حاضر سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن نايف بن بندر السديري محاضرة نظمها كرسي المرحوم سمير الرفاعي للدراسات الأردنية في جامعة اليرموك، ضمن فعاليات أربد عاصمة الثقافة العربية لعام 2022. عنوانها «العلاقات السعودية الأردنية تاريخية وإستراتيجية».
وأكد السفير السديري بحضور رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور عبد الرؤوف الروابدة، أنه عقب عامين من جائحة فيروس كورونا، التي أجبرت العالم كله على تجميد ممارسات ثقافية متجذرة في الثقافة والحضارة والفعل الاجتماعي، وحيث ينتظر المثقف العربي إعادة النبض للحراك الثقافي والفني، تستعد محافظة إربد لبث الروح من جديد في النبض الثقافي والفني والأدبي عبر العديد من الفعاليات، بعد اختيارها عاصمة للثقافة العربية لعام 2022، من قِبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)؛ لتحمل لواء الثقافة والفن في المنطقة العربية على مدار عام كامل، حتى تحط الرحال؛ لتتسلم منها مدينة عربية أخرى لواء الثقافة من جديد بالعام القادم.
وأضاف السفير السديري «مدينة إربد، أو الأقحوانية عروس الشمال، كما يطلق عليها الأردنيون اليوم، منبعٌ للأمل والحياة، مقبلة على احتفالية إربد عاصمة للثقافة العربية هذا العام، حيث تستعد لارتداء ثوب عرسها الثقافي العربي الجميل، فهي مدينة ذات أجواء ثقافية مدهشة، تزهو بأدبائها ومثقفيها، فنّانيها وتشكيلييها، مسرحييها وموسيقييها، ولطالما تغنّى بها الشعراء وكتب عنها الأدباء، وأنشد لها وبها المنشدون والمطربون، عن حواريها القديمة، وأسواقها العتيقة، وأجوائها الملهمة، لا يتوقف الكلام ولا يجف المداد».
وتابع السفير السديري أن العلاقات بين المملكتين والأسرتين المالكتين والشعبين الشقيقين متجذرة، وأصيلة، منذ عهد مؤسسي البلدين جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وشقيقه جلالة الملك عبدالله الأول – رحمهما الله وطيب ثراهما وجزاهما عن بلديهما وشعبيهما والأمتين العربية والإسلامية خير الجزاء- وحتى عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأخيه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين – يحفظهما الله-.
وأضاف: لاشك بأن العلاقات التي تربط الشعبين الشقيقين السعودي والأردني تؤكد على أن التواصل الثقافي بين الشعوب والدبلوماسية الشعبية، والثقافية، من خلال الفعاليات الثقافية والاجتماعية المختلفة، هي الطريق الامثل لإيجاد مزيد من أواصر المحبة والسلام، وتقوم ايضا بدور هام ومؤثر في بناء الشعوب وتلاحمها وفي حياة الأمم وفي ترسيخ القيم الأخلاقية والإنسانية والفنية والجمالية بين الشعوب المختلفة، فما بالنا بالشعبين الشقيقين السعودي والأردني، اللذين هما في الواقع متطابقان في كل شيء.
وتابع السفير السديري «وكما لا يخفاكم؛ ففي السعودية، أصبح الحراك الثقافي يحتل موقعا ثقافيا متقدما بين دول العالم، وذلك للنقلة النوعية التي يعشيها المشهد الثقافي المحلي، ما يمثّل أحد أهم مظاهر التحول التنموي والحضاري الكبير الذي تشهده المملكة منذ إطلاق رؤيتها الطموحة 2030، بقيادة مولا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – يحفظهما الله- اللذين يوليان الشأن الثقافي جل العناية والرعاية والاهتمام، والدعم والتشجيع».
وأشار السفير السديري إلى أنّ العلاقات السعودية – الأردنية أقوى من أيِّ وقتٍ مضى، وهي تمثّل حلقة متميّزة وأنموذجا يُحتذى في العمل العربي المشترك، الأمر الذي تؤكّده حالة التنسيق الدائم والتشاور المستمر بين البلدين الشقيقين، ووحدة الموقف تجاه مختلف القضايا العربيّة والإقليميّة والعالميّة.
من جهته، أوضح رئيس جامعة اليرموك الدكتور إسلام مساد أن العلاقات السعودية الأردنية تميزت بالعُمق والرسوخ والثبات منذ أزل التاريخ؛ فالعلاقات التي تربط المملكة الأردنية الهاشمية بالمملكة العربية السعودية والتي يقودها كُل من جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحُسين، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود- حفظه الله-، قد أخذت مسارًا مُتميزًا وراسخًا بين القيادتين والحكومتين، مما أثمرَ توافقاً دائماً بين المصالح المشتركة للمملكتين الشقيقتين.
وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية لم تتوان عن فتح أبوابها للكفاءات الأردنية المتميزة من أطباء ومدرسين واقتصاديين ورجال أعمال ومِهن، كما كان لإسهامات الصندوق السعودي للتنمية في دعم الكثير من المشاريع في الأردن كبير الأثر، إذ تُعدُ السعودية ثالث أكبر دولة من حيث حجم الاستثمار في الأردن.
وفي نهاية المحاضرة التي حضرها عدد من أعضاء مجلس أمناء الجامعة، ونائبا رئيس الجامعة، وعدد من نواب محافظة اربد، ورؤساء الجامعات السابقين والحاليين لجامعات الشمال، وعدد من عمداء الكليات وأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة، والهيئات الرسمية والشعبية في المحافظة، وحشد من الطلبة الأردنيين والسعوديين الدارسين في الجامعة، وعدد من المسؤولين في الجامعة والسفارة، دار حوار موسع أجاب من خلاله السفير على أسئلة ومداخلات الحضور حول مستقبل ومتانة العلاقات الأردنية السعودية.
وخلال زيارته للجامعة تجول السفير رافقه رئيس الجامعة وعدد من المسؤولين داخل الحرم الجامعي زار فيها مبنى الأمير الحسين بن عبد الله الثاني (مجمع القاعات الصفية) أحد المشاريع التي تم تنفيذها بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية، كما قام بزيارة إلى متحف التراث الأردني في الجامعة، ومقر كرسي المرحوم سمير الرفاعي للدراسات الأردنية في الجامعة، ومركز الملكة رانيا للدراسات الأردنية وخدمة المجتمع، وجال في عدد من القاعات الصفية والتقى عددا من الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية.
وأشاد السفير خلال الجولة بالجهود التي تبذلها جامعة اليرموك من أجل تقديم تعليم نوعي ومتميز للطلبة الأردنيين والعرب، مثمنا حرص الجامعة على غرس القيم العليا والأخلاق الكريمة لدى طلبتها من مختلف الجنسيات.
بدوره أكد مساد أن اليرموك تتميز بحرصها على احتضان مجموعة من الكراسي والمراكز العلمية التي تهدف إلى توطين البحث العلمي الرصين داخل الجامعة بما يسهم في خدمة المجتمع وبناء مؤسساتنا الوطنية والعربية وفق أسس علمية حديثة.