Connect with us

الثقافة و الفن

الزين: نحتاج مجتمعاً ذوّاقاً يكف عن استخدام «أفعل التفضيل»

ترى الشاعرة اللبنانية الفرنسية سارة الزين أن مشاركة الأدباء والشعراء في المسابقات الشعرية إما أنها بسبب المال،

Published

on

ترى الشاعرة اللبنانية الفرنسية سارة الزين أن مشاركة الأدباء والشعراء في المسابقات الشعرية إما أنها بسبب المال، أو بسبب الشهرة، وهما أمران ليست بحاجة لهما..

وتقول الزين، في معرض ردها عن هوياتها المتداخلة: إن الشاعر يولد غريباً بعد أن ينفصل عن رحم أمّه، وبعدها، لا وطن يؤويه، لا وطن يجمع شتاته، يحبّ كلّ شيء، ولا يجدُ نفسه في شيء، يجمعُ الذكريات والأحداث، ينتمي الى التراب، الى الأرض، تسكنه القرى ويسكنها، تسكنه المدن فتتشكّل منها قصائده وملامحه، غير أنّ غربته تبقى طاغية حدّ الوجع، حساسيّته المفرطة تمنع عنه طمأنينة البلاد والأوطان..

الكثير قالته الزين عن الشعر والرواية والجمهور السعودي الذي التقته، أخيراً، فإلى نص الحوار:

أفعل التفضيل

• ما زلنا نختلف في الشعر؟ ما تعريفك وما خطتك كي نتفق عليه؟

•• أجمل ما في الشعر هو أننا أعجزُ من أن نحدّدهُ ونؤطره ونعرّفه.. أجمل ما فيه هو أننا نختلف فيه!

ولا نعرف كنهه.. هو كالروح! علمُه عند الله..

حين نجتاز مرحلة النظم والتقليد، يصبح تعريف الشعر أمراً تعجيزيّاً لكلّ شاعرٍ حقيقيّ!

من الممكن توصيفه، كلٌّ بحسب زاويته، ولكنّني ضدّ تعريفه، أنا مع الجمال حيثما كان!

نعم لديّ ما أسمّيه «مشروعاً»، وليس خطّة، أعمل على تذكية ذائقتي الشعرية وتهذيبها، ونشر الجميل من الشعر كي ترتقي ذائقة من حولي معي، نحتاج الى مجتمعٍ ذوّاق، مجتمع يكفّ عن استخدام «أفعل» التفضيل، مجتمع يحبّ الشعر ويعرفُ أن لكلّ شاعرٍ سماءً وتحليقاً يخصّه ويتفرّدُ به!

باختصار شديد، أقول ما قاله الباحث والروائي إدواردو غاليانو: «أنا لا أطلب منك أن تصفَ سقوط المطر، أنا أطلبُ أن تجعلني أبتلُّ…»! والشعرُ.. يجعلنا نبتلّ!!

• تنصحين بالكف عن استخدام أفعل التفضيل، إذن لا تحبذين برامج المسابقات الشعرية، وجوائز الشعر والرواية؟ أليس كذلك؟

•• الأديب والشاعر يشارك عادة في المسابقات والجوائز لأسباب عدة؛ أبرزها أمران اثنان: إمّا لأجل الجائزة المالية، أو لأجل الانتشار والشهرة، وواقعاً لم أشعر يوماً بالحاجة الى هذين الأمرين.. كذلك فإني لطالما كنت أظنّ أنّ أكثر ما أوقعنا في مشكلة التباغض والتحاسد هو المقارنة العقيمة بين تجارب يجب ألا تقارن في الأصل، لأنّ لكلٍّ منّا تجربة خاصة ولغة خاصة وميزة خاصة وتغريدة خاصة تشبهه هو وحده، من الظلم بمكان مقارنته بغيره، وجعنا يشبهنا وحدنا، حزننا ذكرياتنا وآلامنا والأحداث التي مررنا بها والندوب.. كلها رسمتنا وشكّلتنا، علام يختزلنا المتلقّي بمقارنة ظالمة مع تجربة أخرى لها بيئتها وحيثيّاتها ومقوّماتها المغايرة؟!

أؤمن أن لكلٍّ منا سماءً وتحليقاً خاصاً يشبهه.. والسماء تتسع للجميع، أحترم رأي من يراني الأجمل في عينيه، ولكنني لن أقبل أن يقارنني بالآخر أو أن يراني أفضل منه! فهو بذلك يصغّرني ويحجّم أجنحتي ويوسّع حدقة العيون على ظلالي التي كنتُ أحسبها حصني غير أنّ الحساد باتوا يتسلّحون بها ليعرّوا قصيدتي..!

بين الرواية والشعر

• بين خلود الشعر وسطوة الرواية.. أين تجد سارة الزين نفسها؟

•• الشعرُ مهلكي، وحتفي بين رويٍّ وقافية!

الشعر كان يحاصرني منذ البداية، هناك من حال بيني وبين تفجيره إلى الخارج، الشعر طفلي الذي أخفيت حمله عن أعين الناس، كنت أخبئه فيّ؛ مخافةَ أن تنتشله منّي أيدي الأقدار، غير أنّه كان قدري، وبعد أن غفا ثلاثين حولاً في أحشائي، صرخ صرخته الأولى بين يديّ وما استطعت أن أكتم صرخته!

الرواية شعر! والموسيقى شعر، وكلّ إحساس باللذة هو شعر، الوجود كلّه يضجّ بالشعر، الحزن والعوَز، والفقر والموت والدمع والرقص والأرق… كلّ هذا شعر كثير يتجلّى بمظاهر مختلفة غير أنّ الهلاك واحد.

ولكن سأكون أكثر واقعيّة وأقول:

حيثما تأخذني الدهشة، أخلع جسدي، أسجد في حضرة الذهول، وأنسى مكاني وزماني لأفرش وطناً من كلمات، ما زلت أعيش في عالم شعوذات الرواية بكلّي، وما زالت حبال السرد تلتقط أنفاسي وتجرّني نحوها من دون رحمة، غير أنّ الشعر قبض على ما تبقّى فيّ من رمق، واقتلعني منّي بذكاءٍ وحذق، ومدّ نحو عنقي أوتار موسيقاه وأحكم قبضته… وكم كان الاستسلام جميلاً!

لا يهمّ تحت سطوة أيِّ شكلٍ منهما أقع.. أجد نفسي في الكتابة عموماً.. وحدها الكتابة هي الآلهة المقدّسة التي تحتاجُ إلى قرابين كثيرة كي ترضى، والجوعُ فيها لا حدودَ له! هيَ وحشٌ ينمو تحت جلدِ الأديبِ ومخدِّرٌ يبعثُ على الإدمانِ والهستيريا!

كتبتُ الرواية أوّلاً، ولم يكن عمري يتجاوز الثالثة عشرة عندما أتممتُ عملي الأوّل «شعاعٌ في الليل الحالك»، ووقّعته في معرض الكتاب في البيال-بيروت، أحدّثك عن شيء حصل من عشرين عاماً.

وقد قلت في مقابلة سابقة لي حول المفاضلة بين الشعر والرواية إنَّ الأمر صعبٌ وخطير، منذ فترة اعتزلت كلّ شيء وعشت بضعة أيّام أكتب فيها روايتي الجديدة، أعيش فيها علاقة توحّد مع الأبطال والشخوص والأحداث، أدخل سجني الانفراديّ طوعاً وشوقاً، وكنت أراقب الشعر من بعيد يتلصّص عليّ بثوبه الملكيّ من حين الى آخر، يدعوني إليه… وكنت على مسافة جنونٍ وحرفٍ منه… أنظر إليه وهو يمدّ حباله مستمسكاً باللاوعي المنسوج بالشوق واللهفة كي يلج عالمي، ويتنصت على زفراتي وخيانتي له مع الرواية ولكني لم أعطه وقتها إذن العبور… فقد أحكمت الرواية قبضتها عليّ في تلك الفترة.. وبعد أن انتهيت من الكتابة، تمنّع عنّي الشعر طويلاً، لم تكن استمالته من جديدٍ سهلة، تطلّب الأمر منّي نزفاً ووجعاً وتعباً كي أرضيه…

أعترف أنّي أعشق الشعر وأدمن متعة المخاض الذي أعيشه قبل كلِّ ولادةٍ للقصيدة.. ولكنّ الرواية عالمٌ خطيرٌ وفتّاك، سحرٌ خاص، شيءٌ من شعوذات «يوسّا»، مع جموح «مورافيا»، وجنون «كازانتزاكيس»… خلطةٌ لا يشبهها شيء… نارٌ لا يمسّها الرماد.

هويات قاتلة

• هوية لبنانية، وجنسية فرنسية، وإقامة سعودية.. أين يمكن أن تجد سارة وطنها؟

•• يولد الشاعر غريباً بعد أن ينفصل عن رحم أمّه، وبعدها، لا وطن يؤويه، لا وطن يجمع شتاته، يحبّ كلّ شيء، ولا يجدُ نفسه في شيء، يجمعُ الذكريات والأحداث، ينتمي الى التراب، الى الأرض، تسكنه القرى ويسكنها، تسكنه المدن فتتشكّل منها قصائده وملامحه، غير أنّ غربته تبقى طاغية حدّ الوجع، حساسيّته المفرطة تمنع عنه طمأنينة البلاد والأوطان

الوطن عندي هو رحم أمّي، ومنذ أن أُخرجتُ منها، ضعت، وتغرّبت وشرّدت؛ لذلك لجأت إلى رحم القصيدة! أعترف أن القصيدة تؤرقني، وتتعبني، وتشغلني، وأنني كثيراً ما أهرب من سطوتها وسيطرتها كي لا أسرّع في هلاكي، ولكنني من خلال القصيدة بنيتُ وطناً مجازيّاً جميلاً، وقد قلتُ في إحدى قصائدي:

«أحتاجُ بلاداً

لا تتركني في منتصف الخوف وحيدةْ!

لا توقظني من نومي لتنام مكاني!

لا تلبسني زيّاً فضفاضاً

ثمّ تعرّيني من جلدي!

أحتاجُ بلاداً

لا أتسوّل فيها كي أتنفّسَ

لا تطعنني في خاصرتي إن لوّح خصري للرقص

ولا ترميني للمنفى كي أدفن من فوق الأسفلت!»

القصيدة تتيح لي أن أشكّل الوطن بعيداً من خيبتي به! تتيح لي التحليق من دون حبالٍ مخفيّة تخنق معصمي وتجرح حنجرتي كلّما توهّمت لحناً مختلفاً للحياة!

والخوفُ قدّيسٌ في عقيدتي الشعرية، وهو شاعرٌ حرّيف وخصب، على عكس ما يظنّه بعض من وجد فيه عقماً إبداعيّاً، الخوف لذيذٌ في تأويلاته، نهمٌ في خياله وطموحاته، عذبٌ في شجوه، سليطٌ في انفعاله، طفلٌ في تقلّباته، وبين كلّ هذه الأضداد، تنمو القصيدة مرتابةً وواثقةً!

تجريد ومثالية

• في أزمنة ما بعد الربيع العربي.. أليس جنوح الشعر العربي للمثالية والتجريد المبالغ يعبر عن ورطة ثقافية؟

•• لنكن صادقين في حقيقتنا.. الشعر هو محضُ مغالاة، هو تكثيف منهمر للأحاسيس والأشياء، غير أن وقعه يختلف من شخص لآخر، وقبل أيّ شيء، لا بدّ من التأكيد على ركيزة مهمّة، وهي أن الشاعر هو ابن بيئته، شاء أم أبى.. فإمّا يهرب منها وإمّا ينغمس فيها.. فالبعض منّا يعيش الشعر كنوع من الهروب من واقعه صوب عوالم أدفأ وأكثر مثالية فيصبح ضحية اتهامات تضعه في «برجه العاجي» الذي لم يختره، بل قاده إليه هروبٌ شعريّ قاسٍ ولذيذ في الوقت نفسه، والبعض الآخر يغرق في واقعه حدّ الجنون فيقع ضحيّة التفاصيل المريرة وسياسات البلد وآراء الناس والانتماءات وغير ذلك..

وفي كلا الحالتين، لن يستطيع الشاعر أن ينجو بنفسه.. هو هلاكٌ لا مناص منه..

الورطة الثقافية الحقيقية بالنسبة إليّ هي أن لا تكون هناك بيئة حاضنة لهذا الاختلاف، أن لا يواكب النقد ميزة كلّ حركة ليصوّبها ويستخرج منها ما يبني فكراً وقيَماً وحضارة!

أمّا جنوح الشعر العربي للمثالية والتجريد المبالغ فيه في كثير من النصوص فهو بحدّ ذاته مبحث يحتاج الى تقصٍّ وبحث ودراسة ومتابعة لمعرفة مسبّبات هذا الجنوح، فإنّ لكل حركة أدبية مقدّمات دفعتها لتكون على الصورة التي هي عليه اليوم.

• كيف للشعر أن يخترق حجب وسائل التواصل الاجتماعي؟

•• الشعر في أصله مخترقٌ كلّ الحجب.. أولَيس الوجود شعراً بتفاعيل وإيقاعات مختلفة؟! أليس الابتسامة قصيدة؟ الإحساس البكر حين يخترقنا من دون مقدّمات هو ديوانٌ من البحور الشعرية المتدفّقة بلا هوادة!

الخوف والكره والحب والخير والشر والنعاس والتثاؤب والانفعال والحزن.. كلّها أوزانٌ شعريّة نعيش عليها ونتأنْسنُ من خلالها..

والشعر كما الحياة، لا بدّ له من مواءمة الحال والتماهي مع حركة التطوّر والحداثة واتخاذ التكنولوجيا وسيلة ليوصل من خلالها صوته إلى أوسع بقعة في الأرض..

ولكن، بين حرارة الأجساد والقلوب عند التلاقي والتّماسّ.. وبين جمود وسائل التواصل الاجتماعي وبرودتها بَون شاسعٌ وكبير..

الأمر ليس سهلاً أبداً.. وهو -واقعاً- سؤالٌ مربكٌ وحسّاس!

كيف لي أن أضع نزفي وروحي في هذا العالم الافتراضي من دون خوف؟

أظنّ أن الإحساس الصادق كفيلٌ بأن يخترق كلّ شيء، وهو أشدُّ سلاح يحارب فيه الشاعر ليحرس مملكة شعريّته ووجوده!

• هل ما زال للشعر عرشه الخاص الذي يقصده الناس؟ أم حان وقت الذهاب إلى الناس في «مخادع التواصل الاجتماعي»؟

•• للشعر طقوس مقدّسة.. لا يمكن حجب عرشه أبداً..

الصمت.. الإصغاء.. الخشوع.. التسليم.. الذوبان.. التجلّي.. الرقص! ثمّ همسٌ ساحر يسرقك من نفسك صوب المجهولِ اللذيذ!

نعم ما زال الشعر مقصوداً، وما زال له عامٌ يحتفى به ويسمّى على اسمِ عرشه! «عام الشعر العربي» هو عام التمسّك بالفنون الأصيلة، بقيمة الأدب والثقافة والإيقاع والكلمة..!

ولكنني مع فكرة أن نقترب من الناس بكلّ الوسائل.. أن ندخل إليهم من كل الأبواب، أن نفتح كلّ المجالات المتاحة للتلاقي.. ألّا ينحصر الشعر بالنخبويين.. ألّا يحتكر الشعراء وحدهم مجالس الشعر! الشعر نبضُ الحياة برقّتها وبساطتها وجنونها وصخبها وحزنها وحلوها ومرّها…

الشعر للفلاحين، والعاملين، والبكّائين، والمهندسين والفنانين والمصوّرين والمعلّمين والأطباء والمساكين والأمراء..

فادخلوه من حيث شئتم! وانهلوا منه كيفما أردتم.. كلّ الوسائل متاحةٌ ومفتوحة.. وباب الشعر واسع.. لا يردّ سائلاً ولا مريداً..!

• هل خفت صوت الشعر؟

•• للشِّعرِ أرواحٌ تطوف وتخشعُ

وملائكٌ عند التجلّي رُكَّعُ!

لا شيء بإمكانه أن يخفت صدى الحياة والوجود والبقاء!

هذا هو الشعر.. لا يمكننا تحجيمه أو القبض على أوتار صوته كي نخفت أثره!

هو أكبر من كيد الساعين إلى تحريف البوصلة وإمالتها صوب فنون أخرى.. السماء تتسع لكل الجمالات، ولكل الجميلين!

ولكن من الممكن القول إنّ بعض الفنون حصلت، أخيراً، على انتشار أوسع، هذا وارد في كلّ زمن، وظهور فنٍّ بشكل بارز لا يعني تغيّب فنٍّ آخر، فالفنون والآداب تتلاقح ويتغذّى بعضها من بعض..

أولم يكن ليوناردو دافنشي رساماً وفيزيائيّاً؟!

الخوف كلُّ الخوف من احتكار ما تبقّى في قلوبنا من متّسع لدهشة عذراء نقية!

الآيدولوجيا والشعر

• هل خفوت صوت الشعر يعود في أجزاء منه إلى خفوت صوت الأيدولوجيا في العالم العربي والإسلامي؟

•• صحيح أن الأيديولوجيّات تُحيي الشعوب والفنون، وقد تتغذّى محبرة بعض الشعراء عليها.. ولكننا لا ننسى أنها أمر مرتبط بالكلّ، وليس فقط بالشعر، فلو كان كذلك، لوجب أن يخفت صوت كلّ الفنون على حدٍّ سواء، لأنّ فكرة «الفنّ للفنّ» بحدِّ ذاتها أيديولوجيّا تخصّ أهلها حتى إن كنتُ شخصيّاً لا أؤمن بها..

عادةً ما يكون الأديب أسير حالتين لا ثالث لهما.. إمّا أن ينغمس بالواقع والقيم والأيديولوجيات والمثل والانتفاضات الدائمة والثورة واستنطاق المساكين المحتاجين، وإمّا أن ينعزل هرباً من ذلك كلّه صوب خياله المحصّن الذي يحميه من زيف الأحداث وقسوة الواقع وخيانةِ الظروف والأيام والناس فيتقوقع داخل موهبته ويكوّن لنفسه عالماً متخيًّلاً يؤويه ويحميه..

ولكن الحالة الأخيرة هذه إذا ما تمّت دراستها، ستشكّل نوعاً من أيديولوجيا تقوم على فكر الأديب أو الشاعر، ويبني بمقتضاها رؤاه نحو الحاضر والمستقبل.

الجمهور السعودي

• أقمتِ أمسيات عدة في المملكة العربية السعودية.. ما الأمسية الأحب إلى قلبكِ؟

•• كلّ الأمسيات تترك في نفسي أثراً مختلفاً، تزرع فيّ أملاً جديداً، أشعر معها بولادات لا نهائية، أتعلّم منها، وأعطيها وتعطيني، وأسقيها من دمي وأستقي منها طاقتي وقوّتي للمضيّ.. ولعلّ أحب أمسية إلى قلبي كانت الأمسية الأولى التي عرّفتني إلى السعودية وأهلها، وقد كانت من أربع سنوات في مركز الملك فهد الثقافي تحت عنوان «حيثُ لا ينتهي الشعر»، كانت ليلة مضيئةً بكلّ المقاييس، المقاعد مزدحمة بالوافدين، الحضور متنوّع ومائز، كل التفاصيل كانت شعريّةً بامتياز..

هذه الأمسية تركت أثراً خالداً في نفسي، لا شيء يضاهيه!

• كيف تصفين لحظات التقائك بجمهورك في المملكة؟

•• أعترف أنني كنتُ أجهل المجتمع الخليجي عموماً والسعودي خصوصاً.. لم تكن لديّ فكرة حول مدى تقبّلهم لشخصيّتي التي لوّنتها بيروت بشتّى الألوان.. وطبعت فيها باريس خطوطاً عريضة، وسطّرت عليها ملامح امرأةٍ تجمع الشرق والغرب والانفتاح والتحفّظ في روح واحدة!

وأعترف أيضاً أنني كنتُ معتادة على الجمهور الصدّاح الذي يطلبُ منّي أن أعيد البيت أكثر من مرّة، والذي لا يستطيع كبح جماح شعوره حين يصرخ «الله»، وحين يقف بين المتلقّين ويرفع صوته مادحاً أو مستشعراً بأبيات ثناء..

ولكنّني حين التقيت بالجمهور السعودي.. وجدت شيئاً مختلفاً تماماً عن كلّ ما اعتدته!

جمهور هادئ ورصين، ذوّاقٌ مصغٍ ومهتمّ، مقبلٌ بروحه وجامحٌ جداً على الرغم من خجله الشديد، وسأكتفي بآخر اعتراف لأقول: لقد استطاع الجمهور السعودي أن يخترقني بقوّة، وأن يترك في قلبي وردةَ شعرٍ لا تذبل!.

انطلقت شبكة أخبار السعودية أولًا من منصة تويتر عبر الحساب الرسمي @SaudiNews50، وسرعان ما أصبحت واحدة من أبرز المصادر الإخبارية المستقلة في المملكة، بفضل تغطيتها السريعة والموثوقة لأهم الأحداث المحلية والعالمية. ونتيجة للثقة المتزايدة من المتابعين، توسعت الشبكة بإطلاق موقعها الإلكتروني ليكون منصة إخبارية شاملة، تقدم محتوى متجدد في مجالات السياسة، والاقتصاد، والصحة، والتعليم، والفعاليات الوطنية، بأسلوب احترافي يواكب تطلعات الجمهور. تسعى الشبكة إلى تعزيز الوعي المجتمعي وتقديم المعلومة الدقيقة في وقتها، من خلال تغطيات ميدانية وتحليلات معمقة وفريق تحرير متخصص، ما يجعلها وجهة موثوقة لكل من يبحث عن الخبر السعودي أولاً بأول.

Continue Reading

الثقافة و الفن

رئيس تنفيذية الألكسو بالقاهرة: الرؤية السعودية تستثمر بالمستقبل

انطلاق أعمال المجلس التنفيذي للألكسو بالقاهرة. رئيس المجلس يشيد برؤية السعودية 2030 ودورها في تطوير التعليم والثقافة وتعزيز العمل العربي المشترك.

Published

on

انطلقت في العاصمة المصرية القاهرة أعمال اجتماع المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، وسط حضور دبلوماسي وثقافي عربي رفيع المستوى. وقد شهدت الجلسة الافتتاحية تصريحات هامة لرئيس المجلس التنفيذي للمنظمة، ركز فيها على الدور المحوري الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في دعم العمل العربي المشترك، مشيداً بـ «الرؤية السعودية 2030» واصفاً إياها بأنها رؤية تستثمر في المستقبل وتؤسس لنهضة تعليمية وثقافية شاملة.

أهمية الاجتماع في ظل التحديات الراهنة

يأتي هذا الاجتماع في توقيت بالغ الأهمية، حيث تواجه المنطقة العربية تحديات متنامية تتطلب تعزيز التعاون في مجالات التربية والعلوم والثقافة. ويهدف الاجتماع إلى مناقشة البرامج والموازنات الخاصة بالمنظمة، بالإضافة إلى استعراض تقارير الأداء وخطط التطوير المستقبلية التي تضمن مواكبة المنظومة التعليمية العربية للتطورات التكنولوجية العالمية المتسارعة.

الرؤية السعودية 2030: نموذج ملهم للتطوير

في سياق حديثه، أكد رئيس المجلس التنفيذي أن ما تشهده المملكة العربية السعودية من حراك ثقافي وعلمي غير مسبوق تحت مظلة رؤية 2030، يمثل نموذجاً ملهماً للدول الأعضاء. وأشار إلى أن الاستثمار في رأس المال البشري، وتطوير المناهج، والاهتمام بالذكاء الاصطناعي والرقمنة، هي ركائز أساسية تبنتها المملكة، مما ينعكس إيجاباً على منظومة العمل العربي المشترك ويعزز من مكانة اللغة العربية والثقافة الإسلامية عالمياً.

خلفية تاريخية عن منظمة الألكسو

تعد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، التي تأسست عام 1970 وتتخذ من تونس مقراً لها، إحدى منظمات جامعة الدول العربية المتخصصة. وتعنى المنظمة بالنهوض بالثقافة العربية وتطوير مجالات التربية والعلوم على المستوى الإقليمي والقومي. وتعتبر اجتماعات مجلسها التنفيذي المحرك الأساسي لرسم السياسات العامة ومتابعة تنفيذ القرارات التي تصب في مصلحة الشعوب العربية، مما يجعل من انعقاد هذا الاجتماع في القاهرة دلالة على عمق العلاقات المصرية العربية ودور مصر الريادي في احتضان الفعاليات الكبرى.

التأثير المتوقع ومستقبل العمل العربي المشترك

من المتوقع أن يخرج هذا الاجتماع بتوصيات هامة تتعلق بتحديث الاستراتيجيات التربوية العربية، وتعزيز مشاريع التحول الرقمي في المؤسسات التعليمية. كما يعول المراقبون على هذا اللقاء لتعزيز الشراكات بين الدول العربية لتبادل الخبرات، خاصة في ظل الإشادة بالتجربة السعودية، مما قد يفتح الباب أمام مبادرات مشتركة تستفيد من الزخم الذي أحدثته الرؤية السعودية في المنطقة، لاسيما في مجالات حماية التراث وصون الهوية الثقافية في عصر العولمة.

Continue Reading

الثقافة و الفن

كراسي ملتقى الميزانية والبشت السعودي: تصميم يجسد الهوية

تعرف على سر كراسي ملتقى الميزانية المستوحاة من البشت السعودي. تفاصيل التصميم، دلالات الزري الذهبي، وكيف يعكس هذا الابتكار الهوية الوطنية ورؤية 2030.

Published

on

شهدت منصات التواصل الاجتماعي والأوساط الإعلامية تفاعلاً واسعاً مع التصاميم المبتكرة التي ظهرت في التجهيزات الخاصة بملتقى الميزانية، وتحديداً تلك الكراسي التي استوحت تصميمها ببراعة من "البشت السعودي"، الرمز العريق للأناقة والوجاهة في المملكة العربية السعودية. هذا الدمج بين الوظيفة العملية للمقاعد وبين الرمزية الثقافية العميقة للبشت، لم يكن مجرد خيار جمالي عابر، بل هو تعبير بصري دقيق عن توجهات المملكة نحو ترسيخ الهوية الوطنية في كافة التفاصيل الدقيقة للمناسبات الرسمية.

رمزية البشت: أكثر من مجرد رداء

لفهم عمق هذا التصميم، يجب العودة إلى الجذور التاريخية للبشت في الثقافة العربية والسعودية. يُعد البشت (أو المشلح) زيّاً رجالياً تقليدياً يرتبط بالمقام الرفيع والمناسبات الرسمية والأعياد. وتتميز البشوت السعودية، وخاصة "الحساوي" منها، بدقة الحياكة والتطريز بخيوط الزري الذهبية أو الفضية. إن استلهام تصميم الكراسي من هذا الزي، عبر استخدام اللون الأسود الفاخر (اللون الملكي الأكثر شيوعاً في البروتوكولات) مع الحواف الذهبية التي تحاكي "القيطان" و"المكسر" في البشت، يبعث برسالة احترام وتقدير للحضور، ويضفي هيبة على المكان تتناسب مع ثقل الحدث الاقتصادي الذي يتم فيه إعلان ميزانية الدولة.

رؤية 2030 وإحياء التراث في التصميم الحديث

يأتي هذا التوجه الفني متناغماً تماماً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تولي اهتماماً بالغاً بالثقافة الوطنية والتراث غير المادي. لم تعد الهوية السعودية تقتصر على المتاحف أو المهرجانات التراثية، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من النسيج العمراني والتصميم الداخلي للمؤسسات الحكومية والفعاليات الكبرى. يعكس تصميم كراسي ملتقى الميزانية تحولاً في مفهوم "البروتوكول"، حيث يتم استبدال الأثاث المكتبي الغربي التقليدي بتصاميم تحمل بصمة محلية، مما يعزز من الشعور بالانتماء والفخر لدى المواطن، ويبهر الزائر الأجنبي بجماليات الثقافة السعودية.

الأثر الثقافي والانطباع العالمي

إن دمج العناصر التراثية في الفعاليات السياسية والاقتصادية يمثل نوعاً من "القوة الناعمة". فبعد أن لفت البشت السعودي أنظار العالم في نهائي كأس العالم 2022، يأتي استخدامه كمفهوم تصميمي في الأثاث ليؤكد على استدامة هذا الرمز وقابليته للتطوير والحداثة. هذا النهج يشجع المصممين السعوديين على الابتكار واستلهام أفكار من بيئتهم المحلية، مما يفتح آفاقاً جديدة لصناعة الأثاث والديكور القائمة على الهوية. علاوة على ذلك، فإن الاهتمام بهذه التفاصيل الدقيقة يعكس احترافية عالية في تنظيم الفعاليات الوطنية، حيث تتكامل الصورة البصرية مع المضمون الاقتصادي والسياسي لتصدير صورة حضارية عن المملكة.

ختاماً، لا تُعد كراسي ملتقى الميزانية مجرد مقاعد للجلوس، بل هي وثيقة بصرية تروي قصة التمسك بالجذور مع الانطلاق نحو المستقبل، وتؤكد أن التراث السعودي غني وقابل للتكيف مع أحدث خطوط الموضة والتصميم العالمية.

Continue Reading

الثقافة و الفن

مجمع الملك سلمان يحتفي باليوم العالمي للغة العربية بالأمم المتحدة

مجمع الملك سلمان العالمي ينظم احتفالية في مقر الأمم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، تعزيزاً لمكانة لغة الضاد ودعماً لأهداف رؤية المملكة 2030.

Published

on

في خطوة تعكس الدور الريادي للمملكة العربية السعودية في خدمة لغة الضاد وتعزيز حضورها الدولي، نظم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، وذلك في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك. ويأتي هذا الحدث تأكيداً على التزام المجمع برسالته الاستراتيجية الرامية إلى مد جسور التواصل الحضاري وإبراز جماليات اللغة العربية وقيمتها التاريخية والمعاصرة أمام المجتمع الدولي.

سياق الاحتفال والخلفية التاريخية

يحتفل العالم في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة العربية، وهو التاريخ الذي يوافق القرار التاريخي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3190 في عام 1973، والذي بموجبه تم اعتماد اللغة العربية لغة رسمية ولغة عمل في الأمم المتحدة. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا التاريخ محطة سنوية للاحتفاء بواحدة من أكثر اللغات انتشاراً في العالم، وللتذكير بإسهاماتها الغزيرة في مسيرة الحضارة البشرية، سواء في العلوم، أو الآداب، أو الفنون.

دور مجمع الملك سلمان ورؤية 2030

تأتي مشاركة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية في هذا المحفل الدولي كجزء لا يتجزأ من مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتحديداً برنامج تنمية القدرات البشرية الذي يعنى بتعزيز الهوية الوطنية واللغوية. ويسعى المجمع من خلال هذه الفعاليات إلى تحقيق أهدافه الاستراتيجية المتمثلة في المحافظة على سلامة اللغة العربية، ودعمها نطقاً وكتابة، وتيسير تعلمها وتعليمها داخل المملكة وخارجها. كما يهدف المجمع إلى توحيد المرجعية العلمية للغة العربية عالمياً، وسد الفجوة في المحتوى العربي الرقمي.

الأهمية الثقافية والدولية للحدث

لا تقتصر أهمية هذه الاحتفالية على الجانب البروتوكولي فحسب، بل تمتد لتشمل أبعاداً ثقافية وسياسية عميقة. فاللغة العربية تُعد ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، إذ يتحدث بها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة. ومن خلال تنظيم مثل هذه الفعاليات في قلب المنظمة الأممية، يرسخ المجمع مكانة اللغة العربية كلغة للحوار والسلام والتفاهم المشترك بين الشعوب.

وتتضمن مثل هذه الفعاليات عادةً جلسات حوارية رفيعة المستوى، ومعارض فنية تبرز جماليات الخط العربي، ونقاشات حول التحديات التي تواجه اللغة في عصر الذكاء الاصطناعي والرقمنة، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي لخدمة اللغة العربية وتمكينها في المحافل الدولية.

Continue Reading

Trending