الأخبار المحلية
النموذج السعودي للإيجارات: دروس من كندا وأمريكا وفرنسا
استكشف كيف يمكن للنموذج السعودي للإيجارات أن يتعلم من تجارب كندا وأمريكا وفرنسا لمواجهة تحديات السوق العقاري وتحقيق التوازن المطلوب.
تحليل السوق العقاري في المملكة: بين التحديات والفرص
يمر السوق العقاري في المملكة العربية السعودية بمرحلة حساسة، حيث أصبح السكن ليس مجرد بند إنفاق بل مؤشرًا لقياس استقرار الاقتصاد والأسرة معًا. وقد أوضح رئيس الهيئة العامة للعقار خلال المؤتمر الصحفي الحكومي يوم الاثنين 29 سبتمبر 2025 أن سوق الإيجار واسع ومتنوّع ولكنه يعاني من نقص المعروض الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار لمستويات غير مقبولة.
فجوة العرض والطلب وتأثيرها على الاقتصاد
أشار رئيس الهيئة إلى الفجوة بين العرض والطلب كأحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على السوق العقاري. وفقًا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء، تستنزف تكاليف السكن حوالي 22 من إنفاق الأسر الاستهلاكي. ومع الارتفاعات التي تجاوزت 20 في بعض المدن الرئيسية خلال العامين الماضيين، أصبح السكن عبئًا يضغط على دخل الأسرة ويقلل قدرتها على الادخار.
هذا الوضع يعكس تحديًا اقتصاديًا كبيرًا، حيث أن زيادة تكاليف السكن تؤدي إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي للأسر، مما يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي العام. كما أن ارتفاع الأسعار قد يؤدي إلى تراجع الطلب على العقارات الجديدة، مما يبطئ من وتيرة النمو في القطاع العقاري.
التجارب الدولية والدروس المستفادة
أعلنت الهيئة عن نموذج شامل ومتوازن مستندة إلى تجارب دولية مثل الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وأستراليا. تجربة الولايات المتحدة مع أزمة الرهن العقاري عام 2008 أظهرت مخاطر التمويل بلا ضوابط. بينما فرضت كندا قيودًا على شراء الأجانب بعد أن أثرت المضاربة سلبًا على قدرة الأسر المحلية على التملك.
أما فرنسا فقد اعتمدت دعمًا مباشرًا للإيجار لحماية الأسر محدودة الدخل، في حين شهدت أستراليا تضخم أسعار العقارات بسبب الاستثمارات الخارجية رغم منحها للمشترين الجدد. هذه التجارب تقدم دروساً مهمة للسوق السعودي لتجنب السلبيات وتحقيق توازن واستقرار أكبر.
النموذج السعودي: نحو سوق عقاري متوازن وعادل
يسعى النموذج السعودي الجديد إلى تجاوز السلبيات المذكورة من خلال تحفيز التطوير وضبط التمويل وتنظيم الإيجارات إلكترونيًا. هذا النهج يهدف إلى خلق سوق أكثر توازناً وعدالة، بما يتماشى مع رؤية 2030 التي تسعى لتحقيق العدالة السكنية كجزء لا يتجزأ من العدالة الاجتماعية.
إن تحقيق هذه الأهداف يتطلب تعزيز الشفافية وزيادة المعروض من الوحدات السكنية بأسعار معقولة لتلبية الطلب المتزايد وتحقيق استقرار السوق الذي سينعكس إيجابياً على استقرار الأسر والمجتمع بشكل عام.
التوقعات المستقبلية للسوق العقاري السعودي
مع استمرار الحكومة في تنفيذ سياسات تحفيزية وتنظيمية فعّالة، يُتوقع أن يشهد السوق العقاري السعودي تحسناً تدريجيًا في توازن العرض والطلب. قد يؤدي ذلك إلى استقرار الأسعار وجعل الإسكان أكثر قابلية للتحمل بالنسبة للأسر السعودية.
على الصعيد العالمي، يمكن لهذه التحسينات أن تعزز جاذبية المملكة كوجهة للاستثمار الأجنبي المباشر في القطاع العقاري، مما يدعم النمو الاقتصادي الوطني ويساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لرؤية 2030.