التوترات الدولية حول الملف النووي الإيراني: دعوات للتفاوض وتحذيرات من التصعيد

في خطوة جديدة ضمن سلسلة التوترات المستمرة حول الملف النووي الإيراني، أعلنت إيران استعدادها للتوصل إلى اتفاق نووي جديد يراعي مصالح وحقوق الشعب الإيراني. جاء هذا الإعلان بعد ساعات من مطالبة دول “الترويكا” الأوروبية (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا) مجلس الأمن الدولي بإعادة تفعيل العقوبات على طهران.

إيران تدعو لاتفاق جديد

أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي اليوم (الجمعة) عن استعداد بلاده للتفاوض بشأن اتفاق نووي جديد. وفي رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أكد عراقجي عبر قناته على “تيلغرام” أن إيران ملتزمة بالتعاون الدبلوماسي البنّاء للوصول إلى اتفاق جديد. وأوضح أن الاتفاق يجب أن يراعي حقوق طهران ومصالحها وفقاً لمعاهدة حظر الانتشار النووي، مع الأخذ في الاعتبار المخاوف المشتركة والعقوبات المفروضة التي تؤثر على حياة الشعب الإيراني ورفاهه.

ردود فعل دولية متباينة

في المقابل، نددت روسيا بقرار دول الترويكا الأوروبية إعادة تفعيل آلية إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة المعروفة بـ”سناب باك” على إيران. واعتبرت موسكو أنه لا يوجد سند قانوني يمنح الدول الثلاث هذه الإمكانية، محذرة من عواقب وخيمة قد تنجم عن هذه الخطوة التي وصفتها بأنها عامل خطير لزعزعة الاستقرار وتقويض الجهود المبذولة لإيجاد حلول تفاوضية.

وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن إدانتها الشديدة لهذه الإجراءات الأوروبية ودعت المجتمع الدولي لرفضها. واتهمت الدول الأوروبية بمحاولة التلاعب بأحكام قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 واستغلال آلية سناب باك لتصفية حسابات سياسية مع طهران.

السياق التاريخي والسياسي

يعود الخلاف حول البرنامج النووي الإيراني إلى سنوات طويلة مضت، حيث تسعى القوى الدولية لضمان عدم تطوير إيران لأسلحة نووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها. وقد تم توقيع الاتفاق النووي المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2015 بين إيران ومجموعة (51)، إلا أن الولايات المتحدة انسحبت منه في عام 2018 تحت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، مما أدى إلى تصاعد التوترات وإعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران.

الموقف السعودي والدور الإقليمي

تلعب المملكة العربية السعودية دورًا محوريًا في المنطقة وتسعى لتعزيز الاستقرار الإقليمي من خلال دعم الجهود الدبلوماسية الرامية لحل النزاعات بالطرق السلمية. وتؤكد الرياض باستمرار على أهمية الالتزام بالمعاهدات والقرارات الدولية لضمان أمن واستقرار المنطقة.

تحليل وتوقعات مستقبلية

إن الدعوة الإيرانية للتفاوض قد تمثل فرصة لإعادة إحياء المفاوضات الدبلوماسية إذا ما تم التعامل معها بجدية من قبل الأطراف المعنية.

ومع ذلك، فإن التحركات الأوروبية الأخيرة تشير إلى تعقيدات إضافية قد تواجه عملية التفاوض. يبقى السؤال المطروح هو مدى قدرة الأطراف الدولية على تجاوز الخلافات الحالية والوصول إلى صيغة توافقية تلبي تطلعات جميع الأطراف المعنية وتضمن استقرار المنطقة بشكل مستدام.