرز حالياً، وهو التحضير لفيلم «الست» الذي يتناول سيرة أيقونة الطرب العربي «أم كلثوم»، حيث تلعب النجمة منى زكي دور البطولة في تجربة تعد الأهم والأكثر جرأة في مسيرتها الفنية. ويأتي هذا العمل ليجمع كوكبة من كبار نجوم السينما كضيوف شرف، مما يضفي ثقلاً فنياً كبيراً على المشروع الذي يحظى بدعم إنتاجي ضخم.

طاقم عمل استثنائي ورؤية إخراجية جديدة

لا يعتمد فيلم «الست» فقط على نجومية منى زكي، بل يشهد مشاركة واسعة لنخبة من نجوم الصف الأول الذين يجسدون شخصيات عامة وفنية عاصرت كوكب الشرق. ويقود هذا العمل المخرج الكبير مروان حامد، المعروف برؤيته البصرية المبتكرة، عن نص للكاتب أحمد مراد. هذا التعاون الثلاثي بين زكي وحامد ومراد يرفع سقف التوقعات، خاصة أن العمل يسعى لتقديم سيرة أم كلثوم بمنظور إنساني وفني يختلف عما قدم سابقاً في الدراما التلفزيونية.

أم كلثوم.. رمز فني يتجاوز الحدود

تعد أم كلثوم، أو فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي، ظاهرة فنية لم تتكرر في تاريخ الموسيقى العربية. فهي لم تكن مجرد مطربة، بل كانت صوتاً يعبر عن وجدان الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج. عاشت «الست» تحولات سياسية واجتماعية كبرى، من العهد الملكي مروراً بثورة يوليو وحتى السبعينيات، وكان لها دور وطني بارز من خلال حفلاتها لدعم المجهود الحربي. لذا، فإن تناول سيرتها لا يقتصر على الجانب الغنائي، بل هو توثيق لحقبة زمنية هامة في تاريخ مصر والمنطقة العربية.

تحديات المقارنة والأعمال السابقة

يضع هذا الفيلم النجمة منى زكي في مواجهة تحدٍ صعب، يتمثل في المقارنة الحتمية مع الأعمال السابقة التي تناولت حياة كوكب الشرق، وأبرزها المسلسل الشهير «أم كلثوم» الذي قامت ببطولته الفنانة صابرين وحقق نجاحاً ساحقاً لا يزال عالقاً في أذهان الجمهور. إلا أن السينما تمتلك أدوات مختلفة وتقنيات حديثة في المكياج والتصوير قد تمنح العمل الجديد أبعاداً أكثر عمقاً وواقعية، مما يتيح للجيل الجديد التعرف على أسطورة الغناء العربي بصورة عصرية.

أهمية الحدث وتأثيره الثقافي

يكتسب فيلم «الست» أهميته من كونه مشروعاً لإحياء التراث الفني العربي وتقديمه بمعايير عالمية. ومن المتوقع أن يحدث الفيلم حراكاً ثقافياً واسعاً عند عرضه، ليس فقط في مصر بل في كافة الدول العربية، نظراً للمكانة المقدسة التي تحتلها أم كلثوم في القلوب. كما يمثل العمل خطوة هامة في توثيق سير العظماء باستخدام أحدث تقنيات الصناعة السينمائية، مما يضمن خلود هذه السير للأجيال القادمة.