Connect with us

ثقافة وفن

عبدالله هزازي يحتفل بتوقيع كتابه «عشرون فكرة ملهمة» بمعرض جدة الدولي للكتاب

في إطار فعاليات معرض جدة الدولي للكتاب، احتفل الكاتب عبدالله أبو طالب هزازي يوم أمس السبت بتوقيع كتابه الجديد

في إطار فعاليات معرض جدة الدولي للكتاب، احتفل الكاتب عبدالله أبو طالب هزازي يوم أمس السبت بتوقيع كتابه الجديد «عشرون فكرة ملهمة لمعلمي ومعلمات الصفوف الأولية»، الصادر عن دار صوت المؤلف للنشر.

شهد حفلَ التوقيع حضور مميز من الأقارب والأصدقاء، إضافة إلى عدد من زوار المعرض الذين أثنوا على مضمون الكتاب ورسالته التعليمية. ويُعد الكتاب دليلاً إبداعيّاً للمعلمين والمعلمات، إذ يقدم أفكاراً مبتكرة تساهم في تطوير أساليب التدريس للصفوف الأولية وتعزيز التميز والإبداع في العملية التعليمية.

وأشاد الحضور بالدور البارز الذي يلعبه الكتاب في تمكين المعلمين والمعلمات من تطبيق استراتيجيات تعليمية ملهمة، مما يُسهم في تحسين جودة التعليم الأساسي وتحقيق أهدافه.

Continue Reading

ثقافة وفن

عبدالرزاق قنبر.. من تجارة «الأرزاق» إلى صناعة الخرسانة الجاهزة

عرف عن قنبر أنه صاحب فلسفة تجارية تحبذ الابتعاد عن الاستثمار في سوق الأسهم، دون الاعتراض عليه، وذلك من منطلق أن

عرف عن قنبر أنه صاحب فلسفة تجارية تحبذ الابتعاد عن الاستثمار في سوق الأسهم، دون الاعتراض عليه، وذلك من منطلق أن التجارة في العقار والأسهم تنحصر فوائدها في صاحبها فقط، ولا يستفيد منها إلا القلة القليلة، أما القطاعات الأخرى مثل الصناعة، فتشكّل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وتمتد فوائدها وخيراتها للكثيرين فيستفيد منها العاملون وأسرهم من خلال ضمان مستوى معيشي لائق وحياة كريمة، خصوصاً أن الدولة دعمت القطاع الصناعي بالقروض والحماية ومنح الأراضي بإيجارات رمزية وشراء المنتج المحلي. وبالمثل، فهو من أنصار الاستثمار داخل الوطن وضد إقامة المشاريع في الخارج؛ لأن الوطن أولى باستثمارات أبنائه. كما أنه من الداعين إلى أن تكون الشراكة مع المصانع والمؤسسات الأجنبية في حدود ضيقة تنتهي بالحصول على الخبرة وتأهيل كادر فني محلي، وهذا ما فعله بنجاح حينما تعاقد مع شركات بريطانية وألمانية في مجال الخرسانة الجاهزة على نحو ما أسلفنا.

ومثل كل الرجال الأنقياء الأتقياء الشاكرين لنعم الله وفضله عليهم، لم يدخر قنبر وسعاً في الإنفاق من ماله على المشاريع الخيرية والإنسانية، ولا سيما في المنطقة الشرقية. فهو رائد من رواد البر والإحسان، ويكاد لا يخلو مشروع خيري من اسمه، بدليل أنه عضو مؤسس وداعم لجمعية البر بالمنطقة الشرقية، وعضو في «جمعية أصدقاء المرضى»، و«الجمعية الخيرية لرعاية المعاقين» بالدمام، ومساهم ببناء البرج الطبي بالدمام، وداعم رئيس لجمعية السرطان، وجمعية السكر، وجمعية تحفيظ القرآن الكريم، وجمعية أيتام الشرقية، ناهيك عن أنه صاحب مشروع وقفي بثمانية ملايين ريال، وصاحب «نزل الأنصاري» لإسكان مرافقي المرضى المراجعين والمنومين بالمستشفى التخصصي بالدمام بكلفة 20 مليون ريال، وهو مشيد «جامع قنبر الأنصاري» وملحقاته بمنطقة النخيل من الدمام.

في التاريخ التجاري للمملكة العربية السعودية ثمة شخصيات عصامية بنت نفسها من الصفر بفضل من الله ثم بفضل اجتهادها ومثابرتها وصبرها واتصافها بالورع والصدق والأمانة في تعاملاتها، فمنّ الله عليها بالخير الوفير. من هذه الشخصيات التي برزت في ميادين المال والأعمال والمشاريع التجارية والصناعية الكبيرة وتنقلت ما بين قطاعاتها المتنوعة، خدمة لوطنها السعودي وهو يتدرج في فضاءات التنمية والبناء والنهضة العمرانية الحاج عبدالرزاق محمد قنبر الأنصاري، الذي حل بمدينة الدمام قادماً من قرية البديع البحرينية في عقد الثلاثينات من القرن العشرين.

كتب عنه الأستاذ عبدالعزيز البدر في مجلة «الاقتصاد» لسان حال غرفة تجارة وصناعة المنطقة الشرقية ما مفاده أن صاحبنا أحب التجارة منذ أن أخذه أبوه إلى السوق ليعرفها ويعرف من خلالها الناس والحياة، فعرف أبجدياتها وتعلم حروفها وأتقن قواعدها وأصولها، ومنها أخذ الجرأة والإقدام على اقتحام المجهول والإصرار على النجاح في كل مجال.

ووصفته صحيفة «اليوم» السعودية (23/‏2/‏2005) بأنه «أحد رواد قطاع الإنشاء والتعمير في المنطقة الشرقية، ومن أوائل من صنع الطابوق، وأول من نقل التقنية البريطانية في الخرسانة المسلحة، وأول من نقل التقنية الألمانية في صناعة الخرسانة مسبقة الصنع التي تحولت بعد 20 عاماً إلى صناعة سعودية ذات مستوى عالٍ من الجودة ومطلوبة في أكثر من سوق من الأسواق المجاورة».

ولد عبدالرزاق محمد قنبر الأنصاري في قرية البديع الساحلية بالبحرين في حدود عام 1922 للميلاد لأسرة ينتشر أفرادها في معظم دول الخليج العربية وتعود أصولها إلى الخزرج الأنصار من المدينة المنورة. والده كان يعمل في تجارة المواد الغذائية البسيطة ويتنقل بسببها ما بين قطر والبحرين وسواحل إيران. وبعد هجرة الدواسر من البديع إلى الساحل الشرقي من السعودية في العشرية الثانية من القرن العشرين، وقيامهم ببناء ما يعرف اليوم بمدينة الدمام، قرر والده أن ينتقل إلى الأخيرة مصطحباً أسرته وابنه الصغير عبدالرزاق، ليبدأ من هناك تجارة المواد الغذائية التي تعرف بـ «الأرزاق». وهكذا بدأ عبدالرزاق مع والده العمل من خلال متجر صغير، كان وقتها أحد ستة متاجر تملكها عائلات البنعلي والعبدالواحد والقاضي والسحيمي والمعيبد، علماً أن عبدالرزاق لم يلتحق بمدرسة، ولم يتعلَّم لغة، ولكنه حفظ ما تيسر له من كتاب الله.

توفي والده وهو في سن السابعة، ثم لحقت به والدته وهو في الحادية عشرة، فاضطر للانتقال والعيش مع عمه الذي جاء وقتذاك من قطر إلى الدمام للعمل والإقامة. تكفل عمه بتربيته وصار وصيّاً عليه وألحقه بأعماله في تجارة المواد الغذائية والملابس، التي كان يشتريها من الجبيل والقطيف والبحرين، راضياً براتب ثلاث روبيات في الشهر.

ظل الصبي عبدالرزاق يعمل لدى عمه في التجارة، ومع مرور الأيام والسنوات وتراكم خبرته صار يتحمل وحده مسؤوليات السفر والبيع والشراء كشريك لعمه. لكنه قرر في عام 1961 أن يستقل بأعماله دون أن يهجر تجارة المواد الغذائية، وإنما تمسك بها كونها كانت تدر أرباحاً كبيرة بسبب مشتريات شركة أرامكو النفطية ومشتريات موظفيها الكبيرة، ثم ألحق بها تجارة السجاد الفارسي الذي راح يستورده من الكويت ودبي. علاوة على ذلك توسع في تجارته للمواد الغذائية والمفروشات والسجاد بافتتاح فروع لها في قطر ودبي.

ومع تطور المنطقة الشرقية وتوفر الكهرباء فيها، انتقل عبدالرزاق قنبر من تجارة الأرزاق إلى تجارة المواد الكهربائية، استجابة لمتطلبات السوق، فراح يستورد الأدوات الكهربائية من أوروبا عن طريق البحرين وفرضة الخبر، وذلك لعدم وجود ميناء آنذاك في الدمام، مكرراً ما كان يفعله سابقاً مع المواد الغذائية. علاوة على نشاطه التجاري الجديد، راح يعمل في مجال العقار بيعاً وشراء.

جاء أول استثماراته العقارية حينما اقترح عليه أمير الدمام ومؤسسها الشيخ أحمد بن عبدالله الدوسري أن يتملك بيتاً في «فريج الدواسر» بالدمام، كان أصحابه قد انتقلوا منه إلى فريج آخر جديد، فاشترى البيت بمبلغ 500 روبية، وأنفق فوقها خمس روبيات كأجرة عتال لنقل أغراضه إلى البيت، علماً أن قنبر هدم هذا المنزل لاحقاً وشيد مكانه مبنى اتخذته شركته مقراً لها، كونه يقع على شارع استراتيجي هو الشارع الحادي عشر (شارع الظهران). ومن الصدف أن مبلغ الخمسمائة الذي دفعه قنبر ثمناً لذلك البيت القديم جلب له الملايين من الريالات حينما اقتطعت الدولة جزءاً منه لاستخدامه موقفاً عاماً للسيارات بجانب إمارة المنطقة الشرقية.

ومن الحكايات الأخرى ذات الصلة بالعقار، ما نشره عبدالعزيز البدر في مجلة «الاقتصاد» (مصدر سابق) على لسان قنبر وملخصه أن صاحبنا سافر مع أحد أصدقائه إلى الكويت في الأربعينات الميلادية، حينما كانت الكويت عبارة عن أراضٍ فضاء، وذلك لشراء كمية من الدقيق، فشاهد إقبال الناس على شراء الأراضي، الأمر الذي جعله يقترح على صاحبه إنفاق ما معهم من نقود (حوالى 54 ألف روبية) على شراء قطع من الأراضي بدلاً من الدقيق، لكن صاحبه رفض المقترح. يقول قنبر: «بعد عودتنا إلى الدمام وجدنا أسعار الدقيق في هبوط، فخسرنا خسارة كبيرة».

كانت تلك أول خسارة تجارية لقنبر، لكنها علمته درساً في مراقبة الأسواق والاطلاع على مستجداتها والتأني، فلم يخسر بعدها. ومذاك شعر الرجل أن المنطقة مقبلة على فورة عقارية، فانخرط بحذر ودون إغراق في مجال العقارات والأراضي.

من المجالات التجارية الأخرى التي اقتحمها قنبر في تلك الفترة من مسيرته، الإتجار بغاز المواقد. حيث افتتح محلاً لبيع أسطوانات الغاز، وتصديرها إلى قطر عبر البر وإلى دبي عبر البحر، نظراً لعدم وجود مصانع لتعبئة الغاز آنذاك في البلدين.

ومع بدء حقبة الطفرة النفطية الأولى في سبعينات القرن العشرين وانطلاق مشاريع البناء والتعمير وازدهار قطاع الإنشاءات، قام قنبر بإنشاء مصنع للطابوق، مستورداً أجهزته وآلاته من ألمانيا الغربية، معلناً بذلك تحوله لقطاع البناء والتشييد والمقاولات. كان مصنعه ينتج يومياً نحو 14 ألف طابوقة، بينما كانت الطلبات اليومية تصل إلى 40 ألف طابوقة. ومن الطابوق تحول قنبر إلى صناعة الخرسانة الجاهزة على إثر زيارة قام بها لبريطانيا سنة 1974 وشاهد خلالها تقنيات هذه الصناعة، ما جعله يشتري عدداً من مصانعها من أجل تأسيس مصانع للخرسانة الجاهزة في كل من الدمام والرياض والجبيل والأحساء. وفي عام 1979 زار ألمانيا الغربية واشترى منها مصنعاً للخرسانة مسبقة الصنع، ليدشن بها مرحلة جديدة من التطور العمراني في بلاده ممثلاً في بناء البيوت الخرسانية الجاهزة لنخبة المجتمع وللشركات الكبرى والمشاريع الحكومية وكل الباحثين عن السرعة في تنفيذ الإنشاءات. وقد تحول مشروعه هذا لاحقاً إلى شركة سعودية بالكامل، فأصبحت المواد الأولية تنتج بالسعودية ومنتجاته تباع للمواطنين، وعماله من العمالة المحلية، بل خلق قنبر لنفسه عملاء تجاريين كبار مثل: «شركة أرامكو» و«شركة سابك» و«الشركة السعودية للكهرباء» و«الهيئة الملكية للجبيل وينبع» و«مطار الملك فهد الدولي» وغيرها.

تقديراً لمجمل أعماله الوطنية والإنسانية، فقد تم تكريمه من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله إبّان افتتاحه مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام في 17 سبتمبر 2005م.

الجدير بالذكر أنه، تأسياً بما فعله والده معه، فقد ربى قنبر أولاده الثلاثة (عبدالعزيز ومحمد وأحمد) من زوجته وابنة عمه التي اقترن بها في مطلع الأربعينات الميلادية كي يكونوا عوناً له في أعماله، فأشركهم فيها منذ الستينات بعد أن أنهوا تعليمهم.

في 21 فبراير 2007، أسلم قنبر روحه إلى بارئها، مودعاً الدنيا بعد رحلة كفاح طويلة في دروبها، مطعمة بجليل الأعمال والأنشطة الخيرية والإنسانية، فصلي عليه رحمه الله بجامع الفرقان بالدمام، وشيع إلى مثواه بمشاركة معارفه الكثر من وجهاء وأبناء المنطقة الشرقية ودولة قطر.

ونختتم بنصيحة قدمها رحمه الله لرجال الأعمال الشباب قبل وفاته خلال حواره مع جريدة «اليوم» السعودية (مصدر سابق)، إذ قال: «أنصح بعدم التسرع والعمل خطوة خطوة، وعدم البحث عن الربح السريع، ووضع الأسس والدراسات قبل الدخول في مشروعات استثمارية؛ لأن دخولها دون دراسة خطأ فادح وستكون نتائجه سلبية للغاية».

Continue Reading

ثقافة وفن

«كروموسوم إضافي» بمعرض كتاب جدة

وقع الكاتب أحمد الزهراني آخر إصدارته، وهو رواية بعنوان «كروموسوم إضافي» في معرض الكتاب بجدة. ولاقت الرواية قبولاً

وقع الكاتب أحمد الزهراني آخر إصدارته، وهو رواية بعنوان «كروموسوم إضافي» في معرض الكتاب بجدة. ولاقت الرواية قبولاً واصداءً لدى زوار المعرض من حيث الفكرة والطرح.. بتواجد بطل الرواية الذي يمثل فئة متلازمة داون.

وقدمت الرواية صورة إنسانية تعكس جمال التنوع وقوة الإصرار، مع إبراز القيم النبيلة التي تعزز التكامل بين جميع أفراد المجتمع.

Continue Reading

ثقافة وفن

مسرحية «شاكر هولمز»: قراءة نقدية

إن أهمية الشخصيّة في العمل المسرحيّ تنبع من تمثيلها للإنسان بقضاياه وتاريخه وصفاته وخصائصه العقلية والنفسية.

إن أهمية الشخصيّة في العمل المسرحيّ تنبع من تمثيلها للإنسان بقضاياه وتاريخه وصفاته وخصائصه العقلية والنفسية. ومن أجل ذلك كان الاهتمام ببنية الشخصيّات في العمل المسرحيّ شديد الأهميّة. ويعدّ ذلك من لوازم التأليف المسرحيّ منذ المسرح اليوناني القديم إلى المسرح الحديث. فقد أخذت الشخصية -بشكل عام- حقّها من الانتظام المنهجي وتجلّت أنواعها وأعمالها في الخطاب المسرحيّ ونالت بعض الاهتمام في الميزان النقدي المسرحي. ولا يمكن تخيّل مسرحيّة من دون شخصيّات، سواء أكانت إنسانيّة أم مؤنسنة؛ ذلك أن للشخصيّة في المسرح خصوصيّةً تجعلها تختلف عمّا هي عليه في الفنون الأخرى، في كونها تتحوّل من عنصر مجرّد إلى عنصر ملموس عندما تتجسّد بشكل حيّ على خشبة المسرح بواسطة جسد الممثّل وأدائه بما يدركه المتلقي مباشرة بالحواس.

ومن منطلق أن الشخصية تمثل الكيان الذي تنهض عليه المسرحية بسماتها وأنماطها وأفعالها وصراعاتها الداخلية والخارجية فإن الأسطر التالية تحاول التعرّف على البناء المتكامل للكيان الذي تنهض عليه مسرحية «شاكر هولمز» ومدى صلته بالعالم المحيط به.

وقد تسنى لي في يوم السبت 23 نوفمبر 2024 حضور العرض المسرحي لمسرحية «شاكر هولمز» من تأليف ظافر الشهري، وإنتاج فرقة كلاسيك المسرحية، ودعم هيئة المسرح والفنون الأدائية- منصة ستار. وقد نفّذت على خشبة مسرح جامعة اليمامة بقاعة الشيخ محمد الخضير. وهذه المسرحية تُعرض ضمن مسابقة تقيمها هيئة المسرح والفنون الأدائية. وقد قسمت على مسارين -حسب نوع المسرحية- فالأول المسار الاجتماعي، والثاني المسار المعاصر. وعدد المتأهلين للمسابقة عشرون فرقة، إحدى عشرة فرقة ضمن المسار المعاصر، وتسع فرق ضمن المسار الاجتماعي. وتعرض كلها في المدة من 15-25 ديسمبر للعام الحالي 2024 على مسرح جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن في الرياض.

وقبل الدخول في مسرحية «شاكر هولمز» لا بد من التوضيح أن المسرح السعودي يعتبر من المسارح التي لاقت حظاً وفيراً من الاهتمام والتطور والتقدم في عصرنا الحالي بدعم من قبل الجهات الرسمية المعنية؛ إدراكاً منها بأهمية المسرح في تشكيل النظام المجتمعي الذي يؤسس للعلاقات بين أفراد المجتمع، وفي كونه بناءً متكاملاً في المجتمع، وفي قدرته على إحداث التغيير للأفضل، فهو الناصح الأمين الهين اللين الذي لا يفرض السلطة القسرية في تربية المجتمع وصياغته.

نأتي إلى مسرحية «شاكر هولمز» فيبدو لي أنها تبشر بقفزة نوعية وتطور في المسرح السعودي المعاصر. فقد احتوت على فصل واحد، مكون من شخصيتين رئيسيتين: الأولى (شاكر هولمز) المحقق خارق الذكاء، والثانية (راشد الباقي) رئيس شرطة البلدة منذ سنوات طويلة. وتعد بقية الشخصيات ثانوية تؤدي أدواراً تساعد في تقصي الحدث للوصول إلى حل لغز من هو سارق البنك. تصف فكرة المسرحية (شاكر) المحقق البارع الذي اكتشف لص البلدة بذكاء واحترافية عالية. على أنه شخصيّة لها حضور فعال في المسرحية، وكذلك له تأثير في سير الأحداث، فهو من نوع الشخصيّة النامية التي تتحرك وتنمو مع تقدّم المسرحية وسيرها للأمام. أما علاقتها بغيرها من الشخصيّات فهي علاقة حدثية تقوم على حركة الشخصيات، فعلاقة الحدث (سرقة البنك) بحركة الشخصيات (خروجها من ثقوب داخل الجدران) تنم عن نهاية معلومة في مكان محدد هو مركز الشرطة وزمان محدد. وكان الوقوف على التوجّهات الثقافيّة للشخصيات الثانوية وطرائق تفكيرها وأوضاعها النفسيّة والاجتماعيّة وعلاقاتها بالواقع المعيش وكذلك علاقتها بالشخصيّة الرئيسية وتأثيرها فيها وعلى سير الأحداث قد لعب دوراً في صناعة الحبكة المسرحيّة.

يمكن القول إن الكاتب قد أبدع في إظهار الموقف التواصلي في التفاعل الناتج عن الشخصيّات التي لا تسير بالأحداث من البداية حتى النهاية على وتيرة واحدة، بل تتفاوت صعوداً ونزولاً حسب العلاقة التي تربط الشخصيّات بعضها مع بعض. وهذا التفاعل بين الشخصيّات والاختلاف في درجة تفاوته يولّد الصراع الذي يعد العمود الفقريّ للمسرحيّة؛ لأنّه يبقي الشخصيّات على اتصال مكثف، ويجعل المتفرج في حالة توتّر وقلق يبقيه متّصلاً طوال الوقت مع الأحداث حتى يصل إلى نهاية المسرحيّة.

أما الصراع فقد اتخذ شكل الصراع التقليدي بين الخير والشر، وهو صراع بين المحقق والسارق، أي: صراع بين إصلاح المجتمعات أو فسادها بانتشار الجريمة. على أن الجريمة ظاهرة اجتماعية لا يمكن مكافحتها بإغلاق الأعين عنها، وكأن رسالة المسرحية الأخلاقية تقول إنه من العسير تعليم النشء وتربيته من طريق إخفاء الشر وإقصائه عن طريقهم؛ لذا بدأت المسرحية بالإعلان عن جريمة سرقة بنك البلدة، وقد تكررت هذه الجريمة مراراً، ولا بد من القضاء عليها، ومن ثم يكون استتباب الأمن مرة أخرى.

ويتخذ الكاتب الشهري الرمز عنصراً أساسيّاً في بناء فكرة المسرحية؛ ذلك أن شخصية (شاكر) مستدعاة من الأدب الإنجليزي عن شخصية المحقق البريطاني «شرلوك هولمز» أشهر محقق في زمانه، فكما تبدأ الجريمة من شيء غير محسوس كذلك تبدأ المسرحيّة من شخصيّة (شاكر). وبلا مقدّمات ولا تمهيد يظهر شاكر رمزاً للحقيقة، ويدخل الرمز مرحلة أخرى حينما لا نجد اسماً واحداً يحمل تفسيراً للموقف، فبقية الشخصيّات تدل أسماؤها على الوظيفة دون إحداث تغيير في سير القضية. وتكتمل الرمزية في عبارة دالة في حوار يدور بين شاكر وراشد، وهو حوار تهكّمي كوميدي يزيد الحوار غموضاً:

شاكر: إلا على طاري الفكاك.. هو ما قدر يفك غموض الجريمة هذي..كعادته.

راشد: والله أنا مثلك مصدوم.. لكن.. خلنا نكون واقعيين.. ترى الجرايم مثل الألغاز.. بعضها لها حل.. وبعضها ما لها حل..

إن المزج في بناء شخصيّه مسرحيّة رمزيّة بين المفهوم الرمزي لبناء الشخصيّة والكوميديا الضاحكة، يجعل الجمهور يستوعب فكرة الرمز ودلالاته. إن الكاتب قدم شخصياته بطريقة كوميدية هادفة تغذي الفكر في المجتمع، وتستهدف الأفراد بطرح المشكلات أمامهم ومعالجتها.

وقد استخدم الكاتب تقنية التماهي بتشكيل تجربة وجودية في القدرة على الشعور بتجارب الشخصية وخبراتها، وذلك بتجسيد شخصية «شارلوك هولمز» -وهي شخصية أدبية خيالية، ابتكرها الكاتب الإسكتلندي «آرثر كونان دويل»، ويعد (هولمز) أشهر محقق خاص في الأدب والسينما والتلفزيون. ويمتلك مهارات فريدة في التحليل والاستنتاج، ويستخدم المنطق والتفكير العلمي في حل ألغاز الجرائم- ومدى الشعور بالشخصية الأدبية المعروفة بالأدب الإنجليزي وجعلها كائناً حيّاً. وهو تماهٍ غير مباشر حيث الاندماج مع الشخصية الأدبية من خلال البيئة والثقافة والقيم، وتجاوز بها الحدود واتحادها مع شخصية (شاكر هولمز) وتكوين شخصية لها معتقدات وأفكار تناسب المجتمع العربي، وتسهم في حل قضاياه بشخصية عربية مبتكرة.

إن مسرحية «شاكر هولمز» تجربة فنية وجمالية تؤثر على المشاهد وتؤدي إلى الاندماج مع العمل المسرحي وتكفل التأثير العاطفي والفكري والتفاعل الاجتماعي النشط ووصول الرسالة الواضحة والمؤثرة.

وفي الختام تجدر الإشارة إلى أن المسرح السعودي بشكل عام يسعى إلى تقديم حلول للقضايا عن طريق تجسيد الواقع بشكل تمثيلي جاذب للجمهور؛ لذا اهتم الكتَّاب في السعوديّة بشكل عام بالمسرحية؛ لأنها قادرة على التأثير في الجمهور وإقناعهم بوجهات نظر محدّدة يتابعونها عن طريق خشبة المسرح. ولا شك أن الخشبة تعتمد على كلّ أدوات التعبير الدرامي وضروبه الفنية؛ لذا جاءت العناية دقيقة ومتراكمة بالمسرح السعودي والنهوض به.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .