تحول السياسة الصينية تجاه العملات المشفرة

في خطوة تعكس تحولاً استراتيجياً في السياسة الاقتصادية، تدرس الحكومة الصينية السماح باستخدام عملات رقمية مستقرة مرتبطة باليوان على نطاق عالمي. هذا التوجه يمثل تغييراً جذرياً في سياسة بكين التي كانت قد حظرت تداول وامتلاك العملات الرقمية منذ عام 2021 بسبب مخاوف تتعلق بالاستقرار المالي.

تأتي هذه الخطوة في سياق سباق دولي متصاعد للسيطرة على قطاع العملات الرقمية، حيث تحاول قوى اقتصادية كبرى مثل الولايات المتحدة والصين تعزيز مكانة عملاتها الوطنية في الأسواق العالمية.

السياق الدولي وتأثيره على الصين

تشير التقارير إلى أن العملات المستقرة المدعومة بالدولار الأمريكي تستحوذ حالياً على 99 من السوق العالمية. هذا الوضع يضع ضغطاً كبيراً على الدول الأخرى، بما فيها الصين، لدخول هذا السباق وتعزيز مكانة عملاتها المحلية.

إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب كانت قد بدأت بالفعل في وضع إطار قانوني للعملات الرقمية، مما يعكس أهمية هذه الأصول في الاقتصاد العالمي المتغير. ومن هنا يأتي التحرك الصيني كمحاولة لموازنة النفوذ الأمريكي المتزايد في هذا القطاع.

التأثير المحلي والدولي لليوان الرقمي

بحسب الخطة الأولية، ستكون هونغ كونغ وشنغهاي من أوائل المدن التي ستطبق مشروع اليوان الرقمي. يُتوقع أن يزيد استخدام اليوان الرقمي في المراكز التجارية الكبرى قبل طرحه دولياً، مما سيعزز من قدرة الصين على التأثير في الأسواق المالية العالمية.

قطاع العملات المستقرة تبلغ قيمته حالياً 247 مليار دولار مع توقعات بارتفاعه إلى تريليوني دولار بحلول عام 2028. هذه الأرقام تعزز من حافز الصين لدخول السباق مبكراً والاستفادة من النمو المتوقع لهذا القطاع.

التوقعات المستقبلية والآثار الاقتصادية

إذا نجحت الصين في تنفيذ خطتها لإطلاق اليوان الرقمي بشكل فعال، فقد يؤدي ذلك إلى تعزيز مكانة اليوان كعملة احتياطية عالمية. كما يمكن أن يسهم ذلك في تقليل الاعتماد العالمي على الدولار الأمريكي ويزيد من تنويع النظام المالي الدولي.

على المستوى المحلي, يمكن أن يسهم استخدام اليوان الرقمي في تحسين الشمول المالي وزيادة الكفاءة الاقتصادية داخل الصين نفسها. كما قد يساعد الحكومة الصينية في مراقبة التدفقات المالية بشكل أكثر دقة وتحقيق الاستقرار المالي الذي تسعى إليه.

الخلاصة والتوصيات

التحرك الصيني نحو العملات الرقمية المستقرة, إذا تم تنفيذه بنجاح, يمكن أن يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي ويمنح الصين نفوذاً أكبر في الأسواق الدولية. ومع ذلك, يجب مراقبة التطورات بعناية لضمان تحقيق التوازن بين الابتكار والاستقرار المالي.