أكد رئيس الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) الدكتور عبدالله بن شرف الغامدي أن المملكة العربية السعودية قدّمت أنموذجًا رائدًا في تعزيز الحوكمة الشاملة للذكاء الاصطناعي على المستويين الإقليمي والعالمي، في ظل الاحتياج العالمي لذلك نتيجة استمرار الذكاء الاصطناعي في تشكيل الاقتصادات والمجتمعات وهياكل القوة العالمية، وتجاوز التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي الحدود الدولية مؤثرةً في الصناعات والحكومات وأسواق العمل والأمن.
جاء ذلك في كلمة ألقاها اليوم في جلسة عقدت خلال أعمال «قمة العمل من أجل الذكاء الاصطناعي» التي تستضيفها العاصمة الفرنسية باريس خلال الفترة 10 – 11 فبراير الجاري.
حضر الجلسة رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وعدد من قادة الدول، وصنّاع السياسات وكبار المختصين في الذكاء الاصطناعي في العالم.
وقال الغامدي: الحوكمة الشاملة للذكاء الاصطناعي تضمن أن يكون لجميع الأطراف المعنية بما في ذلك الحكومات، وقطاع الأعمال، والمجتمع المدني والمجتمعات غير الممثلة بالقدر الكافي، دورٌ في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي، ومن خلال تعزيز التعاون والشفافية، يمكن للحوكمة الشاملة الحد من المخاطر وبناء الثقة، وإنشاء إطار عمل يضمن أن يخدم الذكاء الاصطناعي البشرية جمعاء، لا فئة بعينها.
وأضاف أنه في غياب وجهات نظر متنوعة في صنع السياسات هناك خطر أن يفاقم الذكاء الاصطناعي من حدة التفاوتات، ويعزز التحيزات، ويعود بالفائدة على فئات محددة دون غيرها، مبينًا أن المملكة نشرت 65 سياسة متعلقة بالذكاء الاصطناعي على المرصد العالمي للذكاء الاصطناعي التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) لتحلّ في المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وأطلقت مرصد سياسات وحوادث الذكاء الاصطناعي لمنطقة الشرق الأوسط باللغة العربية، ما يعكس التزامها بالشفافية الإقليمية وصنع السياسات القائمة على البيانات.
واستعرض الدكتور عبدالله الغامدي في معرض كلمته جهود المملكة المحلية والإقليمية والدولية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي، مبينًا أن المملكة نظّمت في 2020 قبل الطفرات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي النسخة الأولى من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الرياض، وفي 2024 نظّمت النسخة الثالثة والأكبر من هذه القمة، التي جمعت خبراء وصناع سياسات وقادة صناعيين من أكثر من 100 دولة، لرسم ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي من أجل خير البشرية.
ولفت النظر إلى أنه انطلاقًا من حرص المملكة على ضمان تقدم الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع قيمنا الإسلامية ومبادئنا الأخلاقية، استضافت في مدينة الرياض أكبر جلسة تشاورية للجنة الاستشارية للذكاء الاصطناعي التابعة للأمم المتحدة، بمشاركة ممثلين من أكثر من 53 دولة إسلامية، وهذه الجهود تُوّجت بإطلاق ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي في سبتمبر الماضي، ليعكس تأثير الذكاء الاصطناعي على حياة مليارَي مسلم حول العالم.
وأفاد أن المملكة لم يقتصر دورها على المبادرات في ظل اهتمامها بالحوكمة الشاملة للذكاء الاصطناعي، بل تجاوز ذلك إلى إنشاء المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي (ICAIRE) في الرياض، وهو مركز من الفئة الثانية تحت مظلة اليونسكو الذي سيؤدي دورًا محوريًا في صياغة سياسات الذكاء الاصطناعي، وتعزيز بناء القدرات، ودعم تطوير ذكاء اصطناعي أخلاقي ومسؤول.
وذكر في ذلك الصدد أن مركز (ICAIRE) نظّم العديد من الفعاليات بالتعاون مع جامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، بمشاركة أكثر من 100 خبير من 28 دولة ومؤسسة، بهدف تعزيز الحوكمة الإقليمية للذكاء الاصطناعي ووضع تنظيمات أخلاقية واضحة له.
وشدّد في ختام كلمته على أن المملكة العربية السعودية بوصفها قلب العالمين العربي والإسلامي، مستعدة للإسهام في صياغة مستقبل الشراكة العالمية للذكاء الاصطناعي (GPAI) التي ستعقد اجتماع المجلس الوزاري للشراكة 2025 في سلوفاكيا، داعيًا إلى توحيد الجهود الدولية من أجل بناء منظومة ذكاء اصطناعي مبتكرة وجديرة بالثقة وشاملة للجميع.