Connect with us

السياسة

سورية الجديدة.. نحو رؤية استراتيجية شاملة

انقضى مؤتمر الحوار الوطني السوري العتيد في أجواء إيجابية، رسَمت من خلالها رئاسة الجمهورية ملامح دولة جديدة، تحكمها

انقضى مؤتمر الحوار الوطني السوري العتيد في أجواء إيجابية، رسَمت من خلالها رئاسة الجمهورية ملامح دولة جديدة، تحكمها قيادة قوية وحازمة تنظر إلى النصر على الدكتاتورية كمنجز أو هدية قدمتها إلى شعبها، كما ألمح الرئيس أحمد الشرع في كلمته للمؤتمرين، ولكنها في الوقت ذاته مستعدة للاستماع إلى جميع الآراء وإن عارضتها، كما أظهرت الحوارات المعمقة التي خاضها نحو ألف مشارك اختارتهم القيادة ليوصلوا صوت الشعب إلى «قصر الشعب»، وهو ما تحقق حرفياً.

لكن ثمة نقاشات حامية بين بعض النخب السياسية في دمشق اليوم لم تجد لها مكاناً في أروقة المؤتمر، الذي شُغل المشاركون فيه بالحديث عن بناء الدولة أكثر مما ناقشوا رسم استراتيجية سياسية داخلية وخارجية للبلاد. تدور هذه النقاشات حول تجديد دور الدولة السورية، وهي تتأرجح بين مسألتين يصعب حسمهما أو ترجيح أي منهما على الأخرى: هل المطلوب تجديد الدور الخارجي لسورية كمنطلق نحو تحقيق استقرار البلاد ووحدتها؟ أم تجديد البنية الداخلية السورية كأساس للعب دور خارجي مؤثر؟

من نافلة القول التأكيد على أن الانهيار الذي حصل لدولة الإجرام الأسدية جاء كنتيجة طبيعية للظلم والترهل والفشل والفساد والضعف الداخلي الشديد الذي تسبب به الاستبداد الذي استشرى كسرطان يأكل الجسد السوري من داخله وينخره حتى سقط.

ولكن من الضروري أيضاً أن ننبه إلى أن عمر تلك «الدولة» السورية ما كان له أن يطول عقوداً، بالرغم من المقاومة الداخلية الشديدة والرغبة الشعبية في التحرر، كما عبرت عنه ثورات السوريين منذ الستينات إلى ثورة 2011؛ لولا الدور الخارجي الذي اضطلعت به. بل إن ثمة ارتباطاً واضحاً بين سقوط النظام البائد وتضافر عوامل الانهيار الداخلية مع استنفاد الدور الخارجي للطغمة الحاكمة بعدما خسرت تموضعها لدى جميع القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في المنطقة.

لا شك أن الهدوء الذي يلف قصر الشعب، بعد ضجيج «الحوار الوطني» وتراجع زيارات الوفود الشعبية الكثيفة، يتيح لصانع القرار السوري الفرصة ليهندس بدقة متناهية تحركاته القادمة، داخلياً وخارجياً، آخذاً في الاعتبار كل ما يصله من أفكار ومقترحات داخلية، وعروض ونصائح خارجية، بينما يقع على عاتقه حسم خيارات صعبة ومعقدة، وهو واعٍ لأهمية دور سورية وموقعها بالتأكيد.

إن قَدَر سورية، كأي دولة أخرى في العالم، مرتبط بشكل أساسي بموقعها الجيوسياسي، فالجغرافيا والجيران، ولاسيما الوجود بين قوى إقليمية أقوى وأكبر، عوامل مؤثرة في الوضع السوري بالتأكيد. ولكن علينا كسوريين أن ندرك أن موقعنا الجغرافي وحده لا يعني تلقائياً أهمية بلدنا الاستراتيجية، بل إن الاكتفاء باستثمار موقع بلادنا المتميز يجعلنا مجرد «ممر استراتيجي» تتنافس عليه قوى متعددة. ومشكلة «الممر» أن كل من يضعون السيطرة عليه نصب أعينهم ينوون في النهاية أن يدوسوه في طريقهم نحو تحقيق أهدافهم.

يطرح هذا الواقع تحدياً خطيراً أمامنا كسوريين ونحن نعيد تعريف «الدور» و«التموضع» للدولة السورية في المستقبل. فإذا غرقنا في معادلة عقد الصفقات والتفاهمات الخارجية على حساب الداخل، ظانّين أننا بذلك ربما نتخلص من العقوبات الظالمة أو الاعتداءات الإسرائيلية المتعجرفة مثلاً؛ نكون قد وقعنا في فخ تضاؤل بلدنا إلى الحد الذي يهمش دورنا الخارجي الحقيقي، ويُلحقنا بالآخرين، تماماً كما فعل النظام البائد، حين دمّر سورية، الدولة والموقع، واستسلم للدور السلبي الذي أصبحت بموجبه مجرد ممر لقوى إقليمية ودولية نحو تحقيق مصالحها.

أخبار ذات صلة

ولسنا هنا في وارد التقليل من شأن أهمية بعض العلاقات الخارجية في تحقيق الاستقرار الداخلي، لاسيما في ملفات مثل الجولان المحتل، ومناطق شرق الفرات التي تحكمها قسد، ومحافظتي السويداء ودرعا. ولكن معالجة هذه الملفات لا تكمن ببساطة في طرح ساذج لفكرة القفز من محور دولي أو إقليمي إلى محور منافس (كما يقترح بعض المحللين)، ولا تتم فقط بمحاولة التوصل إلى تفاهمات وترتيبات خارجية، وكأننا قد استكنّا إلى حتمية التأثير الخارجي كعامل وحيد في سورية، وإنما يجب حلحلتها داخلياً أيضاً من خلال إدارة خبيرة هادئة، وسياسة حكيمة واعية.

في سبيلنا نحو المستقبل، نحتاج إلى المزاوجة بين تجديد البنية الداخلية السورية، بما يعنيه ذلك من النهوض بالإنسان أولاً، ثم بالعمران ثانياً، عبر التنمية البشرية والاقتصادية، وكذلك السياسية؛ وبين إعادة تعريف دور بلادنا الخارجي بذكاء وحذر من خلال بناء تحالفات جديدة، وإدراك أهمية بناء الثقة مع الحلفاء والجيران بشكل خاص، لاسيما أن سورية لا يمكن أن تبقى مستقرة وتزدهر بمجرد الانسحاب السلبي من الملفات الإقليمية والتوقف عن التدخل في شؤون الآخرين، وإنما يجب أن يكون لها دور فاعل وإيجابي، كشرط أساسي لاستمرارها في الحياة.

وإذا كان هدف القيادة السورية الجديدة لا يقتصر على السيطرة على السلطة، كما أكد الرئيس أحمد الشرع أكثر من مرة، عندما تحدث عن العمل من أجل النهوض بسورية ورفعها إلى مصافّ الدول المتقدمة؛ فإن هناك حاجة حقيقية لرؤيةٍ استراتيجيةٍ شاملة، تتكامل فيها التنمية الداخلية مع الفاعلية الخارجية، لاسيما أن ثمة دولاً حليفة في المنطقة، وعلى رأسها السعودية، تليها تركيا، ودولاً أخرى عربية، لا تنظر إلى سورية الجديدة بعيون المصالح العابرة من أراضيها فقط، وإنما تعتبر الاستثمار في نهضة سورية وشعبها ركناً أساسياً في سياساتها الخارجية القائمة على تحالفات تضامنية، بل وامتداداً لاستراتيجياتها الوطنية التنموية أيضاً، نظراً لوشائج القربى والأخوة بين شعوبها والشعب السوري الذي تنظر هذه الدول إلى نضاله وكفاءته باحترام وإعجاب لا يخفى.

تقف دمشق أمام فرصة حقيقية، مع انفتاح أبواب عواصم مثل الرياض وأنقرة أمامها. ولكن استمرار هذا الانفتاح مرهون بالوعي السوري بأهمية الاستفادة من هذه الفرصة، وبث الثقة الحقيقية عبر نقل الخبرة والاستفادة من التجارب والرؤى التنموية لهذه الدول، كمفتاح لاستقطاب الاستثمارات الكبرى التي تتوجه نحو البيئات الآمنة والمستقرة سياسياً واقتصادياً وقانونياً وعسكرياً وأمنياً.

يقول المسؤولون في دمشق إن الإعلان الدستوري على الأبواب، وكذلك تشكيل مجلس تشريعي انتقالي، وولادة حكومة سورية انتقالية سوف تفاجئ الجميع. ويمكن القول إن المفاجأة الكبرى التي ينتظرها الشعب السوري لا تقتصر على رؤية حكومة منوعة التمثيل وكفؤة قادرة على رفع مستوى الخدمات المتردية في البلاد. إنما يترقب السوريون أن تولد حكومة وازنة ذات رؤية استراتيجية بعيدة، تطمئنهم على مستقبلهم ومصير بلادهم.

_____________________

* عبيدة نحاس، سياسي سوري

السياسة

مملكة العفو تعالج ولا تُعاقب

رسّخت المملكة مفهوم العفو باعتباره ركيزةً من ركائز الحُكم الراسخة على المستوى الشخصي في الملوك والحكّام عبر عقود

رسّخت المملكة مفهوم العفو باعتباره ركيزةً من ركائز الحُكم الراسخة على المستوى الشخصي في الملوك والحكّام عبر عقود من تاريخ الدولة السعودية، وعلى المستوى الإداري الرسمي، خصوصاً فيما ليس فيه حق خاص.

وعندما تُعلن بلاد الحرمين الشريفين في شهر رمضان العفو عن أبنائها داخل المملكة وخارجها، فإنها تعني ذلك تماماً، وتطبّقه عملياً؛ كون المبادئ لا يُساومُ بها، ولم تجعل السياسة الحكيمة قراراتها ذريعةً لاسترضاء أحد، ولا كسب مواقف، بقدر ما توطّد علاقة إنسان بوطنه، وتحمي مكونات المجتمع كافة من التشرد والتشرذم والضياع الفردي والأسري.

ولعلّ من أبرز خصائص العهد السعودي المعاصر إعلاء شأن التسامح، وتبنّي منهج الاستصلاح والاحتواء؛ ليقين القيادة بأن المواطن السعودي فيه خير، وما يقع من سوء فهم أو تقدير أو تعبير قابل للمعالجة، ونظرة الحكام إلى شعبهم تنطلق من حُسن الظنّ، وتغليب المسؤول جانب إرادة الخير على ما سواها.

ولن يفوّت مثل هذا العفو حصيف رأي، ولا ثاقب نظر، طالما أتاحت دولتنا الراقية في منهجها وتوجهها لكل مغرر به، أو مُدلّسٍ عليه عودته آمناً إلى حضن وطنه؛ ليعيش معززاً مكرّماً بين أهله وذويه، والعفو فرصةٌ ومساحة لمعرفة الصالحين من الطالحين، والدولة السعودية تُعالج، وربما تُعاتب، لكنها لا تُعاقب لا مواطنيها ولا ساكنيها، إلا من تجاوز حدود الله، وانتهك حُرمة النظام، والعفو عند المقدرة من شِيَم العُظماء.

أخبار ذات صلة

Continue Reading

السياسة

تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد في عددٍ من مناطق المملكة

قررت إدارات التعليم والجامعات في بعض مناطق المملكة تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد نظراً للتغيرات الجوية وتحذيرات

قررت إدارات التعليم والجامعات في بعض مناطق المملكة تعليق الدراسة وتحويلها عن بعد نظراً للتغيرات الجوية وتحذيرات وتقارير المركز الوطني للأرصاد، وحرصاً على سلامة الجميع.

إذ قررت إدارة تعليم منطقة القصيم، تحويل الدراسة الحضورية اليوم الثلاثاء, إلى دراسة (عن بُعد) عبر «منصة مدرستي»‬ لجميع الطلبة ومنسوبي ومنسوبات مدارس ‫تعليم المنطقة‬ ومحافظاتها ومكاتب التعليم.

كما قررت جامعة القصيم تحويل الدراسة الحضورية اليوم الثلاثاء، إلى نظام الدراسة عن بعد لجميع طلاب وطالبات الجامعة في جميع مقراتها.

من جهتها، أعلنت إدارة التعليم بمحافظة الطائف، استمرار الدراسة عن بعد اليوم الثلاثاء، بمدارس الطائف والمحافظات التابعة له تعليميًا, وستكون الدراسة عبر منصة مدرستي.

كما أعلنت جامعة الطائف تعليق الدراسة الحضورية اليوم الثلاثاء في المقر الرئيس بالحوية وجميع الفروع التابعة لها، وستكون الدراسة عبر منظومة «البلاك بورد».

ويأتي التعليق بناءً على الحالة الجوية التي تشهدها المنطقة, وعلى التقارير الواردة من المركز الوطني للأرصاد والجهات المعنية, وذلك حفاظًا على سلامة جميع الطلبة والهيئات التعليمية والإدارية بالجامعة والمدارس ومكاتب التعليم.

كما أعلنت إدارة التعليم بمنطقة المدينة المنورة، تعليق الدراسة الحضورية اليوم الثلاثاء في مدارس المدينة المنورة، ومحافظات (الحناكية, وبدر, وخيبر, وادي الفرع, والعيص, والمهد)، وذلك بناءً على التنبيهات الواردة من المركز الوطني للأرصاد، بشأن الظروف المناخية التي تمر بها المنطقة، وموجة الغبار، وحرصًا على سلامة الجميع.

أخبار ذات صلة

وأشارت الإدارة إلى أن العملية الدراسية ستكون مستمرة ‫عن بعد‬، وذلك عبر ‫منصة مدرستي لجميع الطلبة ومنسوبي ومنسوبات المدارس ومكاتبها الداخلية.

وأعلنت جامعة طيبة بالمدينة المنورة تعليق الدراسة الحضورية اليوم الثلاثاء، لطلبة الجامعة في المقر الرئيسي بالمدينة المنورة، وفروع الجامعة بمحافظات (الحناكية, وخيبر, والمهد, وبدر)؛ وذلك بناءً على التقارير الواردة من المركز الوطني للأرصاد، وحرصًا على سلامة الجميع.

وأوضحت الجامعة أن الدراسة ستكون عن بعد عبر نظام «البلاك بورد» لجميع الطلبة.

كما أعلنت إدارة تعليم ينبع، تعليق الدراسة الحضورية اليوم الثلاثاء وتحويلها «عن بُعد» عبر منصة «مدرستي» في مدارس المحافظة، والقطاعات التابعة لها لجميع الطلاب والطالبات ومنسوبي ومنسوبات المدارس.

Continue Reading

السياسة

محافظ الطائف: توجيهات القيادة تحثّ على الصفح.. والتعاضد بين أبناء الوطن

استقبل محافظ الطائف الأمير سعود بن نهار بن سعود بن عبدالعزيز، في مكتبه مساء أمس (الإثنين)، المتنازِل عن قاتل ابنه

استقبل محافظ الطائف الأمير سعود بن نهار بن سعود بن عبدالعزيز، في مكتبه مساء أمس (الإثنين)، المتنازِل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى، المواطن عيضة بن جابر السويعدي السفياني وأبناءه .

وأشاد الأمير سعود بامتثاله للتعاليم الإسلامية التي تدعو للعفو عند المقدرة والصفح لوجه الله تعالى، ثم توجيهات القيادة الرشيدة التي تحثّ على الصفح والتعاضد بين أبناء هذا الوطن الغالي، منوهاً بالعمل غير المستغرب على أبناء هذا الوطن الغالي الذي قدمه السفياني .

أخبار ذات صلة

وسأل محافظ الطائف الله -عز وجل- أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتهم.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .