Connect with us

ثقافة وفن

مسفر الغامدي: بعض النقد ضعيف لأن أدواته مهترئة

لأنه (مسفر)، وكُنيته (أبو ضياء)، وديوانه الأول (حيناً من الضوء)، تشعر أن ضيفنا (مُشِعّ) بالدفء والحميمية والثقافة

لأنه (مسفر)، وكُنيته (أبو ضياء)، وديوانه الأول (حيناً من الضوء)، تشعر أن ضيفنا (مُشِعّ) بالدفء والحميمية والثقافة والوعي، ومن هذه الالتقاطات الخاصة، يمكن أن تعرف الشاعر الأنيق مسفر الغامدي، وتتعرف على سرّ تعلّق الخُلّص من الأصدقاء به عالم من هدوء، وأناقة غير متكلّفة، وذاكرة لم تنبت عن بئرها الأولى.. وهنا نص حوارنا معه:

• ما أثر البئر الأولى على تجربتك الشعرية؟

•• أثر كبير، كون الأعوام الأولى تختزن معظم التفاصيل، التي تنعكس مستقبلاً على حياتنا وتجاربنا؛ وما عشته في القرية طفلاً، يبدو لي أنني أستعيده كصورة، كمجاز شعري لا كحقيقة.

• ما الذي تحتفظ به منها؟

•• الكثير، مثلاً.. كبار السن أولئك الذين لم تعلبهم المدارس، كان كل فرد منهم عالماً قائماً بذاته، نادراً ما تقع عيناك على شخص يشبه الآخر، لكل طريقته في الحياة والكلام والمواقف والحزن والفرح، وكسب معيشته، فعالم القرية القديم رغم أنه متعالق ومتشابك، إلا أن أبطاله مختلفون عن بعضهم البعض.

• ما الذي دفعك وأنت ابن هذه القرى إلى اللغة الفصحى.. أقصد: لماذا لم تكن شاعر عرضة مثلاً؟

•• لم أكن على علاقة وثيقة مع قصيدة العرضة. أطرب للحن أكثر من الكلمات، وأعشق الإيقاع، وفي مناسبات كنت أقوم بـ(نقع الزير) إلى أن تبدأ العرضة ثم أتحوّل لمتفرج. وجدت سلوتي في الكتب، كان والدي، رحمه الله؛ بصفته مدير مدرسة، يأتي بقصص ويقرأها لنا قبل دخولي للمدرسة، ومنها (سنو وايت)، لذا كنت متلهفاً للقراءة، وحين التحقتُ بالدراسة لم ينته العام الأول إلا وأنا أقرأ كل ما أجده أمامي من قصص وروايات، كنت وحيداً في معظم الوقت، وكانت تلك الكتب ملاذاً آمناً لي خاصة في أشهر الشتاء الطويلة والقاسية.

• هل شاركت الأسرة في الحقل والمرعى؟

•• إلى الصف الرابع الابتدائي تقريباً، وبعدها هجر الناس الزراعة، وتوارت الحقول شيئاً فشيئاً. من الأشياء التي تعلمتها (حرف الخزانة) بمهارة لينتقل الماء من قصبة إلى التي تليها، ولكنني لم أعش ما عاشه الذين سبقونا، أولئك الذين كانوا يعودون من المدارس إلى المزارع للفلاحة، والأودية والجبال لرعي الأغنام.

• متى عرفت المذياع؟

•• عرفت قبله المسجّل، وكان يشتغل على البطاريات التي سرعان ما تنفد، لذا كان والدي يحتفظ به في خزانة وكأنه كنز ثمين، يمكن فقط أن نستمع عبره، وبشكل جماعي، إلى بعض الحفلات الشعبية من خلال شريط (كاسيت).

• ألم يستهوك التلفزيون؟

•• اقتنيتُ فيما بعد تلفزيون (أبيض وأسود) مع راديو ومسجّل، وكان نافذة لمتابعة العالم بالصوت والصورة، أشاهد اللقاءات الثقافية: الكلمة تدق ساعة، من كل بحر قطرة وغيرها.. أستمع أيضاً إلى الإذاعة، والكثير الكثير من الأغنيات بالطبع. كنت كذلك أتابع بعض المسلسلات والمباريات والمصارعة من خلال تليفزيون العائلة الملون.

• ما الذي أضافته مكتبة المسجد التي انتقلت لمكان بالقرب منك؟

•• عندما قرر أهل القرية هدم وإعادة بناء مسجد القرية، كانت غرفة مجاورة لنا، هي أقرب مكان آمن تُنقل إليه المكتبة، ووجدت بين كتبها مجلة العربي، وقافلة الزيت، إذ كانت تصل عبر البريد لبعض الأهالي وعقب الانتهاء من قراءتها يتبرعون بها للمسجد، ومن خلال المجلات تعرفتُ إلى الكثير من المدن والمعلومات وعناوين الكتب التي أسمعها لأول مرة. أذكر أنني قرأت عن كتاب (ألف ليلة وليلة)، شدني عنوان الكتاب كثيراً، وظل في بالي حتى اقتنيته في نهاية الصف الأول المتوسط، وعشت معه واحدة من أجمل عطل الصيف في حياتي.

• وماذا عن رفاق وزملاء الطفولة في تلك المرحلة؟

•• بالطبع كنا نسكن خارج البيت أكثر من داخله؛ نتصارع ويطارد بعضنا البعض، ونتبادل الشتائم ونلعب الكرة.. كانت كرة القدم بالنسبة لي أهم من الشعر حينها، خصوصاً في المرحلة المتوسطة. كنا إذا وقعت في أيدينا صحيفة؛ نبدأ بالرياضة، ونتناقل أخبار (مارادونا) الذي يمثّل لنا أسطورة؛ بحكم ما نسمع عنه من أخبار غاية في الغرابة، مثل أنه ينطلق بالكرة من المرمى إلى المرمى، ولا يستطيع أحد أن ينتزعها منه، قبل أن يسجل الهدف.

• لماذا لم تفتتن بسعيد غراب اللاعب العملاق ابن قرية الظفير المجاورة لكم؟

•• حقيقة لم نشاهده بل كنا نسمع عنه فقط. كان مضرب مثل في التسديد القويّ، حتى أنه نما إلى علمنا أنه قتل الكثير من الحراس، بالتأكيد هذه خرافة من الخرافات التي كنا نتداولها. مارادونا شيء آخر خصوصاً بعدما شاهدناه في كأس العالم في عام 1982، هو رمز لسحر كرة القدم، أشبه بلوحة، أغنية، قصيدة…

• أين كنتم تلعبون؟

•• في المزارع التي تسمى (الركايب) باللهجة المحلية، نجد (ركيبة) غير مزروعة، فننظفها ونغرس فيها قوائمنا الخشبية، وبعد عدة أيام أو أسابيع يأتي مالكها فيحرثها، نكاية بنا، دون أن يزرع فيها شيئاً، لننتقل إلى مساحة فارغة أخرى. كنا في صراع دائم مع (شيبان) القرية، اهتدينا أخيراً لمساحة لم يطردنا منها أحد، يبدو أن أصحابها هجروا القرية للأبد.

• ما أول نص كتبته؟

•• كان محاولة أولى، عرضته على أحد أصدقاء الطفولة، أسمعته النصّ، فتحداني إن كنت قد كتبته. كان ذلك أشبه بالتزكية، وشعرتُ بشيء من النشوة والفخر بالذات، كان ذلك في بداية المرحلة المتوسطة.

• هل استمرت المحاولة؟

•• بالطبع في المرحلة الثانوية، كانت مساحة الكتابة أرحب، بحكم عامل السن، وتراكم القراءات. كتبتُ قصائد غزليّة، كانت تلقى قبولاً، ولكنّ لطبيعة السن، ولكثرة الزملاء الذين يغرونك بالشتيمة، كنت سرعان ما أتحول لقصيدة الهجاء، حتى أن البعض أطلق عليّ اسم (جرير). بالطبع كانت محاولات بدائية لا تخلو من اعتلال في الوزن، والكثير من الهنات، ولكن من حسن الحظ أننا كنا على درجة واحدة من الجهل بالشعر.

• مَنْ رسم لك مسارك الدراسي؟

•• الصدفة.. بحكم أني كنتُ من طلاب القسم العلمي المتفوقين، فالمسارات محسومة، الطبّ أو الهندسة، ولم يكن لديّ ميل للطبّ، فكانت الهندسة. كنتُ حينها متعلّقاً بالموسيقى، ولو كان التخصص في الموسيقى متاحاً، مع بيئة تشجع على ذلك، لما ترددتُ في الالتحاق بها.

• كيف وجدت عالم الهندسة، بما فيه من أرقام وزوايا، وأنت المفتون باللغة والقصيدة؟

•• التحقتُ بكلية الهندسة في جامعة الملك عبدالعزيز، وكانت الدراسة باللغة الإنجليزية، وبالطبع واجهت صعوبة في البداية، لكن مع الوقت بدأت أتلمس طريقي بين قاعات الكلية ومعاملها. أعظم هدية تعرفت عليها في تلك السن هي المكتبة المركزية للجامعة. لم أكن أستطيع المذاكرة في الأجواء الطلابية الصاخبة في السكن الجامعي، لذلك كنت أذهب إليها من الساعة الخامسة مساء إلى ما بعد العاشرة، و إذا شعرت بالملل من كتب الفيزياء والرياضيات والكيمياء، أذهب إلى قسم الجرائد أو المجلات أو الأدب. في مرة من المرات وجدت عنواناً ساحراً آخر كما حدث لي في طفولتي مع (ألف ليلة وليلة). وجدتُ كتاباً في عدة مجلدات بعنوان (البحث عن الزمن المفقود) لمارسيل بروست، وظللت أهرب إليه كلما توفرت لي الفرصة. كنت في حالة صراع بين ما يجب عليّ أن أفعله، وما أحب أن أفعله. حسمت أمري أخيراً، وقررت أن ما يجب أن أفعله هو ما أحبه وأريده، لا ما يُفرض عليّ. انتقلت إلى أقرب قسم في ذلك الوقت إلى الأدب وهو اللغة العربية. كان قرار صعباً لأنني أمضيت سنتين في الهندسة وكان معدلي جيد جداً، وكان وقع القرار صعباً على الجميع، وبالذات والدي ووالدتي رحمهما الله تعالى.

• متى بدأت التعرف على نادي جدة الأدبي؟

•• منتصف الثمانينيات، ولعلّ أوّل أمسية قرأت خبراً عنها في إحدى الجرائد، كانت للشاعر فاروق شوشة. سألت عن النادي، وقالوا لي في فندق العطاس. حضرتها وهناك تعرّفت على مطبوعات النادي وفعالياته، والكثير من الشخصيات والرموز الذين كنت أرى صورهم في الصحف، أو أسمع أصواتهم عبر المذياع، ومنهم: محمد حسين زيدان، وعزيز ضياء، وأبو تراب الظاهري، وعبد الفتاح أبو مدين، والكثير من الأسماء المنتمية إلى تيار الحداثة في تلك الحقبة.

• لعلك افتتنت بهذا العالم؟

•• بالتأكيد، خصوصاًبعدما انتميت إلى قسم اللغة العربية. لو بقيت في كلية الهندسة لعانيت الكثير من الصعوبات، والكثير من تشتيت الجهد. الهندسة هي علم والدراسة فيها تتطلب الكثير من ترويض الذات، وكبت المخيلة، خاصة في كلياتنا التي تلقن الطلبة لكي يكونوا تنفيذيين لا مبدعين.

• أي نوعٍ من القصيدة كتبت في تلك المرحلة؟

•• القصيدة العمودية في بداية الأمر، ثم انتقلتُ تدريجيا لشعر التفعيلة، كتبتُ الكثير من النصوص في تلك المرحلة، لكني أعتبرها الآن تمرينا على الكتابة أكثر منها كتابة.

• أين هي تلك النصوص؟

•• نشرت القليل منها، ومعظمها أخفيته في أدراجي.

• ماذا عن (حيناً من الضوء)، أليس تفعيلياً؟

•• (حيناً من الضوء)، تفعيلة هادئة إذا صح التعبير، ربما كان طريقي إلى قصيدة النثر، التي بدأت علاقتي معها مبكرا من خلال نص (تقاطعات) الذي نشر عام 1991 في صحيفة الحياة، وكان عبارة عن مقاطع عدة فيها مزج بين قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر.

• لماذا قصيدة النثر بالذات؟

•• بالنسبة لي، هي الخيار الأمثل لشاعر يعبّر عن تجربة ذاتية محضة. (الغنائية) تعبّر عن روح المجموعة بشكل أكبر، بينما الفرد في عزلته يحتاج إلى قالب مفصل عليه تماماً، ولن يجد أفضل من قالب قصيدة النثر للتعبير عن ذاته المنفردة.

• ونحن نتجول في قريتك القديمة، قلت لي أن أول من فتح عينيك على الشعر هو المتنبي، أليس غريباً أن تكون مغرماً بالمتنبي وتكتب على طريقة الماغوط؟

•• المتنبي كان البداية فقط، وكان ذلك في المرحلة المتوسطة، تالياً تعرفت على كل التجارب الحديثة التي كانت تقع تحت يدي بما فيها الشعر المترجم. كان الوقت متاحاً والشغف كبيراً، إلى درجة أنه كان من الممكن قراءة الأعمال الكاملة لشاعر ما في بضعة أيام. الوضع كان أشبه بالسير في غابة كثيفة الأشجار؛ بحثاً عن مكان فارغ يمكن أن يكون لي.. لي بمفردي.

• تبدو عليك حالة هدوء وسلام خارجي، هل لهذه الحالة علاقة بنصك؟

•• ربما من الخارج فقط.. عموما أنا لا أُحب الصخب، وأنفر من القصائد التي تكاد تسمع فيها قرقعة اللغة. أميل إلى القصيدة القائمة على التأمل بهدوء في الأشياء والكائنات من حولنا، والتي لا تعتمد على الحيل القديمة للشعر.

• ما انطباعك عن دور النقد في خدمة تجاربك مع مجايليك؟

•• ضعيف إلى حد كبير، هناك بعض القراءات والمقاربات للكثير من النقاد والمبدعين التي أعتز بها كثيراً، ولكنها تظل محدودة إلى حد كبير. مشكلة النص الذي لا يعتمد على الحيل الشعرية القديمة، أنه يستعصي على النقد. عدة الناقد مفصلة، في أغلب الأحيان، على التجارب المكتملة والتي تحولت إلى كلاسيكيات في زمننا.

• هل تُمثّل قصيدة النثر تحدياً للناقد؟

•• بالطبع.. من الصعب الدخول في عالم جديد بأدوات بالية ومهترئة.

• نصك يشي بأنك ضد تكثيف اللغة في الشعر؟

•• الشعر ليس لعبة لغة، اللغة المكثفة حجاب في كثير من الأحيان، وقد تخفي فراغاً كبيراً في النص، يحاول أن يردمه الشاعر بطريقة ما.

• ما هو رأيك بمن يقول عن الرواد في القصيدة الحديثة، إنهم عجزوا عن تطوير تجاربهم؟

•• إذا كنت تقصد رواد القصيدة الحديثة في بلادنا، كما دار السجال أخيراً، فأعتقد أنهم حاولوا كل بطريقته أن يؤسسوا لمرحلة شعرية مفارقة وجديدة في بلادنا، ولكن تظل هناك جملة من الظروف التي حالت دون اكتمال تلك المشاريع مع الأسف. الأمر لا يتعلق بالشعر وحده.. حدثني عن تجربة نقدية أو فكرية أو ثقافية بشكل عام تحولت إلى مشروع مكتمل لدينا. هي مجرد محاولات، ومع الأسف ما زلنا نحاول.

• ألا ترى أن نافذتك من بيت الحجر على الوادي، كانت أشبه بشاشة السينما؟

•• تعبير جميل يا صديقي.. هي شاشة سينما ومسرح ولوحة.. كانت مكاناً جيداً للتلصص على العالم الصغير الذي كنت أعيش فيه. ربما هي التي دلتني على الشعر، وغذت مخيلتي بكل الحكايات الصور والأغاني التي ما زالت تسكنني إلى الآن..

• كيف تتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وأنت ابن مرحلة كلاسيكية سواء في طرق الكتابة أو النشر؟

•• حالة مربكة ومحيرة بالفعل وبالذات على صعيد الكتابة، ما تكتبه هو ما تقوله في كثير من الأحيان، والمسافة بين النص الشفهي والمكتوب، تتقلص إلى حد كبير، حالة مربكة ولكنها مغرية في نفس الوقت.

• بماذا تحتمي من هذا العالم المربك والمحير؟

•• أحاول أن أربّي حاسة سابعة إذا جاز لي القول، أحاول تدريجياً أن أتعلم كيف أصل إلى الجميل والمهم بين الكثير من الركام.

• نذهب لطلال مداح وسرّ علاقتك بإبداعه، رغم كلاسيكيته وحداثتك؟

•• طلال مداح هو المُحدّث الأول في الأغنية السعودية، خصوصاً في تجربته مع بدر بن عبدالمحسن، وسراج عمر، طلال بالنسبة لي يمثّل حداثة الأغنية، التي لم يستطع فنان آخر إلى الآن أن يتجاوزها، رغم أنه غنى الكثير من الكلاسيكيات والشعبيات. زمان الصمت، أغراب، الموعد الثاني، وعد، مقادير، شعاع… وغيرها الكثير من الأغاني والقطع الموسيقية. ثم طلال هو أسلوب حياة: لا هدف لطلال من الفن إلا الفن، ولا أظن أنه مر يوم عليه في حياته، منذ تعلم العزف والغناء، دون أن يعزف أو يغني، إلى درجة أنه مات على المسرح وهو يغني… وهو يمسك بعوده!

• ما درجة تمسكك بما يصنفه البعض على أنه ثوابت؟

•• ربما الثوابت تبقى في مكانها، ولكن نظرتنا والزاوية التي نراها تتغير باستمرار. حتى ما كان يعتبر من الثوابت إلى عهد قريب، أصبح في حكم المتحول. الحياة تتغير على الدوام، الإقامة في مكان واحد لفترة طويلة متعبة؛ وكذلك الأفكار والمذاهب والتجارب. الإنسان الذي لا يتغير، إنسان ميت بالضرورة.

• بأي شيء تعود من مدينة جدة للقرية؟

•• أحب العودة في شهر أغسطس بالذات أحمل معي بعض دفاتري وأوراقي وكتبي وذكرياتي، أجلس في الشرفة، متأملاً بيوتنا القديمة والوادي، والزمن الذي تسرب من بين أيدينا دون أن نشعر بذلك، والكثير من البشر الذين ظلوا هنا رغم رحيلهم.

• هل ترى مسفر الطفل هنا؟•• بالطبع أراه يتنقل في الحوش ويلعب وأحيانا أنزل لألعب معه..

Continue Reading

ثقافة وفن

زاهر الغافري يرحلُ مُتخففاً من «الجملة المُثقلة بالظلام»

استيقظ المشهد الشعري العربي اليوم، على نبأ رحيل الشاعر العماني، زاهر الغافري؛ الذي وافته المنيّة إثر معاناة طويلة

استيقظ المشهد الشعري العربي اليوم، على نبأ رحيل الشاعر العماني، زاهر الغافري؛ الذي وافته المنيّة إثر معاناة طويلة مع المرض؛ ولعلّ الغافري حزم أمره دون استئذان ولا مشورة، وقرر الرحيل متخففاً من (جملةٌ مثقلة بالظلام)، بعدما أمضى وقضى أعواماً عدة، ماشياً على حواف جبال مسننة صخورها، ليقطف من ثمار الظهيرة الوادعة وصايا أسلافه العابرين، ويُلقي بها في البحر، كي لا يتعثّر في ظلالهم.

بدأ الغافري تجربته مطلع الثمانينات، وأصدر مجموعته «أظلاف بيضاء»، ونشر مطلع التسعينات «الصمت يأتي إلى الاعتراف» و«عزلة تفيض عن الليل» و«أزهار في بئر» و«ظلال بلون المياه» و«كلما ظهر ملاك في القلعة» و «حياة واحدة سلالم كثيرة» و «في كل أرض بئر تحلم بالحديقة» و «مختارات» و «حجر النوم» و أخيراً «العابر بلا كلمة»، منتصراً لقصيدة النثر التي أتى إليها من إرث كلاسيكي وتفعيلي بحكم رحلته الدراسية المبكّرة إلى بغداد ثم المغرب لينال ليسانس الفلسفة من جامعة محمد الخامس في الرباط.

ويعد الغافري الذي تُرجمت بعض أعماله إلى لغات عالمية، منها(الإسبانية والإنجليزية والألمانية والسويدية والفارسية والهندية والصينية) علامة فارقة بنصِّهِ وشخصه، و في عام 1968 انتقل إلى العراق وتعرف إلى بدر شاكر السياب وغيره من الشعراء العراقيين ثم توجه إلى المغرب، وفرنسا ولندن ونيويورك واستقر في السويد.

مما ختم به حياته الحافلة بالشعر والفنون والصداقات «علامةُ الحيرة في وجهه، هي الرسالةُ الأخيرةُ التي لن تصل إلى أحد».

Continue Reading

ثقافة وفن

هيئة الأفلام تطلق ملتقيات النقد السينمائي من حائل

أعلنت هيئة الأفلام عن انطلاق سلسلة ملتقيات النقد السينمائي لعام 2024، بدءًا من ملتقى حائل الذي سيُعقد في 27 سبتمبر

أعلنت هيئة الأفلام عن انطلاق سلسلة ملتقيات النقد السينمائي لعام 2024، بدءًا من ملتقى حائل الذي سيُعقد في 27 سبتمبر الجاري، يتبعه ملتقى الأحساء يوم 25 أكتوبر، ويختتم بمؤتمر النقد السينمائي الدولي في الرياض بدروته الثانية خلال الفترة من 6 إلى 10 نوفمبر 2024م.

ستقام فعاليات ملتقى النقد السينمائي بحائل في قصر القشلة التاريخي؛ ليقدم تجربة تجمع بين تراث المنطقة وفنون النقد السينمائي، متناولاً عدة محاور، أبرزها نقد الأفلام الوثائقية وأعمال الرسوم المتحركة، وذلك من خلال ندوات وعروض حية تستضيف نخبة من المختصين في هذا المجال، إلى جانب مجموعة من الفعاليات المصاحبة، حيث يمثل الملتقى منصة للتبادل الثقافي في المنطقة، تستهدف تحفيز الحركة النقدية والبحثية في قطاع السينما، وإثراء المعرفة السينمائية، وتقديم فرصة فريدة لإعادة تجربة مشاهدة الأفلام بأنماط مختلفة.

تُقدَّم في الملتقيات عروض سينمائية مختارة، ندوات، ورش عمل، وحلقات نقاش، يثريها مجموعة من النقاد والمهتمين بمجال صناعة الأفلام، وتهدف إلى تمكين الحضور من تعميق معرفتهم في مجالات النقد وتحليل الأفلام.

تعد هذه الملتقيات منصة للتبادل الثقافي وتعزيز الحركة النقدية في القطاع السينمائي، وتأتي ضمن جهود هيئة الأفلام لدعم وتعزيز الحراك السينمائي في المملكة والمنطقة، ولرفع مستوى الوعي السينمائي في المنطقة.

Continue Reading

ثقافة وفن

محمد القشعمي: أنا لستُ مقاول كتابة.. ويوم الأحد لا أردّ على أحد

للمثقف التنويري محمد بن عبدالرزاق في كل مدينة من مدن بلادنا صديق، وفي كل صحيفة أثر، وفي كل وطن عربي معرفة وأواصر،

للمثقف التنويري محمد بن عبدالرزاق في كل مدينة من مدن بلادنا صديق، وفي كل صحيفة أثر، وفي كل وطن عربي معرفة وأواصر، وعندما شرّفتني الأقدارُ بمعرفته، ظننته من منسوبي شركة أرامكو، فالوقت لديه للإنتاج، وليس للاستهلاك، وعندما تلتقيه ينفتح القلب والوعي على ذاكرة ثقافية وتاريخية لم تنجح العقود المديدة في النيل منها، وأنّى لها ذلك وهي ذاكرة محبة وسلام وصداقات مع العمالقة، هنا حديث ذكريات، وقراءة معاصرة، نتسلل عبرها لوجدان النبيل (أبو يعرب) الذي غلبت كُنيته اسمه.. فإلى نصّ الحوار:

• لمن ما زلت تكتب؟

•• سؤال غريب «ما جاوبش عليه» زي ما قال المطرب محمد عبدالمطلب.

• وماذا تكتب؟

•• أكتب في الأعوام الأخيرة عما يعجبني مما يهدى لي من الأصدقاء.

• لماذا تعتني برموز الظل؟

•• اهتمامي بتراجم بعض الرواد تحت عنوان (أعلام في الظل) ينطلق من كونهم لا يعرفهم الا القلة إذ لم يشتهروا إعلامياً، ولكن لهم دور تطوعي في المجتمع لا يمكن نسيانه ولا تناسيه.

• كم صدر من هذه السلسلة؟

•• صدر ثلاثة أجزاء في أندية الباحة وجازان والمدينة والرابع لدى نادي جدة الأدبي، والخامس ينتظر من يطلبه للنشر.

• ألا تعتقد أن هناك من ينتظر أن يطبع لك؟

•• أشك في ذلك لانحسار الرغبة في النشر والتوزيع لانشغال الجميع بوسائل التواصل الحديثة.

• ما الذي خسرته بسبب الكتابة؟

•• خسرت كثيراً من علاقاتي ببعض المعارف والوجهاء لطلبهم الكتابة عنهم أو عن ذويهم، وأنا أقول لهم مع كامل الاحترام «أنا لست مقاولاً» بل كاتب أعتني بمن عرف بخدمة وطنه ومجتمعه ومن أحبهم.

• وإذا أحرجك أحد؟

•• إذا أُحرجت قلت: «سوف أكتب عنك بعد وفاتك!»، وأذكره بما قاله الراحل محمد علي مغربي في كتابه (أعلام الحجاز) عندما ألح عليه أصدقاؤه بقولهم: «لماذا تكتب عن والد فلان ولا تكتب عن والدي؟»، فرد عليهم: «إنني أكتب عن الأعلام وليس عن الأعيان»، ومع ذلك توقف مغربي عن الكتابة لأعوام وعاد بعد هدوء العاصفة واستكمل الأجزاء الأربعة من موسوعته (أعلام الحجاز).

• ماذا لو لم تجد من يقرأ لك؟

•• أكتب لنفسي كي لا يحرقني الفراغ ولكي لا أنصرف كغيري إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي تعمي وتتعب وتتلف وتلهي ولهذا أخذت إجازة يوماً في الأسبوع وهو يوم الأحد الذي لا أستعمل فيه الهاتف.

• كم كتاباً أصدرت إلى اليوم؟

•• آخر كتاب صدر ووصل قبل أيام من جدة تناولت فيه سيرة الوالد (الشيخ عبدالرزاق بن محمد القشعمي) والفنان عبدالجبار اليحيا؛ الذي لا يعرف إلا أنه تشكيلي وهو شاعر ومترجم وأول من أشرف على صفحة للفنون التشكيلية في جريدة المدينة قبل 65 عاماً وبعد أيام قليلة وخلال معرض الكتاب الدولي سيصدر كتابي (مئة عام صحافة) عن دار تراث الوشم بمناسبة مرور 100 عام على صدور جريدة أم القرى وكُتب عليه رقم 52 قبل الكتابين السابقين، ومع الجزء الرابع من أعلام في الظل صدر لي إلى الآن 55 كتاباً كلها في التاريخ الثقافي من الصحافة في بداياتها ومن سير الرواد وغيرها.

• متى شعرت بانتصار التنوير على التقليدية؟

•• أعتقد أن قصر المنابر على فئة دون أخرى يعزز حضورها، وعندما تتاح المنابر للفئة الأخرى سيكون للإنسان الخيار، خصوصاً إذا كان قادراً على التمييز بين الجيد والرديء وأعتقد أن هذا العصر انتصر للأولى على الثانية أو كاد.

• ما نظامك القرائي والكتابي؟

•• جرت العادة أن أنام مبكراً وأصحو مبكراً ومع الفجر أدخل مكتبتي المنزلية من السابعة الى العاشرة ومن بعد صلاة العصر إلى أذان العشاء أقضي ما بين سبع إلى ثماني ساعات يومياً بين القراءة والكتابة وإن كنت أقرأ عشرة أضعاف ما أكتب هذا برنامجي الثابت منذ سبعة أعوام ومن قبل كنت أقضي الفترة الصباحية في العمل قبل التقاعد.

• ما سر علاقتك الوطيدة بمعارض الكتاب؟ •• أول معرض سافرت إليه هو معرض الشارقة قبل 40 عاماً وعند عودتي منه بما نجحت في اقتنائه خصصت غرفة في منزلي للمكتبة، ومن عام 1990 واصلت حضور معرض القاهرة الدولي حتى الآن وبعض المعارض العربية في أوقات متقطعة منها دمشق، بيروت، الدار البيضاء، دبي وبعد انتظام معرض الرياض للكتاب أصبح يغنيني إلى حد ما إنما يظل معرض القاهرة للكتاب الأكثر إغراء.

• هل تحتفظ بكل ما جمعت من كتب طيلة 40 عاماً؟

•• مع الأسف، كثير من كتب مكتبتي ضاع بين السرقة والإعارة دون ضمانات.

• ما العاصمة الثقافية التي ترى أنه طواها النسيان؟

•• تاريخياً، أعتقد أن هناك أكثر من عاصمة حاول البعض أن يقنعنا بتناسيها منها بغداد، وصنعاء، وفاس، أما بيروت فكان لها شأن.

• هل تؤمن بمقولة «من أدركته حرفة الأدب أدركه الفقر»؟

•• أؤمن بمقولة «على قد فراشك مد رجليك» ومهنة الأدب لا تؤمن حياة كريمة، بل تستنزف عاشقها وممتهنها إلا أنه استنزاف شغف ومحبة.

• بماذا ترد على من يقول «إنك تنعم برفاهية»؟ •• من قال إنني مرفّه؟ وما مواصفات المرفّه؟ وأيام وزارة الثقافة والإعلام وبالذات عندما تولى الصديقان الدكتور عبدالعزيزالسبيل والدكتور ناصر الحجيلان، مسؤوليات ومهمات كانا يشجعاني بطلب تأمين بعض الكتب بما يساوي تكاليف إعدادها وطبعاتها، أما الآن فإنني قررت التوقف في ظل اضطلاع الأندية الأدبية بهذا الدور، علماً بأنه طالها انحسار المدد وربما كما أسمع أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة.

• من أين اكتسبت كل هذا الجلد ورباطة الجأش؟

•• هذا من حسن ظنك ومحبة الناس، والوقت مبارك إن لم تضيعه باللعب أو بوسائل التواصل، تقاعدت منذ سبعة أعوام ولا أخرج من البيت إلا نادراً عندما تتضاءل حركة السيارات في الشوارع يومي الجمعة والسبت، وأخرج لمشوار واحد، بينما أقضي أغلب وقتي في المكتبة وحضور المناسبات المتباعدة والمهمة لي، أما الصداقات فالحمد لله باقية عدا بعض من لديهم حساسية ومن تزعجه صراحتي أحياناً ومن يكرر السؤال متى تكتب عني؟

• ما أبرز الشخصيات التي طبعت بصمة في وجدانك؟

•• الراحل الوالد عبدالكريم الجهيمان الذي رافقته في الـ20 عاماً الأخيرة من حياته رحمه الله، وأصدرت عنه ثلاثة كتب، ولا أنسى الصديق الدكتور يحيى بن جنيد فهو صديق منذ 50 عاماً، ودعاني للعمل بمكتبة الملك فهد الوطنية، عقب تقاعدي من العمل في الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وكان الدكتور يحيى أميناً عاماً للمكتبة، وألزمني بتسجيل التاريخ الشفوي للمملكة، على مدى 25 عاماً ودعوة الرواد والمثقفين للتسجيل معهم بالصوت والصورة، وتم تسجيل حوارات مع أكثر من 400 شخصية وكتبت عن ذلك كتاب (تجربتي مع التاريخ الشفوي) وأهديته للدكتور يحيى بن جنيد وصدر عن نادي الطائف الأدبي.

• كيف توطدت علاقتك بالحداثيين وأنت كلاسيكي؟ •• صداقتي وأحمد الله مع الجميع، ومع كل الطيبين من الرعيل الأول ومن الحداثيين وأحسبني كالرياضيين مشجعاً لا لاعباً.

• ما انطباعك عن المشهد الثقافي؟ •• المشهد الثقافي يذكرني بالصفحة المخصصة للأستاذين أحمد وعبد الرحمن السعيد في جريدة القصيم نصف الشهرية عام 1960 التي كانت بعنوان (سلطات فكرية) وإلى الآن لم أستسغ أو أهضم استبدال الأندية الأدبية بالمقاهي عقب عمر امتد لنصف قرن والمفروض أن نقيم نشاطها وتحاكم وتستبدل بالأفضل، ومثلها إلغاء المكتبات العامة في المملكة.

• من الذين فاتتك الكتابة عنهم؟ •• لم أكتب عن كثير ممن لم أجد لهم تراجم أو معلومات وافية كما لم أكتب عن (أمي) -رحمها الله- ومهما أكتب فهناك من ينتقد لأتفه الأسباب منها طلب الكتابة عن والده أو عنه، وممكن أن أعطيه أرقام من يكتب (السيرة الغيرية).

• من أطلق عليك كنية «أبو الأمة»؟ •• أطلقها المرحوم الروائي عبدالعزيز مشري عندما زرته وكان منوماً في مستشفى الملك فيصل التخصصي، وطلب مني أن يرى الأستاذ عبدالكريم الجهيمان، ورحب الجهيمان وزرناه (الجهيمان وعبدالله العبدالمحسن، وزوجته الدكتورة نادية الهواشم) والتقطت لنا صورة بالمناسبة فشكرني المشري، وقال: أنت لست أبو يعرب فقط أنت أبو الأمة وذهبت مثلاً وتناقلها الركبان.

• من المثقف الذي لم يأخذ حقه؟•• الذي «لا يترزز» في كل موقع ومناسبة، والذي يعمل دون ضجيج، والذي لا يقدره مجتمعه إلا بعد رحيله، وتظل الشللية والواسطة لهما النصيب الأوفى.

Continue Reading

Trending

جميع الحقوق محفوظة لدى أخبار السعودية © 2022 .