Connect with us

الثقافة و الفن

عبدالرزاق قنبر.. من تجارة «الأرزاق» إلى صناعة الخرسانة الجاهزة

عرف عن قنبر أنه صاحب فلسفة تجارية تحبذ الابتعاد عن الاستثمار في سوق الأسهم، دون الاعتراض عليه، وذلك من منطلق أن

Published

on

عرف عن قنبر أنه صاحب فلسفة تجارية تحبذ الابتعاد عن الاستثمار في سوق الأسهم، دون الاعتراض عليه، وذلك من منطلق أن التجارة في العقار والأسهم تنحصر فوائدها في صاحبها فقط، ولا يستفيد منها إلا القلة القليلة، أما القطاعات الأخرى مثل الصناعة، فتشكّل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وتمتد فوائدها وخيراتها للكثيرين فيستفيد منها العاملون وأسرهم من خلال ضمان مستوى معيشي لائق وحياة كريمة، خصوصاً أن الدولة دعمت القطاع الصناعي بالقروض والحماية ومنح الأراضي بإيجارات رمزية وشراء المنتج المحلي. وبالمثل، فهو من أنصار الاستثمار داخل الوطن وضد إقامة المشاريع في الخارج؛ لأن الوطن أولى باستثمارات أبنائه. كما أنه من الداعين إلى أن تكون الشراكة مع المصانع والمؤسسات الأجنبية في حدود ضيقة تنتهي بالحصول على الخبرة وتأهيل كادر فني محلي، وهذا ما فعله بنجاح حينما تعاقد مع شركات بريطانية وألمانية في مجال الخرسانة الجاهزة على نحو ما أسلفنا.

ومثل كل الرجال الأنقياء الأتقياء الشاكرين لنعم الله وفضله عليهم، لم يدخر قنبر وسعاً في الإنفاق من ماله على المشاريع الخيرية والإنسانية، ولا سيما في المنطقة الشرقية. فهو رائد من رواد البر والإحسان، ويكاد لا يخلو مشروع خيري من اسمه، بدليل أنه عضو مؤسس وداعم لجمعية البر بالمنطقة الشرقية، وعضو في «جمعية أصدقاء المرضى»، و«الجمعية الخيرية لرعاية المعاقين» بالدمام، ومساهم ببناء البرج الطبي بالدمام، وداعم رئيس لجمعية السرطان، وجمعية السكر، وجمعية تحفيظ القرآن الكريم، وجمعية أيتام الشرقية، ناهيك عن أنه صاحب مشروع وقفي بثمانية ملايين ريال، وصاحب «نزل الأنصاري» لإسكان مرافقي المرضى المراجعين والمنومين بالمستشفى التخصصي بالدمام بكلفة 20 مليون ريال، وهو مشيد «جامع قنبر الأنصاري» وملحقاته بمنطقة النخيل من الدمام.

في التاريخ التجاري للمملكة العربية السعودية ثمة شخصيات عصامية بنت نفسها من الصفر بفضل من الله ثم بفضل اجتهادها ومثابرتها وصبرها واتصافها بالورع والصدق والأمانة في تعاملاتها، فمنّ الله عليها بالخير الوفير. من هذه الشخصيات التي برزت في ميادين المال والأعمال والمشاريع التجارية والصناعية الكبيرة وتنقلت ما بين قطاعاتها المتنوعة، خدمة لوطنها السعودي وهو يتدرج في فضاءات التنمية والبناء والنهضة العمرانية الحاج عبدالرزاق محمد قنبر الأنصاري، الذي حل بمدينة الدمام قادماً من قرية البديع البحرينية في عقد الثلاثينات من القرن العشرين.

كتب عنه الأستاذ عبدالعزيز البدر في مجلة «الاقتصاد» لسان حال غرفة تجارة وصناعة المنطقة الشرقية ما مفاده أن صاحبنا أحب التجارة منذ أن أخذه أبوه إلى السوق ليعرفها ويعرف من خلالها الناس والحياة، فعرف أبجدياتها وتعلم حروفها وأتقن قواعدها وأصولها، ومنها أخذ الجرأة والإقدام على اقتحام المجهول والإصرار على النجاح في كل مجال.

ووصفته صحيفة «اليوم» السعودية (23/‏2/‏2005) بأنه «أحد رواد قطاع الإنشاء والتعمير في المنطقة الشرقية، ومن أوائل من صنع الطابوق، وأول من نقل التقنية البريطانية في الخرسانة المسلحة، وأول من نقل التقنية الألمانية في صناعة الخرسانة مسبقة الصنع التي تحولت بعد 20 عاماً إلى صناعة سعودية ذات مستوى عالٍ من الجودة ومطلوبة في أكثر من سوق من الأسواق المجاورة».

ولد عبدالرزاق محمد قنبر الأنصاري في قرية البديع الساحلية بالبحرين في حدود عام 1922 للميلاد لأسرة ينتشر أفرادها في معظم دول الخليج العربية وتعود أصولها إلى الخزرج الأنصار من المدينة المنورة. والده كان يعمل في تجارة المواد الغذائية البسيطة ويتنقل بسببها ما بين قطر والبحرين وسواحل إيران. وبعد هجرة الدواسر من البديع إلى الساحل الشرقي من السعودية في العشرية الثانية من القرن العشرين، وقيامهم ببناء ما يعرف اليوم بمدينة الدمام، قرر والده أن ينتقل إلى الأخيرة مصطحباً أسرته وابنه الصغير عبدالرزاق، ليبدأ من هناك تجارة المواد الغذائية التي تعرف بـ «الأرزاق». وهكذا بدأ عبدالرزاق مع والده العمل من خلال متجر صغير، كان وقتها أحد ستة متاجر تملكها عائلات البنعلي والعبدالواحد والقاضي والسحيمي والمعيبد، علماً أن عبدالرزاق لم يلتحق بمدرسة، ولم يتعلَّم لغة، ولكنه حفظ ما تيسر له من كتاب الله.

توفي والده وهو في سن السابعة، ثم لحقت به والدته وهو في الحادية عشرة، فاضطر للانتقال والعيش مع عمه الذي جاء وقتذاك من قطر إلى الدمام للعمل والإقامة. تكفل عمه بتربيته وصار وصيّاً عليه وألحقه بأعماله في تجارة المواد الغذائية والملابس، التي كان يشتريها من الجبيل والقطيف والبحرين، راضياً براتب ثلاث روبيات في الشهر.

ظل الصبي عبدالرزاق يعمل لدى عمه في التجارة، ومع مرور الأيام والسنوات وتراكم خبرته صار يتحمل وحده مسؤوليات السفر والبيع والشراء كشريك لعمه. لكنه قرر في عام 1961 أن يستقل بأعماله دون أن يهجر تجارة المواد الغذائية، وإنما تمسك بها كونها كانت تدر أرباحاً كبيرة بسبب مشتريات شركة أرامكو النفطية ومشتريات موظفيها الكبيرة، ثم ألحق بها تجارة السجاد الفارسي الذي راح يستورده من الكويت ودبي. علاوة على ذلك توسع في تجارته للمواد الغذائية والمفروشات والسجاد بافتتاح فروع لها في قطر ودبي.

ومع تطور المنطقة الشرقية وتوفر الكهرباء فيها، انتقل عبدالرزاق قنبر من تجارة الأرزاق إلى تجارة المواد الكهربائية، استجابة لمتطلبات السوق، فراح يستورد الأدوات الكهربائية من أوروبا عن طريق البحرين وفرضة الخبر، وذلك لعدم وجود ميناء آنذاك في الدمام، مكرراً ما كان يفعله سابقاً مع المواد الغذائية. علاوة على نشاطه التجاري الجديد، راح يعمل في مجال العقار بيعاً وشراء.

جاء أول استثماراته العقارية حينما اقترح عليه أمير الدمام ومؤسسها الشيخ أحمد بن عبدالله الدوسري أن يتملك بيتاً في «فريج الدواسر» بالدمام، كان أصحابه قد انتقلوا منه إلى فريج آخر جديد، فاشترى البيت بمبلغ 500 روبية، وأنفق فوقها خمس روبيات كأجرة عتال لنقل أغراضه إلى البيت، علماً أن قنبر هدم هذا المنزل لاحقاً وشيد مكانه مبنى اتخذته شركته مقراً لها، كونه يقع على شارع استراتيجي هو الشارع الحادي عشر (شارع الظهران). ومن الصدف أن مبلغ الخمسمائة الذي دفعه قنبر ثمناً لذلك البيت القديم جلب له الملايين من الريالات حينما اقتطعت الدولة جزءاً منه لاستخدامه موقفاً عاماً للسيارات بجانب إمارة المنطقة الشرقية.

ومن الحكايات الأخرى ذات الصلة بالعقار، ما نشره عبدالعزيز البدر في مجلة «الاقتصاد» (مصدر سابق) على لسان قنبر وملخصه أن صاحبنا سافر مع أحد أصدقائه إلى الكويت في الأربعينات الميلادية، حينما كانت الكويت عبارة عن أراضٍ فضاء، وذلك لشراء كمية من الدقيق، فشاهد إقبال الناس على شراء الأراضي، الأمر الذي جعله يقترح على صاحبه إنفاق ما معهم من نقود (حوالى 54 ألف روبية) على شراء قطع من الأراضي بدلاً من الدقيق، لكن صاحبه رفض المقترح. يقول قنبر: «بعد عودتنا إلى الدمام وجدنا أسعار الدقيق في هبوط، فخسرنا خسارة كبيرة».

كانت تلك أول خسارة تجارية لقنبر، لكنها علمته درساً في مراقبة الأسواق والاطلاع على مستجداتها والتأني، فلم يخسر بعدها. ومذاك شعر الرجل أن المنطقة مقبلة على فورة عقارية، فانخرط بحذر ودون إغراق في مجال العقارات والأراضي.

من المجالات التجارية الأخرى التي اقتحمها قنبر في تلك الفترة من مسيرته، الإتجار بغاز المواقد. حيث افتتح محلاً لبيع أسطوانات الغاز، وتصديرها إلى قطر عبر البر وإلى دبي عبر البحر، نظراً لعدم وجود مصانع لتعبئة الغاز آنذاك في البلدين.

ومع بدء حقبة الطفرة النفطية الأولى في سبعينات القرن العشرين وانطلاق مشاريع البناء والتعمير وازدهار قطاع الإنشاءات، قام قنبر بإنشاء مصنع للطابوق، مستورداً أجهزته وآلاته من ألمانيا الغربية، معلناً بذلك تحوله لقطاع البناء والتشييد والمقاولات. كان مصنعه ينتج يومياً نحو 14 ألف طابوقة، بينما كانت الطلبات اليومية تصل إلى 40 ألف طابوقة. ومن الطابوق تحول قنبر إلى صناعة الخرسانة الجاهزة على إثر زيارة قام بها لبريطانيا سنة 1974 وشاهد خلالها تقنيات هذه الصناعة، ما جعله يشتري عدداً من مصانعها من أجل تأسيس مصانع للخرسانة الجاهزة في كل من الدمام والرياض والجبيل والأحساء. وفي عام 1979 زار ألمانيا الغربية واشترى منها مصنعاً للخرسانة مسبقة الصنع، ليدشن بها مرحلة جديدة من التطور العمراني في بلاده ممثلاً في بناء البيوت الخرسانية الجاهزة لنخبة المجتمع وللشركات الكبرى والمشاريع الحكومية وكل الباحثين عن السرعة في تنفيذ الإنشاءات. وقد تحول مشروعه هذا لاحقاً إلى شركة سعودية بالكامل، فأصبحت المواد الأولية تنتج بالسعودية ومنتجاته تباع للمواطنين، وعماله من العمالة المحلية، بل خلق قنبر لنفسه عملاء تجاريين كبار مثل: «شركة أرامكو» و«شركة سابك» و«الشركة السعودية للكهرباء» و«الهيئة الملكية للجبيل وينبع» و«مطار الملك فهد الدولي» وغيرها.

تقديراً لمجمل أعماله الوطنية والإنسانية، فقد تم تكريمه من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله إبّان افتتاحه مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام في 17 سبتمبر 2005م.

الجدير بالذكر أنه، تأسياً بما فعله والده معه، فقد ربى قنبر أولاده الثلاثة (عبدالعزيز ومحمد وأحمد) من زوجته وابنة عمه التي اقترن بها في مطلع الأربعينات الميلادية كي يكونوا عوناً له في أعماله، فأشركهم فيها منذ الستينات بعد أن أنهوا تعليمهم.

في 21 فبراير 2007، أسلم قنبر روحه إلى بارئها، مودعاً الدنيا بعد رحلة كفاح طويلة في دروبها، مطعمة بجليل الأعمال والأنشطة الخيرية والإنسانية، فصلي عليه رحمه الله بجامع الفرقان بالدمام، وشيع إلى مثواه بمشاركة معارفه الكثر من وجهاء وأبناء المنطقة الشرقية ودولة قطر.

ونختتم بنصيحة قدمها رحمه الله لرجال الأعمال الشباب قبل وفاته خلال حواره مع جريدة «اليوم» السعودية (مصدر سابق)، إذ قال: «أنصح بعدم التسرع والعمل خطوة خطوة، وعدم البحث عن الربح السريع، ووضع الأسس والدراسات قبل الدخول في مشروعات استثمارية؛ لأن دخولها دون دراسة خطأ فادح وستكون نتائجه سلبية للغاية».

انطلقت شبكة أخبار السعودية أولًا من منصة تويتر عبر الحساب الرسمي @SaudiNews50، وسرعان ما أصبحت واحدة من أبرز المصادر الإخبارية المستقلة في المملكة، بفضل تغطيتها السريعة والموثوقة لأهم الأحداث المحلية والعالمية. ونتيجة للثقة المتزايدة من المتابعين، توسعت الشبكة بإطلاق موقعها الإلكتروني ليكون منصة إخبارية شاملة، تقدم محتوى متجدد في مجالات السياسة، والاقتصاد، والصحة، والتعليم، والفعاليات الوطنية، بأسلوب احترافي يواكب تطلعات الجمهور. تسعى الشبكة إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتقديم المعلومة الدقيقة في وقتها، من خلال تغطيات ميدانية وتحليلات معمقة وفريق تحرير متخصص، ما يجعلها وجهة موثوقة لكل من يبحث عن الخبر السعودي أولاً بأول.

Continue Reading

الثقافة و الفن

وفاة ديان كيتون: بطلة فيلم “آني هول” الأسطورية

وفاة ديان كيتون، نجمة هوليوود وأيقونة فيلم آني هول، تترك فراغاً في عالم السينما وإرثاً فنياً لا يُنسى، تفاصيل حياتها ومسيرتها في المقال.

Published

on

وفاة ديان كيتون: بطلة فيلم "آني هول" الأسطورية

وداعاً ديان كيتون: نجمة هوليوود التي أضاءت الشاشة بروحها الفريدة

في لحظة حزينة لعشاق السينما، غادرتنا الممثلة الأمريكية ديان كيتون، الحائزة على جائزة الأوسكار عن دورها في فيلم آني هول عام 1978، تاركة وراءها إرثاً فنياً لا يُنسى. توفيت كيتون في كاليفورنيا عن عمر يناهز 79 عاماً، وفقاً لما أعلنه متحدث باسم العائلة لمجلة بيبول. وحتى الآن، لم تُكشف تفاصيل عن سبب الوفاة.

بداية مشرقة ومسيرة حافلة

بدأت ديان كيتون مسيرتها الفنية في عالم السينما عام 1970 بفيلم لافرز أند آذر سترانجرز، حيث أثبتت موهبتها الفذة منذ اللحظة الأولى. لم تتوقف عند هذا الحد، بل شاركت في سلسلة أفلام العرّاب، حيث أدّت دور زوجة آل باتشينو ببراعة لا تُضاهى.

كانت علاقتها بالمخرج وودي آلن مميزة جداً؛ فقد كانت شريكته وملهمته وممثّلته المفضّلة. وقد أثمرت هذه العلاقة عن العديد من الأعمال الرائعة التي رسخت مكانتها في قلوب المشاهدين.

أوسكار وتكريمات لا تُحصى

بفضل دورها الرئيسي في فيلم آني هول، حصلت ديان على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة عام 1978. ولم يكن هذا التكريم الوحيد؛ فقد رُشحت لثلاث جوائز أخرى عن أفلام مثل ريدز (1981)، ومارفنز روم (1996)، وسامثينغز غوت تو غيف (2003).

روح لا تعرف التقاعد

حتى بعد تجاوزها السبعين من العمر، ظلت ديان كيتون نشطة في عالم السينما. شاركت في أفلام مثل بوك كلوب (2018) وبومز (2019)، مؤكدة أنها لا تفكر أبداً في الاعتزال أو الشيخوخة.

قالت ديان في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: “حتى إن لم يعد أحد يتصل بي لتأدية الأدوار، لدي الكثير من الانشغالات لأملأ بها وقتي”. كانت كلماتها تعكس روحاً مفعمة بالحياة والتفاؤل.

حياة شخصية مليئة بالحب والاختيارات الجريئة

“لست تعيسة”. بهذه الكلمات وصفت ديان حياتها الشخصية التي اختارت فيها عدم الزواج وتبني طفلين. رغم العلاقات العاطفية الطويلة مع نجوم مختلفين، إلا أنها كانت دائماً استثناءً عن القاعدة التقليدية للنساء العازبات اللواتي يشاركن في الأفلام دون أن يكن متزوجات.

نهاية فصل وبداية إرث خالد

كان آخر ظهور لديان كيتون على الشاشة الكبيرة مع فيلم سامر كامب سنة 2024. ومع رحيلها، تترك لنا ذكريات وأعمال ستظل خالدة تذكرنا بموهبتها وروحها الفريدة التي أضاءت الشاشة الفضية لعقود طويلة.

Continue Reading

الثقافة و الفن

عمر ياغي: العالم البدوي الذي ألهم جائزة نوبل

عمر ياغي: من قلب البادية إلى جائزة نوبل، حكاية ملهمة عن الإرادة والشغف، اكتشف كيف تحول حلم طفل بدوي إلى إنجاز عالمي يبهر العالم.

Published

on

عمر ياغي: العالم البدوي الذي ألهم جائزة نوبل

من الطين إلى النجوم: حكاية عمر ياغي

في قلب البادية، حيث تمتد الرمال بلا نهاية وتحتضن السماء الزرقاء أحلام الصغار، وُلد حلم فريد في بيتٍ متواضع من الطين. هناك، بين اثني عشر فرداً يتقاسمون غرفة واحدة، بدأت رحلة الطفل عمر ياغي نحو المجد. لم يكن والده قد تجاوز الصف السادس في تعليمه، ولم تعرف والدته الحروف، لكنهما أورثاه إرادة لا تُقهر وشغفاً لا ينطفئ.

حينما غادر عمر في الخامسة عشرة إلى أمريكا، كان يحمل في قلبه دعاء البسطاء وإيمانهم بأن الأحلام أقوى من أي ظروف. وفي جامعة أريزونا انطلقت شرارة البحث العلمي التي أشعلت مسيرته المذهلة عبر هارفرد وميتشغان وكاليفورنيا.

البدوي الذي صعد إلى عرش نوبل

أكثر من 250 ألف اقتباس علمي و300 بحث و70 براءة اختراع جعلت من عمر ياغي أحد أبرز العلماء تأثيراً في العصر الحديث. إنه عنوان للعقل السعودي الذي يرى في المختبر ميداناً للمجد. وكما قال ياغي: “العلم أعظم قوة مساواة في العالم”. هذه العبارة تختصر روح التحول السعودي بقيادة الأمير محمد بن سلمان، الذي جعل من دعم العلماء والمبتكرين مشروعاً وطنياً يُفتح الطريق أمام كل موهبة لتتألّق.

رؤية المملكة: حاضنة للعلم والمعرفة

تحولت رؤية المملكة إلى بيئة تحتضن العقول وتنبتها كما تُنبت الزهور في الضوء. ومسيرة ياغي تُجسّد هذا التحول؛ فهو البدوي الذي أبحر من قرية بسيطة إلى مرافئ المجد العلمي. جوائزه التي ملأت رفوف العالم – من جائزة الملك فيصل العالمية إلى جائزة وولف وبلزان وسولفاي – تؤكد مكانته بين كبار العلماء.

العبقرية تولد من الإصرار

ما زال يحتفظ بروح الطفل الذي كان يطارد الحلم في بيت طيني بجوار الماشية، مؤمناً بأن العبقرية تُولد من الإصرار والعزيمة. عمر ياغي هو قصة وطن آمن بالعلم وفتح للعقل أبواب المستقبل. إنها حكاية سعودية تُروى للأجيال وتُثبت أن البادية قادرة على إنجاب العقول التي تُدهش العالم.

عمر ياغي: البدوي الذي صنع مجداً علمياً وأصبح رمزاً للإبداع والإصرار. قصته تلهمنا جميعاً لنؤمن بأن الأحلام الكبيرة تبدأ بخطوات صغيرة ولكن ثابتة نحو النجوم.

Continue Reading

الثقافة و الفن

إصدار جديد: “معراج المعصية” للمثنى الشيخ عطية

اكتشف رحلة شعرية عرفانية في معراج المعصية للمثنى الشيخ عطية، حيث تتداخل القصائد مع أعمال العطار وابن عربي، في إصدار جديد من بيروت.

Published

on

إصدار جديد: "معراج المعصية" للمثنى الشيخ عطية

html

إصدار جديد للشاعر السوري المثنى الشيخ عطية

أصدر الشاعر السوري المثنى الشيخ عطية مجموعته الشعرية الرابعة بعنوان معراج المعصية، وذلك عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت. تأتي هذه المجموعة ضمن مشروعه الشعري الذي يسعى من خلاله إلى استحضار بعض أعلام العرفانية.

تداخلات عرفانية في القصائد

تتميز قصائد المجموعة بالتداخل مع أعمال بعض الأعلام العرفانيين، مثل فريد الدين العطار من خلال كتابه منطق الطير، ومحيي الدين ابن عربي في معراجه وكيميائه، وجلال الدين الرومي في كتابه المثنوي، بالإضافة إلى شمس التبريزي في وجودياته ومولوياته. تتداخل هذه العناصر مع شخصيات مثل زوربا نيكوس كازانتزاكيس وموسيقى ميكيس ثيودوراكس.

شطح فيزياء الكم والانعتاق في الحب

تحلق القصائد في أجواء شطح فيزياء الكم وما تقدمه من تصورات عن الكون، بهدف بلوغ ذرى الانعتاق في الحب بدون جدران أو وصايا أو أوهام. تتجلى هذه الأفكار عبر ثلاثة مقامات رئيسية تحمل مسميات النور، التحولات، ومقام المُثنّوي.

تفاصيل المقامات والقصائد

تضم كل مقام من المقامات الثلاثة سبع قصائد يغلب عليها طابع التداخل بالحب. يفتتح الشاعر المجموعة بقصيدة بعنوان الطيور، التي تتداخل مع تصورات الشاعر امرئ القيس حول الأوابد وسرعة حصانه.

مقطع مميز من القصيدة:

“أُخْرِجُ الطيرَ من شبكةِ أحلامِها
في قصقصةِ أجْنحةِ الصيَّادين
بقَرْصِ خدِّ الليل
أُجَرِّد أعناقَها من نطاق ما يقيّد أشواقَها للطيران
أدعو الصباح أن يمنحني بركةَ سَرَيانِ الرّياح الصديقة
أجرُّها من وكْنِ أجسادها”.

Continue Reading

Trending