Connect with us

الثقافة و الفن

رهانٌ شكليٌّ خاسرٌ

لطالما تجاوز طموح كُتّاب و فنانين، الحدود المحلية، طمعاً في الظفر، بالاعتراف الدولي، ونيل الجوائز العالمية، ولعل

Published

on

لطالما تجاوز طموح كُتّاب و فنانين، الحدود المحلية، طمعاً في الظفر، بالاعتراف الدولي، ونيل الجوائز العالمية، ولعل بعض الطموحات، لم تثبت حضورها محلّياً، لتغدو رهاناتها على المكاسب خارج حدود الجغرافيا العربية، ضرباً من الرهانات الشكلية الخاسرة. وهنا استطلاع لرأي نخبة من الكُتاب، لسماع وجهات نظرهم في موضوع قضيتنا الأسبوعية، إذ تساءل الناقد الأكاديمي الدكتور حسين المناصرة؛ لماذا يظن البعض أن القفز على محليته يحقق له العالمية؟ ويجيب؛ لا يمكن أن تكون هناك أية عالمية لهوية أو ثقافة أو لغة أو فكر أو فرد أو جماعة قبل أن تتحقق خصوصية محلية كاملة متكاملة، ذات استعدادات مادية ومعنوية تؤهلها للوصول إلى العالمية. ويرى المناصرة أن المحلية تصنع البطولة، وتنتج الثقافة في هوية لغوية معيشية تصنيعية إنتاجية تنافسية، مستعيداً تجربة اليابان إذ لم تكن شيئاً بعيد الحرب العالمية الثانية، ثم صارت في قمة العالمية عندما اشتغلت على خصوصيتها المحلية، مؤكداً أن اللغة الإنجليزية -على سبيل المثال- غدت لغة عالمية؛ إثر انطلاقها من محلّيتها أولًا؛ لتصبح لغة وثقافة وحياة كثير من الأمم وثقافتها ومعيشتها. ولفت المناصرة إلى أنه ليس هناك أية قيمة لملايين البشر ممن لم يتحصنوا بأطرهم المحلية القوية، مشيراً إلى أن اللغة العربية لم تحظ بشيء من الهوية العالمية إلا عقب أن جاء القرآن الكريم بصفته هوية إلهية إعجازية محلية، جعلت الأمة العربية تتربع على العالمية في العصر العباسي الأول، وأضاف: من يعتقد أنّ القفز على المحلية يمكن أن يحقق العالمية هو واهم، ولا يدرك حقيقة الجدلية التاريخية المنبثقة من صراع الحضارات؛ فأي حضارة تضعف منابتها الذاتية الأصيلة تتلاشى تلقائيًا وبسرعة؛ ولا يعود بإمكانها أن تنهض إلا من خلال إعادة ترميم قدراتها المحلية في مستوياتها كافة، خصوصا في أن تكون منتجة، لا مستهلكة أو خدماتية. وعدّ المناصرة العالمية اليوم؛ في القدرة على أن تكون محلياً منتجاً حراً مؤثراً في السوق العالمي، وفي الفكر والفلسفة في العالم؛ فتنبع العالمية من الدور الاقتصادي السياسي الثقافي الإبداعي الذاتي أو المحلي. ويرى الروائي علي المقري: أنّ البيئة المحلية ربما تحتوي على تجارب إنسانية مميزة تستحق أن تُروى عبر تقدير الكاتب نفسه؛ الذي يفترض أن يكون لديه خبرة في التجارب الأدبية المختلفة، ليقرر إلى أي حد يمكن أن يستفيد من تجربة بيئته المحلية؛ لافتاً لأهمية التساؤل؛ هل ستقدم قصصه المحلية إضافة إلى التجربة الأدبية العالمية في أي مستوى ولو على المستوى اللغوي بإيقاعاته الصوتية وطريقة سرده أم لا؟ موضحاً أنه إذا قام الكاتب باختبار هذه التجارب المحلية ليس بالضرورة أن يفكر بالعالمية أو الانتشار، ويكفي أن هذا المنحى يستهويه ويحفزه على تناوله، وأضاف: أن من حق الكاتب تجاوز هذا التنميط أو المحددات الاستهلاكية عن المحلية والعالمية، ومن حقه بحسب قدرته أن يروي أو يكتب ما يريد كتابته سواء عن بيئته أو بيئات أخرى، فما الذي يمنع أن يكتب كاتب في بريدة أو تعز أو الصعيد عن مترو باريس أو قطار برلين إذا كانت الأحداث أو التجربة الأدبية تستدعي ذلك ويستطيع أن يحقق فيها ما أراد.

فيما قال الشاعر السماح عبدالله: أذكر المانشيت العريض الذي كتبه الناقد الدكتور «غالي شكري» لما فاز «نجيب محفوظ» بجائزة نوبل، (الطريق إلى العالمية يبدأ بالجمالية)، والمتأمل لحالة الفائز العربي الوحيد بجائزة نوبل، سيكتشف أن الوصول للعالمية، بوابته الحقيقية هو الإغراق في المحلية، هكذا كانت كتابات «نجيب محفوظ»، حتى أنه لم يكتب عن الصعيد في مصر، لأنه لم يزره، ولا يعرف عن عاداته وتقاليده ما يسمح له بالتعبير عنه، وكان أبطال رواياته عندما يغادرون القاهرة، فإلى الإسكندرية، التي يعرفها هو، ويقضي فيها الصيف من كل عام.

ونحن عندما نقرأ «جابرييل جارثيا ماركيز»، إنما ننبهر بعوالمه السحرية التي لا نعرفها، كذلك فعل «وول سوينكا» الذي قدم لنا الأغوار الإفريقية، و«إيزابيل الليندي» التي اهتمت بأنثوية المرأة في أمريكا الجنوبية، وغيرهم من الكتاب العالميين الذين احتفوا بعوالمهم الخاصة.

بقدر ما يكتب المبدع عما يعرفه في بيئته الخاصة، بقدر ما يراه الآخر، ويحتفي به، لأن القارئ يبحث عن العوالم التي يجهلها، فإن قفز الكاتب على بيئته، وكتب عوالم غربية، وعالج المشكلات التي يعاني منها الأوربيون، فكأنه يبيع المياه في حارة السقائين، لن يشرب أحد من بضاعته، فلديهم ما يروي ظمأهم.

وترى التشكيلية اعتدال عطيوي؛ أن المبدع ينطق عن هويّة ذاتية تكونت عبر السنين، وتراكمت عاطفياً وروحياً وثقافياً لتسهم في تعزيز حضوره الإبداعي. مشيرةً إلى أنه عندما ينسلخ المبدع من ذاته، سيصبح إبداعه مائعاً بلا طعم ولا روح، مؤكدةً أنه لن يستطيع الانسلاخ مهما حاول كونه متجذرا في الأعماق؛ فالإبداع أردنا أم لم نرد، هو هوية المبدع؛ فنجيب محفوظ قفز للعالمية من قلب المحلية، وبيكاسو، الذي كانت (غرينكا)، أصدق أعماله، مضيفةً أن القفز يصنع هالة بلا شك ولكنها وفق شروط وكالة التسويق العالمية في زمن يسوق فيه كل شيء، واستعادة تجارب بعض الشعراء العرب الذين تماهوا مع الفرانكفونية وانفصلوا طوعا عن ثقافتهم الأم، فغادرتهم الهوية إلى حد كبير فتلاشى إبداعهم وغاب عن ذاكرة الاجيال، بينما ما زال إيليا أبي ماضي وجبران حاضرين رغم رحيلهما من عقود.

فيما قال الشاعر عبدالمجيد التركي: منذ أن بدأت كتابة الشعر لم أكن أحب قراءة النصوص النثرية التي تتغرَّب عن واقعها، لأنها تبحث لها عن حاضنة من خارج بيئتها، فلا هي التي تجمَّلت بمحلِّيتها، ولا هي التي سلمت من تشوهاتها المجلوبة من محاكاة البعيد القابع في أقصى الخريطة.

وكشف أنه قرأ نصوصاً مليئة بأشجار الأرز، واللَّيْلَكْ، والزعفران، والبلوط، والصنوبر، والصفصاف، والغاردينيا، والتوليب.. وعندما يسأل الشعراء عن معرفتهم بهذه الأشجار يجدهم لا يعرفون أشكالها، فيقول لهم: لدينا المشاقر والشذاب، والشمطري، والغبيراء، والثمام، ولدينا العُتُم والسدر، والطُّنُب، والمئات من الأشجار في قرانا ومدننا، وغيرها مما يبهر الأجنبي الذي يتطلع لمعرفة أشجارنا وزهورنا، مثلما ينبهر شعراء عرب بأسماء الأشجار والزهور التي لم يشاهدوها إلا في الصور.

ويرى أن العالمية هي في المحلية، وتساءل: لماذا يريد البعض القفز إلى محلية الآخرين لتحقيق العالمية.. ولماذا لا ننطلق من محلّيتنا، ليرانا الآخر عالميين كما نراه؟

وتحفّظ على إبداع يريد أن يظهر بمظهر العارف بكل شيء، لكي يخدع القارئ ويظنه عميقاً. وأضاف التركي: أعرف شاعراً يدعي الحداثة، يعيش في قرية صغيرة، ويستدعي في نصوصه نهر المسيسبي، وشلالات نياجرا، وأسماء عصافير، وطيوراً غريبة يستوردها من قناة ناشيونال جرافيكس. وهذا ومثله ممن يقفزون على محليتهم، لا يعرفون أن ماركيز بدأ بالكتابة عن بلدته أراكاتاكا في كولومبيا، وأن كازنتزاكيس كتب عن قريته الصغيرة كريت، وأن رسول حمزاتوف كتب عن داغستان.

لافتاً إلى حاجة المبدع لبعض الوعي، والاعتزاز بقراهم، وبآبائهم، وبعجائز الأسرة القرويات المليئات بالحكمة، دون تأفف من قريته، لأنه صار يكتب عن البرجر والبتزاهت، والباشاميل، ولا يليق به أن يكتب عن خبز الشعير الذي تصنعه أمه في تنورها الطيني بيديها المليئتين بالحناء والبركة، ويرى أنهم يدورون في أماكنهم مثل جمل المعصرة، الذي يدور وهو معصوب العينين، دون أن يرى شيئاً، ليفقدوا اتزانهم وجمهورهم، وتوقف الكثير منهم عن الكتابة لأنه علق في النفق دون أن يجد الضوء. ويؤكد أن كتابه الأخير «كبرت كثيراً يا أبي» حقق نجاحاً وانتشاراً واسعاً، وكتبوا عنه عشرات الدراسات النقدية والانطباعات، لأنه احتفى بكل ما هو محلي، فوجد الناس البسطاء أنفسهم فيه، وهذا هو سر نجاح الكتاب، لافتاً إلى أنه يعيش في صنعاء منذ أربعين عاماً، إلا أن مدينته (شهارة) ما زالت تحتل نصوصه ووجدانه وكريات دمه، كونها المدينة التي ولد فيها، ولا يظن أنه سيتوقف عن الكتابة عنها، لأنه ما زال يتنفس روائحها التي تكفي لكسر «مائة عام من العزلة» واستعاد حكمة جدته التي كانت تقول: (من خرج من جلده جَيَّفْ).

عبده خال الجوائز لا تصنع من الكاتب نموذجاً إنسانياً

المصطلح صنيعة الصحافة، والعبرة بمثابرة الكاتب وتراكم تجربته، وتجربة من سبقه أو المجايلين لها، فالكتابة الإبداعية تقوم على الإيمان بما نكتب، والإيمان بأن الكتابة قادرة على التغيير.

هناك كُتّاب يكتبون أعمالًا رائعة ومتجاوزة إلا أن غيابها عن اللغات الأوروبية يكدسها على الرفوف، وهذا يخل بالسؤال.. العالمية تبدأ بالمحلية؟

أؤمن أن الكاتب (كون) بذاته وما يبدعه سوف يتحول ذات يوم إلى حكاية تُروى بأنه فعل وفعل وبهذه الصيغة يحدث انتقالا ولو كان شفويا إلى العالمية مهما كان عدد المنتقل بينهم ذلك الإبداع.

وأعتقد أن الكاتب المؤمن بما يكتب يعنيه في المقام الأول كتابة ما يجوس في عقله، ولا يبحث عن جائزة وإن جاءت مكللة لما قدّم فأهلاً وسهلاً، والباحث عن جائزة ربما ينالها إلا أن الجائزة لا تعمق فكره ولا تنصبه نموذجا إنسانيا سعى ويسعى لكتابة الإنسان سواء كان محليا أو يشمل العديد من دول العالم.

وكل منا قرأ إبداعا لكتاب كان حظهم أنهم في دول الظل، فهل سيكون الجري وراء العالمية شرطاً للإبداع؟

انطلقت شبكة أخبار السعودية أولًا من منصة تويتر عبر الحساب الرسمي @SaudiNews50، وسرعان ما أصبحت واحدة من أبرز المصادر الإخبارية المستقلة في المملكة، بفضل تغطيتها السريعة والموثوقة لأهم الأحداث المحلية والعالمية. ونتيجة للثقة المتزايدة من المتابعين، توسعت الشبكة بإطلاق موقعها الإلكتروني ليكون منصة إخبارية شاملة، تقدم محتوى متجدد في مجالات السياسة، والاقتصاد، والصحة، والتعليم، والفعاليات الوطنية، بأسلوب احترافي يواكب تطلعات الجمهور. تسعى الشبكة إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتقديم المعلومة الدقيقة في وقتها، من خلال تغطيات ميدانية وتحليلات معمقة وفريق تحرير متخصص، ما يجعلها وجهة موثوقة لكل من يبحث عن الخبر السعودي أولاً بأول.

Continue Reading

الثقافة و الفن

كراسي ملتقى الميزانية والبشت السعودي: تصميم يجسد الهوية

تعرف على سر كراسي ملتقى الميزانية المستوحاة من البشت السعودي. تفاصيل التصميم، دلالات الزري الذهبي، وكيف يعكس هذا الابتكار الهوية الوطنية ورؤية 2030.

Published

on

شهدت منصات التواصل الاجتماعي والأوساط الإعلامية تفاعلاً واسعاً مع التصاميم المبتكرة التي ظهرت في التجهيزات الخاصة بملتقى الميزانية، وتحديداً تلك الكراسي التي استوحت تصميمها ببراعة من "البشت السعودي"، الرمز العريق للأناقة والوجاهة في المملكة العربية السعودية. هذا الدمج بين الوظيفة العملية للمقاعد وبين الرمزية الثقافية العميقة للبشت، لم يكن مجرد خيار جمالي عابر، بل هو تعبير بصري دقيق عن توجهات المملكة نحو ترسيخ الهوية الوطنية في كافة التفاصيل الدقيقة للمناسبات الرسمية.

رمزية البشت: أكثر من مجرد رداء

لفهم عمق هذا التصميم، يجب العودة إلى الجذور التاريخية للبشت في الثقافة العربية والسعودية. يُعد البشت (أو المشلح) زيّاً رجالياً تقليدياً يرتبط بالمقام الرفيع والمناسبات الرسمية والأعياد. وتتميز البشوت السعودية، وخاصة "الحساوي" منها، بدقة الحياكة والتطريز بخيوط الزري الذهبية أو الفضية. إن استلهام تصميم الكراسي من هذا الزي، عبر استخدام اللون الأسود الفاخر (اللون الملكي الأكثر شيوعاً في البروتوكولات) مع الحواف الذهبية التي تحاكي "القيطان" و"المكسر" في البشت، يبعث برسالة احترام وتقدير للحضور، ويضفي هيبة على المكان تتناسب مع ثقل الحدث الاقتصادي الذي يتم فيه إعلان ميزانية الدولة.

رؤية 2030 وإحياء التراث في التصميم الحديث

يأتي هذا التوجه الفني متناغماً تماماً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تولي اهتماماً بالغاً بالثقافة الوطنية والتراث غير المادي. لم تعد الهوية السعودية تقتصر على المتاحف أو المهرجانات التراثية، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من النسيج العمراني والتصميم الداخلي للمؤسسات الحكومية والفعاليات الكبرى. يعكس تصميم كراسي ملتقى الميزانية تحولاً في مفهوم "البروتوكول"، حيث يتم استبدال الأثاث المكتبي الغربي التقليدي بتصاميم تحمل بصمة محلية، مما يعزز من الشعور بالانتماء والفخر لدى المواطن، ويبهر الزائر الأجنبي بجماليات الثقافة السعودية.

الأثر الثقافي والانطباع العالمي

إن دمج العناصر التراثية في الفعاليات السياسية والاقتصادية يمثل نوعاً من "القوة الناعمة". فبعد أن لفت البشت السعودي أنظار العالم في نهائي كأس العالم 2022، يأتي استخدامه كمفهوم تصميمي في الأثاث ليؤكد على استدامة هذا الرمز وقابليته للتطوير والحداثة. هذا النهج يشجع المصممين السعوديين على الابتكار واستلهام أفكار من بيئتهم المحلية، مما يفتح آفاقاً جديدة لصناعة الأثاث والديكور القائمة على الهوية. علاوة على ذلك، فإن الاهتمام بهذه التفاصيل الدقيقة يعكس احترافية عالية في تنظيم الفعاليات الوطنية، حيث تتكامل الصورة البصرية مع المضمون الاقتصادي والسياسي لتصدير صورة حضارية عن المملكة.

ختاماً، لا تُعد كراسي ملتقى الميزانية مجرد مقاعد للجلوس، بل هي وثيقة بصرية تروي قصة التمسك بالجذور مع الانطلاق نحو المستقبل، وتؤكد أن التراث السعودي غني وقابل للتكيف مع أحدث خطوط الموضة والتصميم العالمية.

Continue Reading

الثقافة و الفن

مجمع الملك سلمان يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بالأمم المتحدة

مجمع الملك سلمان العالمي ينظم احتفالية في مقر الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، تعزيزاً لمكانة لغة الضاد ودعماً لأهداف رؤية المملكة 2030.

Published

on

في خطوة تعكس الدور الريادي للمملكة العربية السعودية في خدمة لغة الضاد وتعزيز حضورها الدولي، نظم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، وذلك في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك. ويأتي هذا الحدث تأكيداً على التزام المجمع برسالته الاستراتيجية الرامية إلى مد جسور التواصل الحضاري وإبراز جماليات اللغة العربية وقيمتها التاريخية والمعاصرة أمام المجتمع الدولي.

سياق الاحتفال والخلفية التاريخية

يحتفل العالم في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة العربية، وهو التاريخ الذي يوافق القرار التاريخي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3190 في عام 1973، والذي بموجبه تم اعتماد اللغة العربية لغة رسمية ولغة عمل في الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا التاريخ محطة سنوية للاحتفاء بواحدة من أكثر اللغات انتشاراً في العالم، وللتذكير بإسهاماتها الغزيرة في مسيرة الحضارة البشرية، سواء في العلوم، أو الآداب، أو الفنون.

دور مجمع الملك سلمان ورؤية 2030

تأتي مشاركة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في هذا المحفل الدولي كجزء لا يتجزأ من مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتحديداً برنامج تنمية القدرات البشرية الذي يعنى بتعزيز الهوية الوطنية واللغوية. ويسعى المجمع من خلال هذه الفعاليات إلى تحقيق أهدافه الاستراتيجية المتمثلة في المحافظة على سلامة اللغة العربية، ودعمها نطقاً وكتابة، وتيسير تعلمها وتعليمها داخل المملكة وخارجها. كما يهدف المجمع إلى توحيد المرجعية العلمية للغة العربية عالمياً، وسد الفجوة في المحتوى العربي الرقمي.

الأهمية الثقافية والدولية للحدث

لا تقتصر أهمية هذه الاحتفالية على الجانب البروتوكولي فحسب، بل تمتد لتشمل أبعاداً ثقافية وسياسية عميقة. فاللغة العربية تُعد ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتحدث بها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة. ومن خلال تنظيم مثل هذه الفعاليات في قلب المنظمة الأممية، يرسخ المجمع مكانة اللغة العربية كلغة للحوار والسلام والتفاهم المشترك بين الشعوب.

وتتضمن مثل هذه الفعاليات عادةً جلسات حوارية رفيعة المستوى، ومعارض فنية تبرز جماليات الخط العربي، ونقاشات حول التحديات التي تواجه اللغة في عصر الذكاء الاصطناعي والرقمنة، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي لخدمة اللغة العربية وتمكينها في المحافل الدولية.

Continue Reading

الثقافة و الفن

السعودية تستعرض تراثها في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو

تشارك السعودية في معرض أرتيجانو آن فييرا بميلانو لإبراز التراث الوطني والحرف اليدوية، تعزيزاً للتبادل الثقافي وتحقيقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030.

Published

on

تستعد المنظومة الثقافية في المملكة العربية السعودية لتسجيل حضور لافت ومميز في معرض «أرتيجانو آن فييرا» (Artigiano in Fiera) الدولي، الذي يُقام سنوياً في مدينة ميلانو الإيطالية. وتأتي هذه المشاركة في إطار الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة لتعزيز حضورها الثقافي على الساحة الدولية، وتسليط الضوء على الإرث الحضاري والتراثي الغني الذي تتمتع به مناطق المملكة المختلفة، وذلك من خلال استعراض مجموعة واسعة من الحرف اليدوية والفنون التقليدية التي تعكس الهوية السعودية الأصيلة.

أهمية معرض أرتيجانو آن فييرا عالمياً

يُعد معرض «أرتيجانو آن فييرا» واحداً من أهم وأضخم المعارض الدولية المخصصة للحرف اليدوية والصناعات التقليدية في العالم. يمتد تاريخ هذا الحدث لسنوات طويلة، حيث تحول إلى منصة عالمية تجمع الحرفيين والمبدعين من أكثر من 100 دولة حول العالم. ويوفر المعرض فرصة فريدة للزوار لاستكشاف ثقافات الشعوب من خلال منتجاتهم اليدوية، مما يجعله جسراً للتواصل الإنساني والثقافي. وتكتسب المشاركة السعودية في هذا المحفل أهمية خاصة، حيث تتيح الفرصة للجمهور الأوروبي والعالمي للتعرف عن كثب على جماليات الفنون السعودية ودقة الحرفية التي يتمتع بها الحرفيون السعوديون.

رؤية 2030 ودعم التراث الوطني

تأتي هذه الخطوة انسجاماً مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، التي تولي اهتماماً بالغاً بقطاع الثقافة والتراث، وتعتبره ركيزة أساسية من ركائز جودة الحياة والتنمية الاقتصادية. وتعمل وزارة الثقافة والهيئات التابعة لها، مثل هيئة التراث، على تمكين الحرفيين السعوديين وتوفير المنصات اللازمة لهم لعرض إبداعاتهم وتسويقها عالمياً. إن الحضور في ميلانو ليس مجرد مشاركة في معرض، بل هو تجسيد لاستراتيجية وطنية تهدف إلى تحويل القطاع الحرفي إلى رافد اقتصادي مستدام، يساهم في الناتج المحلي ويخلق فرص عمل واعدة لأبناء وبنات الوطن.

ماذا ستقدم السعودية في ميلانو؟

من المتوقع أن يضم الجناح السعودي تشكيلة متنوعة من الحرف اليدوية التي تمثل مختلف مناطق المملكة، بدءاً من فنون حياكة السدو المسجلة في قائمة اليونسكو للتراث غير المادي، وصولاً إلى صناعة الفخار، والنقش على الخشب، وصياغة الحلي التقليدية، والأزياء التراثية التي تحكي قصصاً من عمق التاريخ. كما يركز الجناح عادةً على تقديم تجربة ثقافية متكاملة تشمل الضيافة السعودية والقهوة السعودية، ليعيش الزائر تجربة حسية متكاملة تنقله إلى أجواء المملكة.

الأثر الثقافي والاقتصادي المتوقع

إن التواجد في حدث بحجم «أرتيجانو آن فييرا» يحقق مكاسب متعددة؛ فعلى الصعيد الثقافي، يعزز من القوة الناعمة للمملكة ويصحح المفاهيم من خلال تقديم صورة مشرقة عن الإبداع السعودي. أما اقتصادياً، فهو يفتح نوافذ تصديرية جديدة للمنتجات الحرفية السعودية، ويتيح للحرفيين الاحتكاك بالخبرات العالمية وتبادل المعرفة، مما يساهم في تطوير جودة المنتج المحلي والارتقاء به لمنافسة المنتجات العالمية.

Continue Reading

Trending