Connect with us

السياسة

الرياض – واشنطن.. ضبط إيقاع العالم

في الرياض، العاصمة التي باتت تصوغ توجهات المنطقة وتفرض إيقاعها على المعادلات الدولية، اكتسبت زيارة الرئيس الأمريكي

في الرياض، العاصمة التي باتت تصوغ توجهات المنطقة وتفرض إيقاعها على المعادلات الدولية، اكتسبت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بُعداً يتجاوز المألوف في لغة السياسة والدبلوماسية. لم تكن الزيارة عابرة، ولا اللقاء بروتوكولياً، بل لحظة مؤسسِّة لعصر جديد تُكتب فيه التحالفات بشروط مغايرة، وتُنسج فيه المصالح بخيوط النفوذ المتبادل والندية.

فالمشهد الذي تابعته العواصم العالمية بحذر، رُسم بعناية بين زعيمين لا ينتميان إلى مدرسة التردد أو التجميل السياسي؛ الأمير محمد بن سلمان، الذي يقود تحولاً غير مسبوق في بنية الدولة السعودية، اقتصاداً ومجتمعاً ونفوذاً، ودونالد ترمب، العائد إلى المسرح الدولي من بوابة الخليج، محملاً برسائل تؤكد أن العالم لم يعد يُدار من واشنطن وحدها.

إنهاء عُزلة دمشق واستعادة التوازن

النتائج لم تنتظر طويلاً لتتكشف؛ فقد أُبرمت صفقات استثمارية وعسكرية هائلة، أعادت إلى الأذهان زيارته الأولى عام 2017، لكنها هذه المرة بدت أكثر عمقاً وتحولاً، وترافقت مع تفاهمات تشمل الذكاء الاصطناعي، وتكنولوجيا الفضاء، وسلاسل الإمداد، والطاقة النظيفة، مما يعكس التقاء مصالح غير مسبوق في حجمه وسياقه بين الرياض وواشنطن.

الحدث الأكثر لفتاً للنظر تمثَّل في إعلان ترمب رفع العقوبات الأمريكية عن سورية، وهي خطوة لم تكن لتحدث لولا الحضور الحاسم للسعودية في خلفية المشهد. فالمقاربة التي قدمتها الرياض للملف السوري، ربطت بين إنهاء العزلة الإقليمية لدمشق واستعادة التوازن المشرقي، وقدمت طرحاً متماسكاً أقنع الإدارة الأمريكية بأن الانفراج الإقليمي يبدأ من سورية.

لم يكن التدخل السعودي تقنياً أو دبلوماسياً فحسب، بل جاء في لحظة ذكية، مدعومة بتحولات عربية أوسع تعبّر عنها الرياض، وبتفاهمات دولية ترى في القيادة السعودية اليوم ضامناً قوياً للاستقرار في الإقليم. القرار الأمريكي لم يكن مجرد استجابة لحسابات داخلية، بل تفاعل مع إعادة توزيع الأدوار التي تقودها المملكة، عبر رؤية تستثمر الأزمات وتحوّلها إلى فرص.

إعادة تعريف العلاقة مع الخليج

القراءة الغربية للزيارة لم تمر بخفة، بل رصدت تحولاً نوعيّاً في توازنات القوى ومراكز القرار. الإعلام الغربي لم يكتفِ بالتغطية الشكلية، بل وصف المشهد بأنه «إعادة تعريف للعلاقة مع الخليج»، وشراكة تتجاوز التحالف التقليدي نحو علاقات قائمة على الندية والمصالح المتقاطعة. وبرزت ملامح وعي غربي جديد مفاده أن السعودية لم تعد شريكاً يتلقى، بل شريكاً يُملي ويصوغ.

ووفق ما تناولته منصات غربية متعددة، فإن ترمب لم يصل بمفرده، بل اصطحب رموزاً من النخبة الاقتصادية والعسكرية، ما يعكس حجم الرهان الأمريكي على السعودية بوصفها مركز ثقل إقليمياً. كما أثيرت تساؤلات صريحة: هل باتت المصالح الأمريكية يُعاد تعريفها انطلاقاً من الرياض؟ وهل أصبح الأمير محمد بن سلمان ليس شريكاً فقط، بل أصبح طرفاً يصوغ أطر التعاون نفسها؟

ضرورة إستراتيجية لرسم موازين التأثير

في أوروبا، وُصفت الزيارة بأنها «تحالف بين الواقعية السياسية والواقعية الاقتصادية»، مع تأكيد أن السعودية باتت البوابة الوحيدة لأي نفوذ غربي في الشرق الأوسط. حتى المنصات النقدية أو الساخرة، لم تُخفِ قلقها من معادلة جديدة فرضتها الرياض: السعودية لم تعد شريكاً في موقع المتلقي، بل طرفٌ يحدد الاتجاه.

محمد بن سلمان، كما وصفته معظم التحليلات الغربية، لم يَعُد يُنظر إليه قائداً إقليميّاً فحسب، بل صانع قرار بحجم دولة. قيادته تُقارن اليوم بأدوار كانت حكراً على القوى الكبرى، ويتعامل معه الغرب باعتباره عنصراً حاسماً في إنتاج الاستقرار أو الفوضى. من هنا، لم يعد التحالف مع السعودية ترفاً أو خياراً سياسياً، بل ضرورة استراتيجية يعاد عبرها رسم موازين التأثير داخل الغرب نفسه.

إقليمياً، رأت عواصم عربية في هذه الزيارة إعلاناً عن بداية مرحلة جديدة من الشراكات المتحررة من قيود الأيديولوجيا. من القاهرة إلى أبوظبي، ومن بغداد إلى عمان، لم يكن تقييم الزيارة تقليدياً، بل تم التعامل معها كإشارة على إعادة هيكلة العلاقات، بما يُنهي مرحلة الاعتماد على الوكلاء ويفتح الباب أمام تواصل مباشر بين القوى المركزية. وبرز الملف السوري مثالاً حيّاً على هذه المقاربة: قرار رفع العقوبات لم يُقرأ تنازلاً أمريكياً، بل محصلة لتوازنات جديدة صاغتها الرياض وأعادت بها إدماج دولة كانت خارج المعادلة.

إعادة صياغة ملامح النظام العالمي

إنها لحظة فرضت لغتها ومفرداتها: اللحظة السعودية، التحالف الندّي، شرق أوسط بلا وصاية، وعصر ترمب- محمد بن سلمان. لحظة تؤكد أن مركز الثقل لم يعد محصوراً في الغرب، بل أصبح يتوزع بين الرياض وواشنطن في شراكة قد تُعيد رسم ملامح النظام العالمي.

زيارة دونالد ترمب إلى السعودية لم تكن محطة عابرة في جدول سياسي مزدحم، بل إعلان صريح لإعادة تموضع مركز القرار الدولي. محمد بن سلمان لم يستقبل ضيفاً رفيعاً فحسب، بل شريكاً في صياغة المرحلة القادمة من النظامين الإقليمي والدولي. الصفقات العملاقة والملفات الكبرى التي حُسمت خلال الزيارة ليست سوى انعكاس لحقيقة واحدة: أن السعودية، بقيادة محمد بن سلمان لم تعد تتفاعل مع التحولات الدولية فحسب، بل تصنعها.

أخبار ذات صلة

السياسة

ترجمات فورية و100 مليون رسالة نصية في هواتف الحجاج

تتنوع لغاتهم، وتختلف ثقافاتهم، إذ قدموا من أكثر 100 دولة في العالم، تجمعهم وجهة واحدة، ويقودهم هدف مشترك، فيما تتلاشى

تتنوع لغاتهم، وتختلف ثقافاتهم، إذ قدموا من أكثر 100 دولة في العالم، تجمعهم وجهة واحدة، ويقودهم هدف مشترك، فيما تتلاشى حواجز اللغة أمام روحانية المشهد ودقة التنظيم، في تناغم عجيب.

وأسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز التناغم، عبر تطبيقات ترجمة فورية على الهواتف، وأجهزة ذكية موزعة في مواقع حيوية، تمكّن الحجاج من فهم الإرشادات والتعليمات بلغات متعددة في ثوانٍ معدودة، ضمن جهود نوعية ترتقي بتجربة الحج.

وسخرت وزارة الشؤون الإسلامية طواقم ترجمة متخصصة ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة، لتقديم التوعية الدينية بعدد من اللغات العالمية، شملت الإنجليزية، والفرنسية، والتايلندية، والصربية، والأردية، والهولندية، والفلبينية، والأمهرية، والإندونيسية، والألمانية، والتركية، إلى جانب لغات أخرى يتم توفيرها حسب الحاجة، ما يلبي حاجات ضيوف الرحمن القادمين من أكثر من 100 دولة.

أخبار ذات صلة

وأطلقت الوزارة خدمة الهاتف المجاني للرد على استفساراتهم عن بُعد، مستهدفة استقبال نصف مليون مكالمة خلال الموسم، إلى جانب بث أكثر من 4 ملايين رسالة توعوية عبر 340 شاشة إلكترونية، و100 مليون رسالة نصية على هواتف الحجاج، في خطوة تعكس توظيف الوزارة للتقنية في توسيع نطاق الخدمة ورفع كفاءتها.

ويُظهر هذا التلاقي بين التقنية والإنسان، وبين الترجمة والتنظيم، نموذجاً متقدمًاً في إدارة الحشود العالمية، ويجسد التزام المملكة برسالتها الدينية والإنسانية، وحرصها على أن تكون تجربة الحج ميسّرة وآمنة وشاملة، مهما اختلفت اللغة أو الثقافة أو الموقع الجغرافي.

وفي موسم يؤدي فيه الملايين شعائرهم بخطى موحدة، تصبح التقنية حليفاً للتيسير، والترجمة جسراً للتفاهم، والحج تجربة روحانية تتجاوز حدود اللغة.

Continue Reading

السياسة

نظام الرعاية العاجلة بمستشفى النور يعالج حاجة هندية

تمكن التدخل السريع ضمن نظام الرعاية العاجلة -أحد أنظمة نموذج الرعاية الصحية السعودي- من معالجة حاجة من جمهورية

تمكن التدخل السريع ضمن نظام الرعاية العاجلة -أحد أنظمة نموذج الرعاية الصحية السعودي- من معالجة حاجة من جمهورية الهند بعد تعرضها لفشل كلوي حاد، ونجح فريق طبي في مستشفى النور التخصصي -عضو تجمع مكة المكرمة الصحي- في إجراء عملية عاجلة لإدخال دعامات لتوسيع الحالبين.

وأوضح التجمع أن المستفيدة وصلت إلى قسم الطوارئ وهي تعاني من آلام حادة، وأظهرت الفحوصات الطبية والأشعة أنها تعاني من فشل كلوي حاد نتيجة انسداد في الحالبين، مما أدى إلى مضاعفات خطيرة شملت تسمماً دمويّاً، وانخفاضاً حاداً في ضغط الدم ونسبة الأكسجين، إضافة إلى ارتفاع ملحوظ في مؤشرات وظائف الكلى.

وأضاف التجمع: بناءً على هذه المؤشرات، نقلت المستفيدة فوراً إلى قسم العناية المركزة، وبادر الفريق الطبي بإجراء عملية عاجلة تم خلالها إدخال دعامات لتوسيع الحالبين، بعدها تماثلت للشفاء بشكل كامل، وغادرت المستشفى وهي في حالة صحية مستقرة وجيدة.

يذكر أن هذه الحالة تؤكد الجاهزية العالية لمستشفى النور التخصصي في التعامل مع الحالات الطارئة، مدعوماً بكوادر طبية مؤهلة وتجهيزات تقنية متطورة، تتيح تقديم رعاية صحية متكاملة وفق أعلى المعايير العالمية، بما يسهم في دعم جهود وزارة الصحة في تقديم أفضل الخدمات الطبية لضيوف الرحمن خلال موسم الحج.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

السياسة

يوم التعجل.. الحشود بأمان في الجمرات

ذابت حشود الحجاج المتعجلين على منشأة الجمرات العملاقة التي بدت في أجمل حللها، وأقبلت الجموع عند الزوال لرمي الجمرات

ذابت حشود الحجاج المتعجلين على منشأة الجمرات العملاقة التي بدت في أجمل حللها، وأقبلت الجموع عند الزوال لرمي الجمرات الثلاث، وتعلقت الأعين بمنظومة متقدمة من كاميرات المراقبة والذكاء الاصطناعي لرصد الكثافات والتحكم في التدفقات البشرية لحظة بلحظة.

ورمى حجاج بيت الله الحرام الجمرات الثلاث في ثاني أيام التشريق، مبتدئين بالجمرة الصغرى، ثم الوسطى، فجمرة العقبة، وسط أجواء إيمانية تحفّهم عناية الله، وتنظيم متكامل من الجهات المعنية. واتسمت حركة الحجاج على جسر الجمرات بالانسيابية، إذ سلكوا مساراتهم في سهولة ويسر سواءً في طريق الذهاب لأداء شعيرة الرمي، أو أثناء عودتهم إلى مقار سكناهم في مشعر منى، أو انتقالهم إلى مكة المكرمة؛ لأداء طواف الوداع لمن أراد التعجّل.

وتأتي هذه الجهود في إطار الخطط التنظيمية والأمنية التي تسهم في تحقيق أعلى مستويات السلامة والراحة لضيوف الرحمن خلال تنقلاتهم وأداء مناسكهم.

وغادر حجاج بيت الله الحرام المتعجلون بعد الزوال في الثاني عشر من شهر ذي الحجة، وهو ما يعرف بعنق الزجاجة.

طرق للرماة وأخرى للعائدين

نفّذ رجال الأمن خططاً فاعلة لتنظيم الحشود، وخُصصت مسارات متعددة لتوزيع الحشود على الأدوار المتعددة لمنشأة الجمرات لإتمام الرمي بيسر وأمان، فظهرت طرقات للرماة وأخرى للعائدين حققت دوراً في تسيير حركة الحجاج بكل انسيابية.

أخبار ذات صلة

وشهدت منشأة الجمرات تفويجاً منظماً وآمناً لحجاج بيت الله الحرام وسط أجواء روحانية وخطة تشغيلية دقيقة، بإشراف فرق سعودية مؤهلة وفق جدول زمني مُعدّ بعناية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

وسارت عمليات التفويج عبر مسارات واضحة ومنظمة، مع التزام الحجاج بأوقات الرمي المحددة وتعليمات السلامة، ما أسهم في تحقيق انسيابية عالية دون تسجيل حالات تزاحم تُذكر.

الوداع.. آخر واجبات الحج

الواجب على الحاج المتعجل رمي الجمرات الثلاث، ويكبر مع كل حصاة، ومن السنة الوقوف بعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى مستقبلاً القبلة رافعاً يديه يدعو الله تعالى بما يشاء، أما الجمرة الأولى وهي جمرة العقبة الكبرى فلا يقف عندها ولا يدعو بعدها.

ومن خطّط للمغادرة متعجلاً في يومين يجب عليه أن يرمي الجمرات الثلاث في اليوم الثاني عشر بـ7 حصوات ويكبر مع كل حصاة قائلاً الله أكبر، ثم يغادر مِنَى على الفور قبل غروب الشمس، وفي حالة غروبها وهو ما زال في مِنَى يجب عليه البقاء للمبيت في منى ليلة الثالث عشر، ويرمي الجمرات الثلاث في اليوم الثالث عشر بـ7 حصيات لكل جمرة، ويكبر مع كل حصاة، وإذا تهيأ للخروج ولم يتمكن لظروف الزحام أو بطء حركة المرور عند ذلك يستمر في سيره متعجلاً ولا يلزمه المبيت بمِنَى لكونه قد تهيأ للمغادرة متعجلاً.

وبعد رمي الجمرات في آخر أيام الحج يتوجه الحاج صوب المسجد الحرام في مكة المكرمة للطواف حول البيت العتيق، بعد أن أكملت قوافل الحجاج أداء مناسكها بأركانها وواجباتها وفرائضها، ويكون طواف الوداع آخر أعمال الحج وآخر العهد بالبيت العتيق، وطواف الوداع هو آخر واجبات الحج التي ينبغي على الحاج أن يؤديها قبيل سفره مباشرة عائداً إلى بلده، ولا يُعفى من طواف الوداع إلا الحائض والنفساء.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .