استقالات وزارية في هولندا بسبب الخلاف حول سياسة الحكومة تجاه إسرائيل

شهدت حكومة تصريف الأعمال الهولندية موجة من الاستقالات بين وزرائها المنتمين إلى حزب “العقد الاجتماعي الجديد” (NSC)، وذلك على خلفية خلافات حادة بشأن سياسة الحكومة تجاه إسرائيل، خاصة فيما يتعلق بحربها على قطاع غزة. تأتي هذه التطورات بعد استقالة وزير الخارجية كاسبار فيلدكامب، الذي كان يشغل سابقًا منصب السفير الهولندي في تل أبيب.

خلفية الأزمة السياسية

أوضح فيلدكامب أن استقالته جاءت نتيجة عدم قدرته على التوصل إلى اتفاق حول إجراءات ملموسة للرد على أفعال إسرائيل في غزة. وأشار إلى أنه واجه اعتراضات متكررة من زملائه في الحكومة على الإجراءات التي كانت هولندا قد فرضتها بالفعل، وفقًا لما نقلته وكالة “بلومبيرغ”.

بعد استقالة فيلدكامب، تبعه عدد من الوزراء الآخرين من الحزب نفسه، بما في ذلك وزير الشؤون الاجتماعية إيدي فان هيوم، ووزيرة الداخلية جوديث أوترمارك، ووزيرة التعليم إيبو بروينز، ووزيرة الصحة دانييل يانسن، بالإضافة إلى أربعة وزراء دولة آخرين.

المواقف المختلفة داخل الحكومة

صرح وزير الشؤون الاجتماعية إيدي فان هيوم بأن الخلاف حول إسرائيل كان السبب الرئيسي وراء انسحابهم من الائتلاف الحاكم الهش الذي يدير البلاد منذ انهيار الحكومة السابقة في يونيو الماضي. وأضاف أن الوزير المستقيل كاسبار فيلدكامب كان يشعر بضرورة اتخاذ مزيد من الإجراءات ضد الحكومة الإسرائيلية، لكن محاولاته كانت تُواجه بمعارضة مستمرة.

من جهتها، أكدت نيكولين فان فرونهوفن، زعيمة حزب “العقد الاجتماعي الجديد”، أن الحزب وجه رسالة واضحة بضرورة تحسين الوضع الحالي مع إسرائيل. ومع عدم حدوث أي تغيير ملموس، قرر الحزب اتخاذ خطوات حاسمة الآن.

ردود فعل رئيس الوزراء والتحديات المستقبلية

أعرب رئيس الوزراء ديك شوف عن أسفه لانسحاب حزب “العقد الاجتماعي الجديد” من الحكومة خلال كلمة ألقاها أمام البرلمان. وأكد ضرورة احترام هذه القرارات رغم الأسف العميق عليها نظرًا للمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق الحكومة خلال هذه المرحلة الانتقالية الحساسة.

وأشار شوف إلى أنه سيطلب المشورة قبل اتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع حكومة لا تملك سوى 31 مقعدًا من أصل 150 مقعدًا في البرلمان الهولندي. هذا الوضع يعكس تحديات كبيرة تواجهها الحكومة الحالية فيما يتعلق بتشكيل ائتلاف حكومي قادر على إدارة البلاد بفعالية وسط الانقسامات السياسية الحالية.

تحليل وتوقعات مستقبلية

تعكس هذه الاستقالات حالة الانقسام السياسي العميقة داخل هولندا بشأن السياسة الخارجية تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. كما تسلط الضوء على التحديات التي تواجه الحكومات الأوروبية عند محاولة الموازنة بين الضغوط الداخلية والمواقف الدولية المعقدة.

في السياق الأوسع, يمكن لهذه التطورات أن تؤثر بشكل كبير على السياسة الخارجية لهولندا ودورها التقليدي كوسيط محايد في النزاعات الدولية. ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة جهودًا مكثفة لإعادة تشكيل التحالفات السياسية واستعادة الاستقرار الحكومي بما يتماشى مع التوجهات الشعبية والسياسية المتغيرة.