Connect with us

ثقافة وفن

عن بعض مفكرينا الذين كتبوا «الشعر» فارتادوا أرضاً ليست لهم!

هناك من هبطوا على وادي عبقر في ليلة ظلماء من علياء ولم يتذكروا ما قاله أشعر شعراء العرب أمرؤ القيس:وَما ذَرَفَتْ

هناك من هبطوا على وادي عبقر في ليلة ظلماء من علياء ولم يتذكروا ما قاله أشعر شعراء العرب أمرؤ القيس:

وَما ذَرَفَتْ عَيناكِ إلا لتَضْرِبِي.. بسَهمَيك في أعشار قَلبٍ مُقَتَّلِ

وأن الشعر ليس بقولٍ مرسل بل إحساس غامض ينطق ورؤيا تكشف ولغة تشكل صورًا فنية جديدة في انزياحٍ عن واقعها.

بالتأكيد لم يغفلوا كل ذلك، ولم تكن لهم القدرة على المغامرة على ولوج مضايق الشعر والإبحار في أرخبيلات اللغة وأدغالها.

وعندما لم يستطيعوا أن يأتوا إلى الشعر من مضايقه، لم يكتبوا شيئًا ذا قيمة فنية جمالية، بل فيما كتبوه لم يجترحوا استعاراتٍ أو مجازات أو تأويل التعبير عن رؤيتهم، وليس رؤياهم بل كان القول الشعري أقرب ما يكون إلى السذاجة التعبيرية أو المباشرة القولية المنثورة بطريقة الشعر.

ذكرني بذلك ما نشره الصديق الشاعر عبدالمحسن يوسف في صفحته بـ(الفيس بوك) بعضًا من أشعار المفكر المصري الراحل عبدالوهاب المسيري، وعند قراءتها بالفعل كانت كتابة لا تليق بقامته الفكرية، أو ربما كانت محاولات أولى متعثرة استغل ناشر تاجر سمعة الرجل الفكرية فأعلنها للملأ طمعًا للكسب والربح، على حدّ قول الصديق عبدالمحسن، وربما لو كان بيننا كاتبها -رحمة الله- لما جرؤ ونشرها بهذه الصياغة الركيكة.. أو لأنكرها بحالٍ من الأحوال وأبقاها في درج النسيان.

وهذا لا يقلل من قيمة مفكرنا؛ فهو واحد من البحاثة العظام في مكونات التاريخ اليهودي، وكتب موسوعته الشهيرة عنهم، بل أبدع في الكتابة الرصينة في كتابه الشهير: (الأيديولوجية الصهيونية) منبهًا لنا عن خطورة هذا الفكر الإجرامي وتأثيراته التاريخية على الواقع السياسي والاجتماعي العربي.. وهو محب للشعر الإنجليزي الرومانتيكي وله ترجمات في هذا الشعر.

ولماذا نذهب بعيدًا؟.. فهناك مفكرون حاولوا اقتراف مثل هذه المحاولات الشعرية الهزيلة، فلم ينجحوا أن يتركوا أثرًا جماليًا للمعنى والرؤيا مثالًا له، ما كتبه من شعرٍ مفكرنا الراحل محمود أمين العالم الذي كان له ديوانان مغموران أذكر أحدهما (قراءة في جدران زنزانة) فأنكره خجلًا في مرحلة لاحقة وهو الناقد الكبير المرموق الذي تناول فيما بعد بالدراسات النقدية والفلسفية والنظرية العميقة تجارب عدد من شعراء مصر كحلمي سالم أو عفيفي مطر أو رفعت سلام وغيرهم.

ومن قراءتنا لقصيدة من قصائد هذا الديوان:

«ما إن فتح الباب السجان

حتى اقتحمت قبوي طفلتان،

الطفلتان ماردان انطلقا يحولان قبوي المختنق زوبعة··

بركان يشعل الجدران والأركان ساحة مهرجان تضج بالعطور والحضور والشعور

والضوضاء بالألوان بالجديد بالقديم بالمألوف بالمحال بالإمكان

باللطائف الرهائف الرقائق الدقائق الثوان

ويزخر المكان بالمكان ويمتطي المكان صهوة الزمان ثم.. ينطلقان».

وقراءتنا لقصيدة أخرى:

«حبيبتي أهدت إليّ ساعة يا ليتها تدري مصير الهدية فقاسمتني صمت زنزانتي

لكنها في الصمت أغنية تدور بي في فلك دقاتها رتيبة حزينة شجية لكني أبصر في مينائها بواخر الأشرعة المطوية

انظر فيها فأرى وقتين وقتًا جامدًا كأنه المنية وآخر··

مضى، وما انقضى يبهجني بخضرة أبدية».

يتضّح مدى الرتابة والركاكة اللغوية اللتين كتبت بهما هاتين القصيدتين وفقر الصور الجمالية ومباشرة التعبير الانفعالي وواقعيته الصارخة التي لم تحتمل أبعادًا تخيلية جديدة للمعنى ودلالات مبتكرة تعمق الحالة الشعرية وتمنح للمعنى الجمالي تأويلاته المتعددة وغناه الصوري والفني.

كما يحضر في الذاكرة المحاولات الشعرية الخجولة لمفكر استثنائي مرموق آخر (مهدي عامل) في ديوانين أيضًا (فضاء النون) و( تقاسيم على الزمان) اللذين كانا تعبيرًا عن حالة انفعالية وعقلية لم ينجح «الشاعر» أن يأخذنا من خلالها إلى ضفاف المعنى الشعري التخييلي بقدر ما أعاد صياغة الرؤية الفكرية بلغة تتوسل الشعرية بشكل غير مقنع.

نقرأ له مثلًا:

«للسوق الصبح

وللجامعة العصر

وللتعب اليومي جميع الوقت.

متى يبتدأ نهاري؟

أتأبط أسئلتي

وأهاجر

لا مأوى إلا مملكة العينِ.

أنا المتعدد في أقنعتي

أتوحد في الليل

إنه التاريخ يلعب لعبتي ويدي تؤسس للفراغ».

ونقرأ أيضًا:

«غرفة زرقاء

ذاكرة

فتات العمر

وحدي

والسماء حبيسة في قاع كأسي

لمن الكتابة في دخان الليل؟

يسكب الفراغ علي

يسكبني الفراغ في الوقت

بين الموت والذكرى

أسمع ليلًا في صدر يسمع ليلًا يحضر.

فماذا غير ثقب في جدار الموت

ماذا غير نافذة الفراغ؟»

وطبعًا حين نقرأ محاولاتٍ شعرية، كهذه ينتابنا الضحك الفكري قبل أن يصيبنا البكاء الوجداني في أن ما كتبه مفكرنا ليس شعرًا حقيقيًا، بل رؤى فكرية موزعة ومتشظية في صياغات شعرية متعثرة.

مهدي عامل مفكر ذاع صيته في وقته وأجمل كتبه في نظري وأمتعها وأقربها للغة الشعر هو كتاب «نقد الفكر اليومي».

أما بقية كتبه فلم تصمد مع الزمن المعاصر، ولم يتبقَ منها ما يمكن أن تكون لها مرجعية معرفية ذات راهنية معاصرة؛ لأنها كتبت وارتبطت بواقعها السياسي آنئذ ومتغيراته، تمامًا كشعره المتواضع الذي ارتبط بحالته الفكرية آنذاك، وليس بحالته الجمالية.. والتخيلية.

وهناك استثناءات بالتأكيد، وأدونيس واحد من هؤلاء المفكرين والنقاد والمنظرين الاستثنائيين الذين كتبوا الشعر وتركوا أثرًا ملموسًا، بل أحدث شعره زلزالًا جماليًا ما زالت توابعه اللغوية تسري في جسد القصيدة العربية.. فلماذا نجح أدونيس ولم ينجح غيره؟

لأن أدونيس لم يأتِ إلى الشعر من حقله الفكري، ولم تنطلق لغته الشعرية من المكوّن الفكري الداخلي وحده، وهو الذي جاء الى الفكرِ والبحث من بابه الشعري ولم يأتِ الى الشعر من بابه الفكري، برغم ما نلمسه في شعره من لمحاتٍ فلسفية وشطحات صوفية، بل وسياسية أيضًا.

من ضفاف الشعر، حلّق أدونيس في فضاء الفكر والنظرية الشعرية التي انتضت رؤاها وملامحها في سياقاته الشعرية كلها.

ومن ضفاف الشعر تطلّع نحو أفقه الفكري، ومن هذ الأفق اخترق مضائق الشعر مجددًا ومجددًا وكتب قصيدته الاستثنائية.

أما كاتب العبقريات عباس محمود العقاد، فأميل إلى نتاجه الفكري الغزير أكثر من ميلي إلى شعره الذي أثار جدلًا كبيرًا في وقتها، فهناك من لم يعدّه شاعرًا، وآخرون اعتبروه شاعرًا مجددًا، وإنني في الحقيقة أعده ناظمًا شعريًا جيدًا وشعره مرآة صقيلة لأفكاره، ولغته الشعرية جافة تفتقد للرواء الوجداني والروح المحلّقة.. وقد اختلفت مع والدي -رحمه الله- ذات نقاشٍ محتدم بيني وبينه وخاصمني شهرًا وعدني لا أفهم في الشعر حين قلت له: «أين الصور الفنية؟، أين الاستعارات والمجازات المحلقة؟، أين المشاعر والأحاسيس في لغته المجردة؟.. أنا لا أرى إلاّ تقفيات، وسبكًا وصياغة لغوية ونظمًا لأفكار فلسفية ورؤى مستمدّة من وعيه العقلي المجرد ومن الحياة اليومية المباشرة».

لنقرأ مثلًا هذا المقطع من شعره:

«مُقفرات مُغلقات مُحكمات

كلَ أبواب الدكاكين على كل الجهات

تركوها – أهملوها

يوم عيد عيدوه – ومضوا في الخلوات

البدار! ما لنا اليوم قرار

أي صوت ذاك يدعو الناس من خلف الجدار

أدركوها.. أطلقوها

ذاك صوت السلع المحبوس في الظلمة ثار».

أو هذا المقطع:

“حط على الغصن وانحدر أقل من لمحة البصر

مغردًا قط ما توانى مرفوفًا قط ما استقر

كخفة الطفل في صباه لكنها خفة العمر

وروده تعبة فأخرى من خوف الطائر الصدر

يقارب السحب ثم يهوى يبشر الروض بالمطر

أصدق من سار في سرار بين الحيا العذب والشجر».

فهي كالمعاني ملقاة على الطريق كما قال الجاحظ فألبسها العقاد حُليًا من لغته المجردة الجافة.

Continue Reading

ثقافة وفن

عابد البلادي.. صوت «الكسرة» في الأغنية الشعبية

حين يُذكر التراث الشعبي الحجازي، يقف اسم عابد البلادي شامخاً، كشجرة عتيقة تغذت من تربة المكان، وارتوت من وجدان

حين يُذكر التراث الشعبي الحجازي، يقف اسم عابد البلادي شامخاً، كشجرة عتيقة تغذت من تربة المكان، وارتوت من وجدان الناس، لتنبت أغنيةً مختلفة، تحفظ اللهجة، وتحاكي الوجدان، وتبث نغمة الكسرة في روح الأغنية الشعبية.

ولد البلادي 1955، فكان للفطرة نصيبها من صوته، وللبيئة أثرها في وجدانه. لم يكن عابراً في الساحة الغنائية، بل كان مشروعاً فنياً حقيقياً؛ أعاد تعريف العلاقة بين الشعر الشعبي والغناء، خصوصاً من خلال توظيفه لفن «الكسرة»، الذي كان حتى ذلك الوقت حكراً على المجالس واللقاءات الضيقة.

الكسرة، ذلك النبض اللفظي المكثف، اختزلت أحاسيس البسطاء في أبيات قصيرة، تتسرب إلى القلب دون استئذان. جاء عابد البلادي ليحملها من عزلتها، ويمنحها صوتاً ولحناً وأفقاً واسعاً. لم يغن الكسرة فحسب، بل أعاد تشكيلها؛ فابتكر لها إيقاعاً جديداً، ومزجها بألحان شعبية عذبة، جعلتها تصل إلى الجمهور بألوانه كافة، من جدة إلى الرياض، ومن القرى الصغيرة إلى المدن الكبرى.

أغانٍ مثل «أنا ونومي»، و«يا ناس راح المحبة»، لم تكن مجرد محاولات لتقديم لون جديد، بل كانت ثورة صامتة أعادت الاعتبار للكسرة كفن قائم بذاته، قادر أن يحيا داخل الأغنية الشعبية الحديثة دون أن يفقد خصوصيته أو طعمه الحجازي الأصيل.

في مسيرته، تجاوز عابد البلادي 250 أغنية، كثير منها حوى بصمته الكسراوية الفريدة. لم يكن فقط صوت مرحلة، بل صانع مسار، ترك أثره في الأجيال التي جاءت بعده. ولأن التراث الشعبي في نظره لم يكن مادة استهلاك أو ترفاً عابراً، حمله على كتفيه، وغناه للناس، وسجله للتاريخ.

اليوم، يقف عابد البلادي، كأحد رموز الأغنية الشعبية السعودية، كمن حمل هم «الكسرة» فجعلها تغني، وأعطاها من صوته وفنه عمراً جديداً.

في زمن تذوب فيه الملامح الفنية الأصيلة، تبقى تجربة البلادي، درساً في الوفاء للتراث، والقدرة على تجديده دون تشويهه؛ صوتاً لا يزال يردد بيننا الكسرة كما يجب أن تكون: قصيرة، عميقة، وصادقة.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

ثقافة وفن

أصالة تدعم بوسي شلبي في أزمتها مع أبناء محمود عبدالعزيز.. ماذا قالت؟

دعمت المطربة السورية أصالة، الإعلامية المصرية بوسي شلبي في أزمتها الأخيرة مع ورثة الفنان الراحل محمود عبد العزيز،

دعمت المطربة السورية أصالة، الإعلامية المصرية بوسي شلبي في أزمتها الأخيرة مع ورثة الفنان الراحل محمود عبد العزيز، بشأن ما إذا كانت طليقته أم أرملته.

وعبر حسابها الشخصي بمنصة «إنستغرام»، نشرت أصالة صورة تجمعها بالإعلامية بوسي شلبي، وكتبت في التعليق: «من وقت طويل بستنى أحكي عن هالست وأعطيها جزء من حقها ومثل كتير أشياء بتروح أو بتتأجّل لوقت مناسب».

وأكدت أصالة أن بوسي شلبي استقبلتها في منزلها عدة مرات منذ استقرارها في مصر، قائلة: «من يوم ما جيت على مصر العظيمة وكان كلى سعادة وشرف الاستقرار على أرضها وبين ناسها منهم هذه السيدة الطيبة اللي دائما بتبهرني باهتمامها بناس كتير الحياة امتحنتهم بمرض وباحتياج، وبعرفها زوجة ما في أوفى منها».

أخبار ذات صلة

وفي الأيام الأخيرة، خرج ابنا الفنان الراحل محمود عبدالعزيز، كريم ومحمد، ليفجّرا مفاجأة من العيار الثقيل بإبرازهما حكم محكمة يؤكد أن مقدمة البرامج بوسي شلبي لم تكن زوجة لوالدهما وقت وفاته، بل كانت طليقته منذ 1998، وبالتحديد بعد شهر ونصف من زواجهما.

Continue Reading

ثقافة وفن

حلا شيحة تطلق قناة على «إنستغرام» وتقدم لجمهورها محتوى حصرياً

فاجأت الفنانة حلا شيحة، جمهورها بخطوة جديدة من خلال إعلانها إطلاق محتوى خاص وحصري للمشتركين فقط على حسابها الشخصي

فاجأت الفنانة حلا شيحة، جمهورها بخطوة جديدة من خلال إعلانها إطلاق محتوى خاص وحصري للمشتركين فقط على حسابها الشخصي بمنصة «إنستغرام»، بمقابل مادي قدره 249 جنيهاً شهرياً.

ويحصل المشاركون على مجموعة من الميزات من بينها إشارة مخصصة تظهر بجانب أسمائهم، إضافة إلى محتوى حصري لا يتاح لغير المشتركين، وإمكانية الانضمام إلى مجموعات للتواصل الاجتماعي، والرسائل الجماعية المباشرة معها.

كما تشمل المزايا دعوات لحضور مناسبات ولقاءات شخصية معها، بجانب العديد من المفاجآت، دون الكشف عن نوعية المحتوى الذي ستقدمه بالفترة القادمة.

وفي الأشهر الماضية، أعلنت حلا شيحة عن تقديمها «بودكاست» في فكرة جديدة، تروي من خلاله قصتها مع الحجاب والتمثيل والعديد من الأمور التي مرت بها.

أخبار ذات صلة

وشاركت حلا شيحة جمهورها صورتين وهي مرتدية الحجاب، عبر حسابها الشخصي بموقع «إنستغرام»، وأرفقت الصور بتعليق: «إن شاء الله هعمل Podcast أتكلم فيه عن تجربتي، لأن أكيد شبه ناس كتير».

يُعد مسلسل «إمبراطورية ميم»، آخر أعمال حلا شيحة وعرض في موسم رمضان 2024، وجمعها بالنجم خالد النبوي، من تأليف محمد سليمان عبدالمالك، وإخراج محمد سلامة.

وضم العمل مجموعة من الفنانين، منهم نشوى مصطفى، نور النبوي، محمود حافظ، محمد محمود عبدالعزيز، مايان السيد، هاجر السراج، وليلى عز العرب وغيرهم من النجوم.

وفي السينما، كان آخر ظهور لها بفيلم «مش أنا»، الذي عرض بالسينما في 2021، وقدمت حلا دور البطلة أمام الفنان تامر حسني، وضم العمل مجموعة من النجوم أبرزهم ماجد الكدواني، إياد نصار، سوسن بدر، شيرين، محمد عبدالرحمن، وآخرين.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .