ترى الشاعرة سعاد الكواري أن الشعر يعزز التقارب الثقافي بين الشعوب، ويُسهم في التعريف بالإبداع، خاضت تجربة الكتابة مبكراً، واقتحمت مجال النشر عام 2000، لتتوالى إصداراتها تباعاً، ثم انصرفت لأعمال ثقافية، وعادت لتجمع كل أعمالها في مجموعة كاملة، وشاركت في أمسيات ومناسبات شعرية عالمية، وسبق أن رشحت حركة الشعر العالمي الشاعرة الكواري منسقة للشعر في قطر، وهي الحركة التي أسسها الشاعر الكولومبي فرناندو، وتتخذ من كولومبيا مقراً لها.. وهنا نص حوارنا معها:
• ما قصة النص الأول، هل جاء مطبوعاً أم مصنوعاً؟
•• حقيقة لا أتذكر النص الأول ربما بسبب أنني دائماً أكتب وأعتبر أي كتابة هي النص الأول، ولكن إذا كنا سوف نعتبر النص الأول هو الديوان الأول بالفعل كانت هذه هي التجربة التي أستطيع أن أمنحها لقب النص الأول، باعتباره استطاع أن يأخذ لقبه وأحقيته بالنشر وأصبح واقعاً لا أستطيع أن أتجاوزه أو أنكره، رغم أنني تجاوزت العديد من التجارب السابقة بالنكران، ولكن بما أنه أصبح واقعاً في حياتي فدعنا نقول إن ديوان (لم تكن روحي) هو النص الأول الذي أخذ أحقية الاعتراف به.
• من وقف وراء الذات الأنثوية الشاعرة داعماً محفزاً موجهاً في مجتمع لا يحتمل التغريد خارج السرب؟
•• الذات الأنثوية المتمردة تحتاج إلى دعم من الخارج لتستمر وتقاوم الظروف بأكملها، إلا أنه في ظل حضور زوج يتفهم ويقدِّر مثل هذه الأمور تتضاءل المتاعب، ولو أنه كان معي دائماً في كل مرحلة من مراحل مررت بها، ما جعلني استمر وبقوة رغم كل شيء مررت به إلا أنه كان داعماً لي ومسانداً لكل ما أفكر فيه بالفعل، أنا مدينة له بكل ما وصلت إليه الآن.
• لنصكِ روحٌ حداثية لا تشبه أحداً، من أين انبعثت هذه الروح؟ •• من الحياة نفسها، من القراءات المخلفة من الإيمان بأننا مختلفون، وكلٌّ له لونه الخاص به؛ الذي كنت أصر على أنه لا بد أن نحافظ على هذا الاختلاف من أمور كثيرة شكَّلت هذه الروح.
• هل كان للحاضنة الأولى أي دور في سقاية بذرة الإبداع، أو إذكاء جمرة التوهج، ومن عرّاب الخطوة الأولى؟
•• بالفعل كانت هناك آثار خفية لم أكن أعرفها، لكنني كنت أشعر بها منذ البداية؛ كنت أشعر بشيء مختلف يشاركني حياتي وبشكل مستفز، ودائماً كنت أعتقد أن هذا أمر طبيعي لم أعطه أي أهمية، كنت أمارس حقي في الحياة وأبحث عن الذات التي كانت تقاوم أي شكل من أشكال التحدي، فجاءت على أشكال مختلفة إلى أن استقرت في النهاية على هذا الشكل الذي بدأ يلازمني ولا أعرف ما أسميه، ورغم أنني ما رست أشكالاً كتابية أخرى إلا أنني في نهاية المقامرة ثبت على هذا الشكل الهارب من التصنيف ليكون شيئاً غريباً نوعاً ما، ومألوفاً في الوقت نفسه، وجمرة الإبداع ما زالت متوهجة رغم التجارب والسنين التي مرت وفي كل مرحلة هناك عراب مختلف، ربما يتشابهون في الشكل ويختلفون في المضمون، ولكن في نهاية الأمر ما زلت أشعر بأنني في الخطوة الأولى.
• هل كنتِ ظلاً أو امتداداً لآباء انعكست تجربتهم عليك؟
•• أكيد.. فأنا امتداد لأسماء كثيرة شكلت الذائقة الإبداعية لدي منذ الأزل، وما زلت أشعر بأشباحهم تتربص بي في كل مكان، وأحياناً أبحث عنهم، فأنا خليط من تجارب سابقة وتجارب حديثة ما زلت أتلمسها بحذر.
• إلى أي مدرسة شعرية تنتمي تجربتك؟
•• في البداية تأثرت كثيراً بالحداثيين، ورأيتهم بشكل مختلف، وإثر ذلك بدأت أقرأ لمدارس مختلفة ولمراحل عمرية مختلفة واتجاهات مختلفة ومدارس متعددة إلى أن رست سفينتي عند الذات، وشعرتُ بأن بداخلي بركاناً من العواطف والمشاعر والتجارب التي بدأت تأخذ منعطفات مختلفة وتركتها تتحرك في الشكل الذي تحقق لها هذا التميز؛ لأنني مزجت روحي بكل كلمة كتبتها.
• متى قررتِ النشر وماذا عن التردد؟
•• عقب أن انتهيت من الجامعة باشرت نشر أوّل ديوان وكان عام ٢٠٠٠، كانت لي تجارب سابقة، إلا أني بدأت فعلياً بمجموعة (لم تكن روحي)، ومن بعد (وريثة الصحراء)، و(ملكة الجبال)، و(باب جديد للدخول)، و(بحثاً عن العمر)، وهكذا دون تردد إلى ٢٠٠٤ وبعدها توقفت كثيراً وعدت بالأعمال الكاملة في ٢٠٢١.
• لماذا حضورك للأمسيات متقشف؟
•• انطلقت في الأمسيات وشاركت في فعاليات كثيرة بعدها انشغلت بالعمل الثقافي، والصالون الثقافي، بالفعل أخذني العمل الثقافي كثيراً إلى عام ٢٠١٥ وتوقفت قليلاً للمراجعة، ووجدتني تأخرت كثيراً وعدت لأكمل المشوار بأحلام جديدة وطموحات أكبر.
• لماذا يُساء الظن بقصيدة الشاعرة؟
•• لا أعتقد هذا حقيقي إلا إذا كانت هناك نظرة أخرى لم أصادفها في حياتي.
• في (لم تكن روحي) تدفق لغوي، لماذا أسهبت في حين كانت القصيدة الحديثة تقتصد في كلماتها؟
•• كانت فكرة الدواوين قصيدة طويلة تكون هي لب الموضوع، بينما تكون بقية القصائد (قصائد قصيرة)، وهذا كان في جميع الدواوين.
• ماذا تعني لك «وريثة الصحراء»؟
•• الوريثة هي أنا جانب حقيقي مني، وبداية المقامرة الحقيقية لتجربتي فهي تعني لي الكثير.
• بعكس كُتَّاب كثر اتجهت للشعر الغنائي، ولم تغوك القصة، أو الرواية، هل من تفسير؟
•• نعم وجدت عندي رغبة في ممارسة كتابة النص المغنَّى؛ لأن روحي قريبة من موسيقى الشعر في أي شكل من أشكاله ولم أبتعد أبداً عنه، رغم المحاولات الأولى مع القصة القصيرة، إلا أن الشعر ظل يلازمني في كل سطر، فقررتُ أن أكون مخلصة للقصيدة.
• ما الذي أضافه المغنون لنصك؟
•• أضافوا لي شهرة أوسع، وأصبحت أقرب للمتلقي كون النص المغنَّى يصل أسرع، والقصيدة المغنَّاة تدخلنا في فضاء جماعي عكس كتابة القصيدة التي كانت خاصة جداً، بينما النص الغنائي مشاركة بما في ذلك كتابة النص.
• كيف تعامل النقاد مع تجربتك؟•• الحمد لله هناك إنصاف، وقراءات تفهم عمق النص وتحاول تقديمه للقارئ بشكل مميز.
• هل تم إدراج شيء من نصوصك في المناهج الدراسية؟
•• لا.
• أين ومتى ينبغي للشاعر أن يصمت؟
•• إذا شعر أنه لا يملك ما يقوله، وهذا ما جعلني أصمت طويلاً، وأعود مرة أخرى لأمارس الكتابة بحرفية أكثر.
• بماذا تلوذين هرباً من الشعر؟
•• انشغل بالحياة بكل ما فيها من ضغوطات ومشاكل، ولكنني متى ما شعرت بأن الهروب طال أعود للكتابة بشغف كبير.
• كيف ترين مستقبل القصيدة الحديثة؟
•• هي في مكان ما لا بد أن نبحث عنها؛ لأنها لا تقبل أن توضع في مكان لا يليق بها لهذا هي في القمة ولا تقبل أن تنزل، فعلى من يريدها أن يصعد لها.
• لمن تقرأين من شعراء وشاعرات المملكة؟
•• قرأت لكثيرين من الشعراء في المرحلة السابقة، وهناك من كان لي بهم علاقة صداقة مثل الشاعرة أشجان الهندي، وعلي الدميني، وغيرهم الكثير الذين ما زلت أتتبع أعمالهم في الجرائد والمجلات.
• ما الجديد عقب الأعمال الكاملة؟
•• الآن بدأت مرحلة الترجمة، وبدأت في ترجمة أول أعمالي إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وأتمنى أترجم بقية الكتب إلى لغات عدة.