Connect with us

ثقافة وفن

أيمن بكر: نحتمي بأفكار نرجسية وعنصرية

ليس كل من يأتي يترك أثراً، ولا كل من يترك أثراً تحتفظ الذاكرة بصورته النقيّة، وعطائه الخلّاق، وفي جازان الإنسان

ليس كل من يأتي يترك أثراً، ولا كل من يترك أثراً تحتفظ الذاكرة بصورته النقيّة، وعطائه الخلّاق، وفي جازان الإنسان والتاريخ والوعي كان اللقاء الأوّل بالناقد الأكاديمي الدكتور أيمن بكر، وبحسّه المعرفي، وزاده الثقافي، استشعر أهمية العطاء خارج أسوار الجامعة، فنمّى شجيرات طريّة، وتبنى أصواتاً نديّة، وحضر في منتديات المثاقفة، وترك بصمة كفّ كلما زار عاشق جنوب القلب تطلّع لمصافحتها، وهنا حديث ذكريات، واستعادة حقبة لها ما بعدها:

• أين غاب الناقد أيمن بكر؟

•• كانت الفترة الأولى خلال أزمة كورونا صعبة على الجميع، لقد توقفت حركة دوران الكرة الأرضية فجأة بالمعنى المجازي طبعاً، لكنها مثلت لي فرصة كي أعود لبعض مشاريع البحث للتواصل في بنائها. وكانت النتيجة هي كتاب «الطقوسية، السردية، المبالغة: نحو نظرية للشعر العربي الحديث» الذي فاز ضمن الدورة الأولي من جائزة الشارقة لنقد الشعر العربي. غياب الناقد أو الكاتب المهموم بتطوير نفسه هو مقدمة لحضور جديد يا صديقي. ولعلي لا أذيع سرّاً حين أقول إن الأساس عندي هو الغياب، فهو الفعل الأهم لدى أي كاتب أو مبدع، فالغياب هو تخلية الذات لما تحب أن تفعل من تأمل وتحصيل وإنتاج، وإسكات لصخب العالم الذي لم يعد يعني لي سوى التشويش وتضييع الوقت.

• ما حال ثقافتنا العربية؟

•• من الصعب تحليل ثقافاتنا العربية جميعها بصورة تسمح لي أو لغيري بإجابة جامعة مانعة لهذا السؤال. لكن يمكن الاتفاق على معيار واحد يسمح لنا بالنظر إلى تلك الثقافات، وإدراك السبب في الشعور الخفي بوجود أزمة مزمنة شبحية غير قابلة للحل: حال الثقافات العربية يتجلى في حال إنسانها، وهي حال متفاوتة في وضوحها ضمن ما يبدو غالباً على الإنسان العربي من ارتباك وتسطح في الوعي وتمزق روحي داخلي سببه الصراع الخرافي، الذي يشبه الميلاد المتكرر للعنقاء، بين ماضٍ مبجل حد التقديس في مختلف مجالاته، وحاضر متحرك بسرعة مرعبة ضمن قواعد سوق رأسمالية متوحشة، والنتيجة هي شعور ضآلة مخيف يؤدي إلى الاحتماء بأكثر الأفكار نرجسية وعنصرية. نحن ثقافات تستعيد تحديات القرون الوسطى بصورة احترافية أقرب للإدمان أو للعادة العقلية ذاتية الحركة، وهي بذلك تعمل على أن يرث إنسانها أزمات الماضي بهمة وإصرار لا يدانيهما سوى الهمة والإصرار على مقاومة أفكار التحديث والتطوير والعمل على سعادة الإنسان. العيش في الماضي واكتساب مشروعية الفعل من فترات تاريخية لا علاقة لها بتحديات اللحظة الراهنة يربك الوعي بصورة مستمرة، ويحرث الأرض بعمق قادر على ابتلاعنا جميعاً لصالح الفكر المتطرف العنصري العنيف، أي الفكر الكاره للحياة نفسها. يظهر أثر هذا النمط المسيطر على ثقافاتنا العربية في تجليات شبه يومية من التمييز ضد المرأة والتعدي عليها وعلى الأقليات العرقية والدينية، والجهل بما توصلت إليه مسيرة الإنسانية من أفكار تتصل بدولة المواطنة والقانون والتعرف على حدود الحرية وحقوقها في الوقت نفسه، فنحن ثقافات تخشى الحرية وبسبب هذه الخشية العميقة يمارس إنسانها اقتحام حريات الآخرين خشية أن تهتز الخطوط الحمراء التي تكاد تفتك بروحه وإنسانيته. نحن أسرى سرد كبير يمكن أن نطلق عليه اسم «الوجود الآمن بالعودة للماضي».

• متى ستفقد الثقافة دورها؟

•• بحسب التعريف الأنثروبولوجي الواسع لكلمة ثقافة، لا سبيل لأن تفقد دورها، فنحن نتنفس ثقافاتنا بصورة غير واعية، لكن إن كنت تقصد بالثقافة ذلك المنتج الفكري والفني الإبداعي فهو مرتبط بمدى قدرة إرادة الأنساق الاجتماعية والسياسية على دمج المنتج الثقافي الرفيع ضمن برامج عملها. لم أجد فعلاً ثقافياً مؤثراً في التاريخ المرتبط بوجود الدولة -حتى خلال عصر النهضة ومن قبله ازدهار الفلسفات اليونانية- إلا كان مرتبطاً بإرادة الدولة ممثلة في الأنظمة التي تمارس من خلالها الإدارة والسيطرة اجتماعياً وسياسياً وثقافياً ورغبتها في وجود مثل هذا النشاط المعرفي/‏‏الفني الإبداعي. عامة الناس لا يطلبون عادة الفنون والآداب إلا حين تتيسر لهم السبل إليها، إنهم بطبيعة انشغالاتهم وسعيهم المرير لتأمين الوجود، لا يملكون رفاهية البحث الدؤوب عن منتجات الثقافة. وبالطبع لكل قاعدة استثناءات هي ما يمثل قوام النخب غالباً.

• ما أبرز تحديات النخب الثقافية في عصر الميتافيرس؟

•• الإنسان دوماً ينظر إلى ما وراء عالمه، وما وراء قدرات حواسه، نحن دوماً في عصر الميتافيرس، ولكن كل عصر يعبر عن ذلك بحسب إمكانات الوعي المتاحة له والمستوى الذي تطورت إليه المعارف. بالنسبة لعصرنا الحالي أحسب أن أصعب ما يواجه النخب المثقفة، وأعني بها الكتاب والمفكرين والفنانين في مختلف المجالات، أمران مرتبطان بصورة عميقة: الأول هو تجاوز الفلسفات الكبرى، التي تم إنتاجها غالباً خلال القرون الثامن عشر والتاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، في محاولة فهم العالم والإنسان والمجتمع. الأمر الثاني هو إيجاد معادلات تعبير فكري وفني قادرة على مقاومة الخطوط الحمراء الكثيرة التي يبدو أنها تحيط بالمبدعين في كل مكان في الكوكب، وإن كانت خطوطنا العربية الحمراء أكثر عدداً وأشد سماكة.

• بماذا نرمم الخلل الطارئ على البناء الثقافي العربي؟

•• أهو حقّاً خلل طارئ أم أنه خلل مقيم؟ هل نعمل على تطوير الإبداع والمبدعين وحمايتهما أم نتحرك بوعي، أو بلا وعي، للسيطرة عليهما وتحويلهما إلى أداة تحكم وترويج للقوى الاجتماعية المختلفة؟ أحسب أن تجربة الإنسانية في بقاع مختلفة من العالم تعطينا أجوبة شافية لمثل هذه الأسئلة عن ترميم الخلل وتطوير الثقافات والمجتمعات. المطلوب فقط هو إرادة ثقافية/‏ ‏سياسية لصناعة الفرق والتحرك بثقافات المجتمعات العربية نحو الأمام، واللحاق بركب الحضارات الإنسانية التي تجاوزت المشكلات البدائية للوجود، وهو ما بدأت بعض ثقافاتنا العربية فعلاً بالتحرك نحوه في العقد الأخير. بصورة أوضح؛ لا يمكن إصلاح ثقافة أو مجتمع من دون توسيع مساحات الحرية المحمية بدولة القانون، وكذلك لا يمكن تحريك ثقافاتنا الراكدة من دون بحث عن المواهب الحقيقية في مختلف المجالات، وما أكثرها في مجتمعاتنا العربية الشابة، ثم تولي هذه المواهب بالرعاية والحماية والحرية. أود أيضاً الإشارة إلى ضرورة الوعي بنسبية رؤانا وتصوراتنا عن العالم، وتكريس تعليم يصلنا بالثقافات الأخرى، ولا يعزلنا عنها. إن الصورة النمطية للعربي في العالم، التي تجعلنا نبدو ككائنات أسطورية آتية من عمق التاريخ ليست مسؤولية من يكره ثقافاتنا ويود أن تبقى في مساحة المستهلك فحسب، بل إننا نشارك في رسمها بإصرار ساذج. أما الخطوات التنفيذية لتجسيد تلك الأفكار على أرض الواقع فهي موجودة يعرفها الخبراء في كل مجال.

• هل تسببت سيولة الثقافة في حجب الناقد؟

•• يبدو أن التطور السريع لمجالات المعرفة يدفع بالملايين كل يوم إلى دائرة الجهل والتخلف عن تلك الحركة. ظني أن مسألة السيولة التي نستشعرها والتي فصّل (زيجمونت باومان) الكلام حولها هي حالة عالمية سببها الرئيس هو توحش السوق الرأسمالي، ثم ثورة الاتصالات وما نتج عنها من وسائل تواصل جماهيرية واسعة النطاق تسمح بارتفاع أصوات الملايين من قليلي النضج بصورة تشبه الصراخ الجماعي. نحن بحاجة لأمرين متلازمين فيما أظن، أولاً: تعليم متطور جدّاً وواسع النطاق كي يستطيع ملايين الراغبين في الكلام أن يشعروا بوزن ما يقولون، وثانياً تطوير آليات الفهم والتحليل (أي آليات النقد) للخطاب الثقافي في مجالات العلوم الإنسانية تحديداً.

• ما سبب غياب الدراسات النقدية الموازية للنتاج الإبداعي؟

•• الدراسات النقدية الحقيقية المعمقة موجودة لكنها نادرة ويجب أن تكون نادرة. لا يجب الاستماع لشكوى كثير من المبدعين الشباب وبعض الكتاب الكبار عن غياب النقد، فهم دون أن يشعروا يدفعون بالحالة الفكرية/‏ ‏النقدية نحو مزيد من التسطح والتسرع. النقد العميق المبدع موجود لكنه صعب وبطيء في التشكل، لأنه قائم على الفلسفة، ويتطلب إنتاج خطاب فكري/‏‏ إبداعي موازٍ للنصوص وليس شارحاً أو مُقَيِّما لها، وهما أمران مرهقان جداً خصوصاً في ثقافات تعادي الفلسفة وتستخف بالفنون والآداب. نهم المبدع للتقدير المستمر يسهم في إغلاق الأفق أمام الدراسات النقدية المعمقة الهادئة. وفي ظل انفجار الخطابات التي تدعي الشعر والسرد والنقد بصورة نيئة عبر وسائل التواصل صارت الأمور أكثر تشوشاً وصعوبة أمام الناقد الساعي لتقديم الجديد العميق، الأعمال كثيرة ووسائل النشر لم تعد تقوم بعمليات فرز لما تنشر، تحول النشر إلى تجارة لا يتقدمها معيار الجودة غالباً، بل يتقدمها معيار السوق: اسم المؤلف.. جنسيته.. احتمالات الفوز بالجوائز.. النقد الحقيقي شحيح ويجب أن يكون كذلك.

• كيف تقرأ ظاهرة تحوّل أفراد المجتمع إلى كتبة؟

•• هذا جزء رئيس من تشوش الصورة في الثقافات الإنسانية كلها، وفي ثقافاتنا العربية بصورة أكبر، فتحول الناس كلهم إلى كتّاب هو تعبير عن فوران متصل للجهل والاستخفاف بمهنة الكتابة، وهو أمر يدعو للأسف حقا؛ إذ كيف تقنع الناس بأن الكتابة مهنة لها أصول صعبة تشكلت عبر تاريخ طويل للأنواع الأدبية والفكرية؟ وكيف تقنعهم بأن صناعة آلة التفكير والتأثير فيها أصعب وأدق وأكثر حساسية من المهن التي تتطلب معارف طبيعية معملية. الكارثة أن كل من يتكلم اللغة يظن أن ما ينطق مهم ويستحق أن يسمعه أو يقرأه الناس جميعاً، إنه قانون الفوضى وغياب المعايير اللذين يؤسس لهما الجهل كما أشرت.

• مِنْ أين جاءت عبارة (ناقد شنطة)؟.. وما سبب ظهورها؟

•• أصل التعبير هو «تاجر شنطة» ويطلق على البائع الجوال الباحث عمن يشتري بضاعته الرخيصة غالباً، إنها بضاعة خفيفة يمكن وضعها في شنطة محمولة على الكتف، فهي إذن أشياء لا يمكن بأي حال أن تكون أساسية في حياتنا، لكنها طريفة وتشبع نهماً ساذجاً للعب. ما سبق هو تحديداً ما يتصف به «ناقد الشنطة»؛ إنه تاجر يحمل في جعبته أدوات نقدية بسيطة مكرورة أشبه باللعب البلاستيكية الرخيصة التي تعمل بآلية واحدة قد تدهشنا لدقائق ثم لا تجد مستقراً لها سوى سلة مهملات اسمها «النسيان». ناقد الشنطة يداعب افتقاد المبدع العربي للتقدير، ورغبته في تطوير تجربته الإبداعية عبر تحقيق مزيد من الفهم المعمق لها. والناقد من هذا النوع يمكنه أن يمنح المبدعين ذلك بصورة موهومة قصيرة الأمد. وبالطبع يتحرك ناقد الشنطة ببضاعته هذه نحو أي مكان يستقبلها ويعطيها أهمية.

• هل يحابي الناقد العربي الكُتّاب الخليجيين بحكم عمله في بلدانهم؟

•• دعنا نتأمل المسألة من جوانب مختلفة: أولاً الناقد القابل للتحوّل إلى ناقد شنطة لن يجد غضاضة في المحاباة وتوطيد مكانته بصورة زائفة مسطحة في المكان من باب توطيد المصالح المادية المباشرة، هذا نمط موجود طبعاً، لكن غياب المعايير النقدية وتلهف المبدعين لتلقي من يتكلم عن تجاربهم وإن بصورة سطحية، هو ما يهيئ التربة لهذا النمط من النقاد المجاملين ليوجد ويزدهر. من زاوية أخرى؛ يبدو أن تسلط فكرة المجاملة للكتاب الخليجيين على المشهد تهدر الاهتمام بتجارب كثير من المبدعين الخليجيين المهمين، وذلك لأن كثيراً من النقاد الجادين سيحجمون عن تناول تلك التجارب تجنباً لشبهة النفاق.

• مَن هو الكاتب أو الشاعر الذي راهنت عليه ولم تخسر رهانك؟

•• هناك عدد كبير من الشعراء الذين رأيت تجاربهم منذ تعرفت عليها مثل عملة ذهبية لا يمكن لمن يراهن عليها أن يخسر مثل محمد حبيبي ومؤمن سمير وأحمد الملا ونادي حافظ وعبدالرحمن موكلي وإبراهيم زولي ومحمد توفيق وأسامة بدر وزكي الصدير وآخرين.

• لمن سلّمت رايتك في جازان؟

•• إن كنت حقّاً ممن يحملون راية تستحق أن ترتفع فرايتي يحملها الطلاب في كل مكان أذهب إليه، وأنا أفخر بطلابي في جازان، فقد كانوا من أرقى الطلاب وأكثرهم جدية، وقد نبغ عدد منهم في مجالات الشعر والنقد والإعلام بعد ذلك، وبعضهم لم يزل على اتصال بي. أما راية النقد فجازان ترفع رايات حتى من قبل وجودي فيها، وتتمثل في إنتاج الناقد المهم حسن حجاب الحازمي وجبريل سبعي وسمير جابر وغيرهم من الباحثين المهمين.

• ما أبرز مشاريعك الآنية والمستقبلية؟

•• أعمل الآن على كتاب حول التجربة المعرفية لطه حسين، وفي الوقت نفسه أحاول الانتهاء من كتابة روايتي الثانية. بعد ذلك سأختفي مرة أخرى لمدة عامين تقريباً للانتهاء من بحث أظنه من أهم ما سأقدم في حياتي.

Continue Reading

ثقافة وفن

بحضور وزير الثقافة.. «روائع الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع

بحضور وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، اختتمت هيئة الموسيقى حفلة «روائع الأوركسترا السعودية» في جولتها الخامسة بمسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية طوكيو، وذلك بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، وبحضور عدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام، وحضور جماهيري كبير.

وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى باول باسيفيكو، في كلمة خلال الحفلة، إلى النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازيًا ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

وعدّ «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيرًا إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وقد بدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية – بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم.

وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفلة بأداء مُتناغم لميدلي الإنمي باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين اختتمت الحفلة بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

وتعد هذه الحفلة المحطة الخامسة لروائع الأوركسترا السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، بعد النجاحات التي حققتها في أربع محطات سابقة، كانت تتألق في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح سنترل هول وستمنستر.

وتعتزم هيئة الموسيقى استمرارية تقديم عروض حفلات “روائع الأوركسترا السعودية” في عدة محطات بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزًا للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.

Continue Reading

ثقافة وفن

الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية،

الحديث مع الشاعر علي عكور في الكتابة الإبداعية حديث ممتع، وممتدّ، له آراؤه الخاصة التي يتمثلها في كتابته الأدبية، يعتد كثيراً بتجربته، ويرى أنّه قادر على الاختلاف؛ لأنّ مفاهيمه للكتابة تتغيّر مع الوقت.

لم يولد -كما قال- وإلى جواره من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها، ما يتذكره علي أنّه في أواسط عقده الثاني وقع على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف، لا يعلم كيف وصلت إليه هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنه شُغِف بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامه في هذا المعجم.

وجد الشاعر علي عكور نفسه ينجذب كالممسوس إلى الأدب بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال، لكنّ الشعر العربي أخذه حتى من ألف ليلة وليلة؛ الذي انجذب إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب أكثر من السرد رغم عجائبيته وسحره!

الكثير من رحلة الشاعر علي عكور مع الأدب والكتابة الإبداعية في هذا الحوار:

‏ • حدّثنا عن علاقتك بالشعر والأدب بشكل عام.. كيف بدأت؟

•• بدايةً أودّ القول، أنه لم يكن في محيطي من يمتهن أو يحترف الكتابة، ولم يكن الوسط الذي نشأتُ فيه يُعنى كثيراً بالأدب أو الثقافة بعمومها. أتذكر أنني في أواسط العقد الثاني من عمري وقعتُ على نسخةٍ من كتاب (المنجد) للويس معلوف. لست أعرف كيف وصلت إلينا هذه النسخة العتيقة من الكتاب، لكنني شُغِفتُ بها وبالعوالم التي تَفَتَّحت أمامي بعد الاطلاع على هذا المعجم. وشيئاً فشيئاً، وجدت أنني أنجذب كالممسوس إلى هذا العالم الرحب، بكل ما فيه من سحر وغموض وجلال. وأثناء تجوالي في عوالم الأدب أُخِذْتُ بالشعرِ العربي وبإيقاعيّة الجملة الشعرية فيه. حتى عندما وقع بين يديّ كتاب (ألف ليلة وليلة)، لم أنجذب إلى السرد رغم عجائبيته وسحره، بقدر ما انجذبتُ إلى الشعر المبثوث في ثنايا الكتاب. وأتذكر أنني كنت أتجاوز الصفحات وأقلّبها بحثاً عن بيتٍ أو بيتينِ من الشعر.

• لمن تدين بالفضل في الكتابة؟

•• أودّ أن أدين بالفضل إلى أحدٍ ما، لكنني حين أمَرّر بداياتي على الذاكرة، لا أتذكّر أحداً بذاته، آمن بي أو رأى في ما أقوم به بدايات واعدة لمشروع ما. كل ما هنالك أنني كنتُ أتلقى ثناءً عابراً إذا كتبتُ شيئاً جيداً. على أنني لا أقلّل من هذا الثناء، فقد كان ذا أثرٍ كبير في دافعيتي، وديمومة شغفي بالكتابة. هذا فيما يخص البدايات، أما الآن فأنا أدين بالفضل لأسرتي ولزوجتي خاصة، فهي داعم كبير لي على طول هذا الطريق، وتتحمل عن طيب خاطر الأعباء التي يُخلّفها انشغالي بالكتابة وهمومها.

• شاعر كان تأثيره كبيراً عليك.

•• لا يمكن تتبّع الأثر بسهولة في هذا الشأن؛ لأنه غالباً يكونُ قارّاً في اللاوعي. لكن إذا كان السياب يرى أنه تأثر بأبي تمام والشاعرة الإنجليزية إديث سيتول وأنه مزيج منهما، فأنا أرى أنني تأثرت كثيراً بسعدي يوسف ومحمود درويش، وأشعر أنهما يلتقيان بطريقة ما، في الكثرة الكاثرة مما أكتب.

• كيف للشاعر أن يكتب قصيدته وفق رهان المستقبل وليس للحظة التي يعيش فيها؟

•• في الغالب لا توجد كتابة لا يمكن تجاوزها. وما يُعبّر عنك الآن قد تجد أنه لا يُعبّر عنك غداً. أعتقد أن الرهان الحقيقي هو أن نكتب شيئاً يستطيع أن يصمد أمام عجلة الزمن. ربما إحدى الحيل التي يمكن أن نمارسها هي أن نكتب نصوصاً أكثر تجريداً وانعتاقاً من قيود الزمان والمكان، وأن نتخفّف من الكتابة تحت تأثير اللحظة الراهنة والحدث المُعاش.

• الملاحظ أنّ هناك إصدارات متشابهة في الشعر والقصة لشعراء وكتاب قصّة، وإن تعددت عناوينها، لكنّ التجربة لم تختلف.. ما تأثير هذا على الإبداع والقارئ كذلك؟

•• صحيح، هذا أمر ملاحظ. هناك من يصدر عشرة دواوين، وعند قراءتها لا تجد اختلافاً بينها، لا من حيث الثيمات ولا من حيث طريقة التناول، لتفاجأ أن هذه الدواوين العشرة هي في الحقيقة ديوان واحد طويل. الكاتب أو الشاعر الذي لا يتجدد يخاطر بمقروئيته ويخسر رهانه الشخصي. إما أن تقول شيئاً جديداً أو شيئاً مألوفاً بطريقة جديدة، لكن لا تقل الشيء نفسه بالطريقة نفسها، حتى لا تعطي فكرة أنك لا تأخذ مشروعك بما يستحق من جدية واهتمام.

• تنادي بأهمية تصدّر الأدب الجاد والأصيل المنصات.. أولاً: من يحدد ماهية الأدب الجاد؟ ثانياً: هل المرحلة تساعد في أن يتصدّر الأدب أيّاً كان المنصات التي كثرت وكثر مستخدموها والمؤثرون فيها؟

•• النقّاد والقرّاء النوعيّون، هم من يحددون ماهيّة الأدب الجاد ويُعلون من قيمته. مؤسف أن يتصدر المشهد الأدبي الأقل قيمة، بينما يبقى الأدب الأصيل في الهامش. في الأخير نحن مسؤولون عن تصدير ثقافتنا، وما نتداوله ونجعل له الصدارة في منصاتنا ومشهدنا، هو ما سيُعبّر عنّا وسيكون عنواننا في النهاية. وبالتالي لنا أن نتساءل بصدق: هل ما صُدِّرَ ويُصَدّر الآن، يُعبّر عن حقيقة وواقع الأدب والثقافة في بلادنا؟

• لديك مشكلة مع المألوف والسائد، وتطالب بسيادة الأدب الفريد والمختلف.. هل لدينا اليوم ذائقة خاصة يمكنها إشباع الذائقة العامة؟

•• يمكن الاتفاق في البدء أن تغيير شروط الكتابة هو في المقابل تغيير لشروط التلقي، وأن كل كتابة أصيلة ومختلفة ستصنع قارئاً مختلفاً. كل كتابة جادّة ستصنع قارئها، وهذا هو الرهان الحقيقي. أما المألوف والسائد فإنّ القارئ مصابٌ بتخمة منه. كل كتابة في المألوف والسائد هي ابنٌ بارٌّ للذاكرة لا للمخيّلة؛ الذاكرة بوصفها مستودعاً لكل ما قرَّ واستقرّ فيها وأخذ مكانه المكين. والمخيّلة بوصفها انفتاحاً على المتجدّد واللانهائي.

• ماذا يعني لك فوزك بالمركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي في مسار الشعر؟ وماذا تعني لك كتابة الشعر المسرحي؟

•• سعدت كثيراً بالفوز، سيما أن المسرحية تتحدث عن شخصية أحبها كثيراً: شخصية ابن عربي؛ تلك الشخصية التي عشت معها طيلة ثلاثة أشهر (وهي مدة كتابة العمل)، تجربة روحية وروحانية بالغة الرهافة، فقد استدعت الكتابة عن ابن عربي، العودة إلى قراءة سيرته وأجزاء من أعماله التي حملت جوهر فكره وعمق تجربته الصوفية. وبالانتقال إلى الجزء الثاني من السؤال، أقول إن كتابة الشعر المسرحي عمّقت من مفهومي للشعر وإيماني به وبقدرته على التحرك في مناطق جديدة، يمكن استثمارها على نحو جيد ومثرٍ، إذا ما تعاملنا معها بجدية.

• أما زلت تبحث عن دار نشر تطبع لك ديوانك الجديد دون مقابل مادي تدفعه؟

•• استطعت التواصل مع أكثر من دار، وقد رحبوا بالديوان والتعاون من أجله. لا ضير في كون دور النشر تبحث عن الربح، فهذا من حقها، وهذه هي طبيعة عملها. كل ما أنادي به أن تكون هناك جهة حكومية تشرف عليها وزارة الثقافة، تقوم بطبع الأعمال الجادة التي تعبّر عن حقيقة الأدب السعودي وواقعه.

• جاسم الصحيح قال عنك إنك لست شاعراً عابراً، وإنما شاعر ذو موهبة كبرى تتجاوز المألوف والسائد.. ماذا تعني لك هذه الشهادة؟•• جاسم اسم كبير في المشهد الثقافي وتجربة مرجعية في الشعرية العربية الحديثة، وأن تأتي الشهادة من قامة كقامة جاسم الصحيح لا شك أنها شهادة تدعو للابتهاج والنشوة، إضافة إلى ما تلقيه عليّ من عبء ومسؤولية كبيرة.

• كيف يكون المؤلف الجاد والرصين رأس مال لدور النشر؟

•• تمهيداً للإجابة عن السؤال، لا بد من القول إن الرساميل الرمزية أحياناً تكون أهم وأكثر مردوداً من القيمة المادية. بالنسبة لدور النشر، يُعد الكاتب الجاد رأس مال رمزياً مهمّاً؛ لأنه يبني لها سمعة في الوسط الثقافي. إذا أرادت دور النشر أن تستثمر في سمعتها، فإن أسرع طريقة هي استقطاب كتاب أصحاب مشاريع جادة، مقابل أن تطبع لهم بمبالغ رمزية على الأقل.

• كتبتَ الشعر بأشكاله الثلاثة ومع ذلك ما زلت ترى أنّ الوزن ليس شيئاً جوهرياً في القصيدة.. ما البديل من وجهة نظرك؟

•• نعم الوزن ليس شيئاً جوهريّاً في الشعر. ونحن حين نقول الوزن نقصد بطبيعة الحال الأوزان التي أقرها الخليل بن أحمد. الحقيقة أن الأوزان جزء من الإيقاع، أو بمعنى آخر، هي إحدى إمكانات الإيقاع وليس الإمكانية الوحيدة، وما دامت إحدى تجليات الإيقاع وليس التجلي الوحيد، فمعنى ذلك أن الإيقاع أعم وأشمل وأقدم. وعليه فإن الإيقاع هو الجوهري وليس الوزن. والإيقاع يمكن أن يتحقق في قصيدة النثر مثلاً، عبر حركة الأصوات داخل الجملة الشعرية. وهناك حادثة دالة وكاشفة أنهم حتى في القديم كانوا يدركون أن الشعر بما فيه من إيقاع يوجد أيضاً خارج أوزان الخليل، إذ يُروى أن عبدالرحمن بن حسان بن ثابت دخل على أبيه وهو يبكي، وكان حينها طفلاً، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر، فقال: صفه، فقال: كأنه ملتف في بردي حبرة. فصاح حسان: قال ابني الشعر ورب الكعبة. هذه القصة المروية في كتب الأدب تكشف بجلاء أن الشعر أوسع من مجرد الوزن والتفاعيل.

• أنت تقول: لا شيء يسعدني ككتابة الشعر الجيّد.. ما مواصفات الشعر الجيّد؟

•• لا أملك ولا يحق لي ربما الحديث عن الشعر الجيد بإطلاق؛ لأن في هذا ادعاءً كبيراً، لكن يمكن الحديث عما أراه أنا أنه شعر جيد؛ أي في حدود رؤيتي فقط. كل شاعر يكتب الشعر بناءً على ما يعتقد أنه شعر، وعليه فإن الشعر الجيد -كما أراه- خرق لنمطية اللغة وبحث جاد عن اللامرئي في المرئي، ومن مواصفات النص الجيد أن يتقاطع فيه الفكري بالوجداني، وأن يكون نتاج الحالة البرزخية بين الوعي واللاوعي. طبعاً إضافة إلى ضرورة أن يتخلص من المقولات السابقة، وأن يعمل في تضاد مع الذاكرة والثقافة؛ لأنهما يفرضان السائد والمألوف وكل ما هو قارّ في الذهن.

• العودة الملاحظة للشذرات كتابة وطباعة.. إلام تعيدها؟

•• الشذرة في رأيي هي رأس الشعرية. حَشْد كل هذا العالم بمستوياته وتناقضاته ورؤاه في بضع كلمات أمر بالغ الصعوبة على مستوى التكنيك، لكنه مثير وممتع حين تدخله كمساحة للتجريب وتحدي إمكانياتك. أيضاً جزء من اهتمامي بالشذرة يعود إلى افتتاني بالمشهدية وتأمل الفضاءات البصرية واستنطاقها. إضافةً إلى ما في الشذرة من تداخل أجناسي يزيدها ثراءً وغنى. وعلى مستوى آخر أعتقد أن الشذرة بحجمها وبنيتها أكثر تمثيلاً لحياتنا المعاصرة التي أشبه ما تكون بلقطات متتابعة ومنفصلة في فضاء بصري، يجمعها سياق عام. وأخيراً لا أنسى أن منصة (إكس) بما كانت تفرضه من قيود تقنية قد أسست لتجربتي في الكتابة الشذرية وصقلتها.

• الشاعر أحمد السيد عطيف اختلف معك في شكل القصيدة، ورأى أنّ الشكل لا يجعل الكلام جميلاً ومؤثراً.. فيما ترى أنت أنّ الكتابة على نمط القصيدة القديمة تقليد وليس إبداعاً.. هل المشكلة في الشّكل أم في أشياء أخرى؟

•• نعم، كان الحديث في هذه الجزئية عن القصيدة العمودية، وعن كتابتها بصياغة تقليدية مغرقة في القدامة. النقد الحديث على عكس القديم، لا يفصل بين الشكل والمضمون، ولكتابة نص حديث لا بد من تحديث الشكل؛ لأننا لا يمكن أن نتحدث عن مضمون ما بمعزل عن الشكل، إذ إن الشكل يخلق مضمونه أيضاً. طبعاً لا أقصد بتحديث الشكل استبدال القصيدة العمودية بشكل آخر، بل أقصد التحديث من داخل الشكل نفسه. تجديد الصياغة وتحديث الجملة الشعرية ذاتها لتكون قادرة على التعبير عن الرؤى الجديدة.

• لماذا ترى أنّ كتابة قصيدة النثر أصعب من كتابة قصيدة عمودية أو تفعيلة؟

•• السبب في رأيي أن النص العمودي والنص التفعيلي لديهما قوالب إيقاعية جاهزة تجعل من مهمة الخلق الشعري مهمة أقل صعوبة. بينما في قصيدة النثر أنت تعمل في منطقة أقرب ما تكون إلى الشكل الهلامي. قصيدة النثر ملامحها أقل حدة ووضوحاً من الشكلين السابقين، وعليه فإن كتابتها تحمل صعوبة أكبر؛ لأن لكل نصٍّ قالبه الخاص الذي عليك أن تخلقه من العدم.

• كيف يمكن للشاعر أن يكون رائعاً؟

•• يكون كذلك إذا كان أصيلاً؛ أي معبراً عن صوته الخاص، ولحظته الراهنة، ومنغمساً بالكامل في تفاصيل عالمه، طبعاً دون أن يفقد قدرته على الاتصال بالوجود والكون.

• النصوص القصيرة التفعيلية التي كتبتها وترغب في نشرها مرفقة برسوم إبداعية.. ماذا عنها؟

•• هي أربعون نصّاً، تحمل خلاصة تجربتي في كتابة الشذرة الشعرية، وهو تنويعٌ على تجربتي الشعرية عموماً. تعاونت في هذا المشروع مع الرسامة السورية القديرة راما الدقاق. والعمل الآن في مرحلته الأخيرة، وسيُنشر خلال الشهرين القادمين.

Continue Reading

ثقافة وفن

رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «بـراغ»

أصدر رئيس مركز الجواهري الثقافي، رواء الجصاني، كتاباً توثيقياً عن (شخصيات وشؤون ثقافية عراقية في ذاكرة وتاريخ

أصدر رئيس مركز الجواهري الثقافي، رواء الجصاني، كتاباً توثيقياً عن (شخصيات وشؤون ثقافية عراقية في ذاكرة وتاريخ براغ) طيلة 65 عاماً، وتضمن التوثيق 22 عنواناً فرعياً.

وسلّط المصدر الببلوغرافي الضوء على إقامة خال الجصاني الشاعر العربي محمد مهدي الجواهري، في التشيك قرابة 30 عاماً (1961-1991)؛ منها سبعة متصلة (1961-1968)، و كتب الجواهري خلال إقامته في (براغ) نحو 30 قصيدة ومقطوعة؛ عشر منها، وفيها، عن التشيك وجمال وعطاء بلدهم الذي أطال من عمر الجواهري كما يثبت ذلك في قصيدته:

أطلتِ الشوطَ من عمري، اطالَ الله من عمركْ

ولا بلّغتُ بالشرّ، ولا بالسوءِ من خبـركْ..

ألا يا مزهرَ الخلدِ تغنى الدهرُ في وتركْ.

واحتفظ المثقفون التشيك، باعتزاز بذكرى إقامة الجواهري معهم، وهم يدركون تميّزه الشعري، إضافة لكونه رمزاً عراقياً وعربياً، وإنسانياً، وجسراً وطيداً بين ثقافتي البلدين، وتم وضع نصب (معلم) تذكاري له جوار شقته التي عاش فيها أزيد من ربع قرن بمنطقة براغ السادسة.

كما تناول الكتاب، الفنان والمفكر الرائد محمود صبري، ذو العطاءات التشكيلية وصاحب نظرية (واقعية الكم) الذي أقام في براغ فناناً ومفكراً وطنياً، وباحثاً إنسانياً نصف قرن (1963-2013).. وكذلك الباحث والكاتب والمترجم القدير مصطفى عبود الذي أقام بها من أواخر السبعينيات إلى 1985. والكاتب والصحفي شمران الياسري (أبو كاطع) منذ النصف الثاني من السبعينيات إلى عام 1981.. والكاتب والروائي يحيى بابان – جيان، من منتصف الستينيات إلى عام 2023. والفنان الكردي العراقي البارز قادر ديلان؛ الذي أقام وعمل في براغ لنحو عقدين إلى وفاته عام 1999. والباحث الجدير فالح عبد الجبار من عام 1979 إلى 1981.. وبشرى برتو، وذنون أيوب، وفاروق رضاعة، وفيصل السامر، ونوري عبد الرزاق، ومجيد الونداوي، ومهدي الحافظ..

واستعاد الجصاني مسيرة إذاعة براغ العربية، ومن أسهموا فيها، ومنهم: أحمد كريم، وأناهيد بوغوصيان، وحسين العامل، وزاهد محمد، وصادق الصايغ، وعادل مصري، وفائزة حلمي، ومفيد الجزائري، وموسى أسـد، ونضال وصفي طاهر.

كما تناول الجصاني المجلات الثقافية التي صدرت، وكذلك المتخصصة في شؤون سياسية واقتصادية، والسفراء، والدبلوماسيين، وأمسيات شعرية، وندوات أدبية وفكرية، ومعارض فنيّة، وحفلات موسيقية، ومؤلفات وتراجم، وأفلام ومخرجين، ومترجمين ومحررين، وكتب ومكتبات، ومحطات إعلامية، ومركز الجواهري، الذي أطلقه رواء الجصاني والدكتور محمد حسين الأعرجي، والمستعرب التشيكي (يارومير هايسكي)، وبدأ نشاطاته في منتصف عام 2002: و(بابيلون للإعلام والنشر)، كما تناول الكتاب باحثين وأكاديميين وعلماء.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .