Connect with us

السياسة

الشرع.. وإستراتيجية «ضبط النفس»

كانت الأوساط العلوية تتوقع مجازر ودماء تملأ شوارع الساحل السوري بعد وصول «هيئة تحرير الشام» إلى الحكم وسقوط بشار

Published

on

كانت الأوساط العلوية تتوقع مجازر ودماء تملأ شوارع الساحل السوري بعد وصول «هيئة تحرير الشام» إلى الحكم وسقوط بشار الأسد، إلا أن المفاجأة التي يعترف بها طيف واسع من العلويين هي حالة ضبط النفس التي تحلت بها الإدارة السورية الجديدة، التي استندت إلى إستراتيجية «اذهبوا فأنتم الطلقاء».

شكلت هذه الإستراتيجية صيغة جديدة وسمة من سمات الدولة السورية، بسبب ميل نظام الرئيس أحمد الشرع إلى طي صفحة الدم في سورية والدخول في مرحلة سياسية جديدة عنوانها هدوء المجتمع والتعامل مع التاريخ على أنه خطأ لا بد أن ننساه.

بعد مرور أربعة أشهر، قلب فلول النظام السوري هذه المعادلة ودفعوا القيادة السورية الجديدة إلى استخدام القوة بعد أن كادت مناطق الساحل السوري أن تقع بيد الفلول، وكان رد الفعل قوياً وصادماً لهذه القوى المهزومة ووقعت أحداث الساحل في السادس من مارس الماضي، التي اعترفت بها السلطة الجديدة في دمشق وأنها كانت خارجة عن إرادتها نتيجة تعدد القوى الفصائلية على الأرض، وذهبت دمشق إلى تشكيل لجنة تقصي الحقائق التي تستعد لنشر نتائج التحقيق.

قفزة سياسية ناجحة

بعد أربعة أيام من أحداث الساحل، قفز الرئيس الشرع قفزة سياسية ناجحة أطفأت نار أحداث الساحل بتوقيع اتفاق 10 مارس مع قائد قوات سورية الديموقراطية (قسد) مظلوم عبدي، هذا الاتفاق الذي أسس لمنهج جديد للتعامل مع شمال شرق سورية يقوم على التهدئة والتفاوض تدريجياً للتوصل إلى صيغة مقبولة من الدولة السورية، وبالفعل تم نزع الرصاص من المسدسات وبدأ مسار تفاوضي جديد على أساس اندماج «قسد» في الجيش والاعتراف بالحقوق الكردية، ونبذ خطاب الكراهية. وأشاع هذا الاتفاق روح التفاؤل في الأوساط السورية، إلا أن هذا لم يكتمل بعد جولة التفاوض في العاشر من يوليو التي انتهت بعدم التوصل إلى صيغة سياسية متقدمة عن اتفاق 10 مارس، ما دعا المبعوث الأمريكي توماس براك إلى انتقاد الحليف القديم «قسد» والقول إن «قسد» تتلكأ في تنفيذ الاتفاق وعليها أن تنسى «فدرلة سورية» وتكون في إطار الدولة السورية.

الصبر أفضل من المغامرة

لم تعلن الحكومة السورية أية نتائج لهذه الجولة وتحاشت أن تصدر بياناً يوضح ما جرى في هذه الجولة، إلا أن «قسد» حاولت أن تقول في بيان لها إن الأجواء إيجابية مع دمشق، وهي تحاول ألا تدفع الحكومة السورية إلى نوع من العمل العسكري أو حتى التفكير به وتبقي الباب مفتوحاً للتفاوض كسباً للوقت ومحاولة إبداء حسن النوايا، إلا أن هذا لم يعجب حكومة دمشق التي تستعجل بشكل واضح على طي كل الملفات الخلافية في الداخل السوري للتفرغ لبناء منظومة قوية من العلاقات الدولية والإقليمية.

ونتيجة سياسة النفس الطويل التي تعتمدها «قسد» ومحاولة تلطيف الأجواء السياسية مع دمشق، فضلت الأخيرة الصبر «المحدود» مع «قسد» لعدة اعتبارات، منها أمنية وعسكرية ودولية؛ لأن أي صدام مع شمال شرق سورية ستكون له تداعيات كبيرة في سورية على الأقل بسبب التوازن العسكري بين الطرفين، فضلاً عن أن هذه المناطق لا تزال تحت سيطرة الجيش الأمريكي.

حاولت دمشق تجاوز عدم نجاح جولة المفاوضات الأخيرة مع وفد «قسد»، اعتقاداً أن هذا المسار لا يشكل تقويضاً لسلطة دمشق، وعلى اعتبار أنه مسار برعاية أمريكية لا بد الوصول إلى حل في نهاية المطاف، على قاعدة الصبر الإستراتيجي أفضل من المغامرة، والسير إلى جانب الرؤية الأمريكية التي باتت أقرب إلى رؤية دمشق.

سيناريو أحداث الساحل السوري

بين أحداث الساحل ومسار التفاوض مع «قسد» ظلت الإشكالية الدرزية عالقة بين دمشق والسويداء، واتجهت دمشق إلى تجاهل السويداء وتصريحات القيادات الدينية في السويداء التي تطاولت على مقام رئاسة الجمهورية إلى أن وصلت بالقيادات الدينية الدرزية إلى توجيه اتهامات بالإرهاب لها، وحافظت دمشق على وتيرة الهدوء تجنباً لأية تداعيات إقليمية في موضوع السويداء وحرصاً على عدم تكرار سيناريو أحداث الساحل السوري، لكن على ما يبدو وصلت دمشق إلى نقطة «للصبر حدود» وهي ترى أن بقعة من أرضها بدأت تظهر وكأنها خارج الدولة وخارج فلك دمشق، لتبدأ عملية عسكرية يوم 13 يوليو الجاري أخذت طابع الحسم تجاه كل ما يجري في السويداء وطي صفحة الانعزالية وإعادة السيطرة على هذه المدينة، تارة بالقوة العسكرية وتارة باستخدام وجهاء السويداء وبعض رجال الدين (شيوخ العقل)، وبدأ أن الصبر انتهى تماماً على حالة السويداء وأن «آخر العلاج الكي» مهما كلف الأمر، لأن هيبة وسلطة الدولة تحتاج إلى قرارات كبيرة وجريئة.

قراءة سياسية جديدة

هذا المشهد العسكري الذي في كثير من الأحيان اضطرت الحكومة السورية إلى اتباعه أفرز قراءة سياسية جديدة للرئيس الشرع بأن وجود حالات خاصة ومحاولات لتقويض حكومة دمشق لا يمكن السكوت عنه، وكل حالة حسب سياقها الخاص بدءاً من الساحل إلى السويداء وما بينهما «قسد».

يستبعد الكثير من المراقبين ومن يقرأ السياسة السورية الجديدة أي عمل عسكري تجاه «قسد» لاعتبارات سابقة تم ذكرها في البداية، منها العامل الأمريكي وعامل القوة العسكرية المتوازن بين الطرفين، لكن الواقع لا يتفق كثيراً مع هذه الرؤية، فكل ما حدث في سورية على مدار 7 أشهر لم يخضع للمنطق السياسي ولا المعالجة المنطقية، خصوصاً أن دمشق باتت يوماً بعد يوم تثبت أركان المركزية السياسية والعسكرية وأن القوة باتت علاجاً نافعاً في كثير من المقاربات، ولعل التعامل مع قوات سورية الديموقراطية يأتي في هذا السياق اللامنطقي، خصوصاً أن الرئيس الشرع أتقن تماماً التعامل مع التوازنات الدولية ومع الغايات الدولية والإقليمية، رغم الإرادة المشتركة بين «قسد» ودمشق للتوصل إلى صفقة ناجحة، لكن في كثير من الأحيان تفرض المعطيات مفاجآت وخطوات جريئة.

في النتيجة كل شيء مسموح في الحب والحرب، وكل شيء غير متوقع هو العنوان الحقيقي لسورية الجديدة، لكن الخلاصة الواضحة في كثير من المواقف في سورية أن الرئيس الشرع يتبع فلسفة «للصبر حدود»، ترافقه محدودية استخدام القوة، ولعل مسار الشرع يكشف أن الوصول إلى الغايات ليس صعباً ولا ينسى بالتقادم.

فهل يتم التوصل إلى حل مع «قسد» بعد لهيب أحداث الساحل السوري، ونهاية صفحة اللامركزية الإدارية في السويداء؟

أخبار ذات صلة

انطلقت شبكة أخبار السعودية أولًا من منصة تويتر عبر الحساب الرسمي @SaudiNews50، وسرعان ما أصبحت واحدة من أبرز المصادر الإخبارية المستقلة في المملكة، بفضل تغطيتها السريعة والموثوقة لأهم الأحداث المحلية والعالمية. ونتيجة للثقة المتزايدة من المتابعين، توسعت الشبكة بإطلاق موقعها الإلكتروني ليكون منصة إخبارية شاملة، تقدم محتوى متجدد في مجالات السياسة، والاقتصاد، والصحة، والتعليم، والفعاليات الوطنية، بأسلوب احترافي يواكب تطلعات الجمهور. تسعى الشبكة إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتقديم المعلومة الدقيقة في وقتها، من خلال تغطيات ميدانية وتحليلات معمقة وفريق تحرير متخصص، ما يجعلها وجهة موثوقة لكل من يبحث عن الخبر السعودي أولاً بأول.

السياسة

عون: لبنان مستعد لاتفاق سلام وحصر السلاح بالدولة

لبنان يفتح أبواب السلام: الرئيس عون يعلن استعداد بلاده لاتفاق سلام تاريخي وحصر السلاح بيد الدولة، خطوة نحو استقرار مستدام.

Published

on

القبض على مهرب مخالفين لنظام الحدود في الباحة

عذرًا، لم يتم تقديم محتوى لإعادة صياغته. يرجى إدخال النص الذي ترغب في إعادة صياغته وسأكون سعيدًا بمساعدتك.

Continue Reading

السياسة

اختتام تمرين ATLC-35 في مركز الحرب الجوي الصاروخي

إمارة عربية تطلق المركبة الجوية الصاروخية ATLC-35، نقلة نوعية تعزز القدرات الجوية والفضائية، اكتشف تفاصيل المشروع الطموح الآن!

Published

on

القبض على مهرب مخالفين لنظام الحدود في الباحة

html

إمارة عربية تطلق مركبة جوية متطورة

في خطوة تعكس التقدم التكنولوجي الكبير، أطلقت إمارة عربية مؤخراً المركبة الجوية الصاروخية ATLC-35. هذا الإنجاز يأتي في إطار الجهود المستمرة لتعزيز القدرات الجوية والفضائية للإمارة.

تفاصيل المشروع الطموح

المركبة الجديدة تمثل نقلة نوعية في مجال التكنولوجيا الجوية، حيث تم تصميمها لتكون قادرة على تنفيذ مجموعة متنوعة من المهام الجوية والدفاعية. وقد تم تطويرها بالتعاون مع شركة “تورنيدو” العالمية، التي تعد من الشركات الرائدة في هذا المجال.

أهداف المشروع وتأثيره المتوقع

يهدف المشروع إلى تعزيز القدرات الدفاعية والهجومية للإمارة، بالإضافة إلى تحسين الأداء العسكري والتقني. كما يسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الصناعات الجوية والفضائية، مما يساهم في رفع مستوى الأمن الوطني.

التطلعات المستقبلية

من المتوقع أن تسهم هذه المركبة المتطورة في تنمية الطيران الليلي وتطوير العمليات الاستطلاعية التقنية. كما ستساعد في تعزيز البنية التحتية للقطاع الجوي وتحقيق تقدم ملحوظ في مجالات البحث والابتكار.

Continue Reading

السياسة

زيلينسكي يرفض الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟

زيلينسكي يرفض الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، فكيف تؤثر التكنولوجيا الحديثة على حياتنا اليومية وتغير طرق التواصل والعمل؟ اقرأ المزيد!

Published

on

القبض على مهرب مخالفين لنظام الحدود في الباحة

التكنولوجيا الحديثة وتأثيرها على حياتنا اليومية

لقد أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث تؤثر بشكل كبير على كيفية تواصلنا وعملنا وحتى استمتاعنا بأوقات الفراغ. مع التطور السريع للتقنيات الحديثة، نجد أنفسنا محاطين بأدوات ووسائل تسهل حياتنا وتجعلها أكثر كفاءة.

التواصل الاجتماعي

من أبرز التأثيرات التي أحدثتها التكنولوجيا هي وسائل التواصل الاجتماعي. فقد أصبحت هذه المنصات جزءًا أساسيًا من حياة الكثيرين، حيث تمكنهم من التواصل مع الأصدقاء والعائلة بسهولة ويسر. تتيح لنا هذه الوسائل مشاركة اللحظات المهمة والتفاعل مع الأحداث العالمية في الوقت الفعلي.

العمل عن بُعد

مع انتشار الإنترنت وتطور تقنيات الاتصال، أصبح العمل عن بُعد خيارًا شائعًا للعديد من الشركات والموظفين. يوفر هذا النمط من العمل مرونة كبيرة ويساهم في تحسين التوازن بين الحياة المهنية والشخصية. كما أنه يقلل من الحاجة إلى التنقل اليومي ويوفر الوقت والجهد.

التعليم الإلكتروني

شهد قطاع التعليم تحولاً كبيرًا بفضل التكنولوجيا الحديثة. فقد أصبح التعلم الإلكتروني وسيلة فعالة للوصول إلى المعرفة والمعلومات دون الحاجة إلى الحضور الجسدي في الفصول الدراسية. يمكن للطلاب الآن الوصول إلى الدروس والمحاضرات عبر الإنترنت، مما يسهل عليهم متابعة تعليمهم في أي وقت ومن أي مكان.

الترفيه الرقمي

لا يمكن تجاهل الدور الكبير الذي تلعبه التكنولوجيا في مجال الترفيه. فمن خلال الأجهزة الذكية وخدمات البث المباشر، يمكن للجميع الاستمتاع بمشاهدة الأفلام والمسلسلات والاستماع إلى الموسيقى بكل سهولة. كما أن الألعاب الإلكترونية أصبحت وسيلة شائعة للاستمتاع وقضاء الوقت.

في الختام، لا شك أن التكنولوجيا الحديثة قد غيرت ملامح حياتنا اليومية بشكل جذري وجعلتها أكثر سهولة وراحة. ومع استمرار التطور التكنولوجي، نتوقع المزيد من الابتكارات التي ستساهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز الكفاءة في مختلف المجالات.

Continue Reading

Trending