في خطوة استراتيجية تعكس طموحات المملكة العربية السعودية لترسيخ مكانتها كقوة عالمية في قطاع الطيران والنقل الجوي، أعلن مطار الملك سلمان الدولي، إحدى الشركات التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، عن بدء أعمال الإنشاء للمدرج الثالث. يأتي هذا المشروع الضخم كجزء أساسي من المخطط العام للمطار، ويهدف إلى تطوير منظومة الحركة الجوية وتعزيز الجاهزية التشغيلية لدعم النمو المتسارع في حركة الطيران على المدى الطويل، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.

السياق العام: حجر الزاوية في رؤية 2030

لا يمكن النظر إلى هذا المشروع بمعزل عن الإطار الأوسع للاستراتيجية الوطنية للطيران التي أطلقتها المملكة، والتي تهدف إلى مضاعفة أعداد المسافرين والشحن الجوي وربط المملكة بأكثر من 250 وجهة عالمية بحلول عام 2030. يمثل مطار الملك سلمان الدولي، الذي تم الإعلان عنه من قبل ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، حجر الزاوية في هذه الاستراتيجية. فهو ليس مجرد توسعة لمطار الملك خالد الدولي القائم، بل هو إعادة تصور شاملة لمفهوم المطارات، ليصبح “أيروتروبوليس” متكامل يضم مرافق لوجستية وسكنية وترفيهية، مما يجعله محركًا اقتصاديًا رئيسيًا للعاصمة الرياض.

تفاصيل المشروع وأثره التشغيلي

يتم تنفيذ مشروع المدرج الثالث بالتعاون مع شركات عالمية رائدة مثل “إف سي سي” للإنشاءات وشركة “المباني” (مقاولون عامون). وقد صُممت منظومة المدارج بعناية فائقة لتتوافق مع أنماط الرياح السائدة في الرياض، مما يضمن أعلى معايير السلامة والكفاءة التشغيلية. يبلغ طول المدرج الجديد 4,200 متر (4.2 كيلومتر)، وسيساهم بشكل مباشر في رفع الطاقة الاستيعابية للمطار من 65 حركة طيران في الساعة حاليًا إلى 85 حركة طيران في الساعة. كما يتضمن المدرج شبكة من ممرات الربط المصممة لضمان انسيابية حركة الطائرات على أرض المطار وتقليل زمن الانتظار.

الأهمية الاستراتيجية والتأثير المتوقع

يحمل هذا المشروع أهمية استراتيجية على كافة المستويات. محليًا، سيخلق آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، وسيعزز من مكانة الرياض كمركز للأعمال والسياحة والترفيه. إقليميًا، سيضع المطار الرياض في قلب المنافسة مع أكبر مطارات المنطقة، مما يعيد تشكيل خريطة الطيران في الشرق الأوسط. ودوليًا، سيعزز المشروع من ربط المملكة بالعالم، وسيكون القاعدة التشغيلية لشركات الطيران الوطنية الجديدة مثل “طيران الرياض”، مما يدعم طموحاتها لتصبح ناقلًا عالميًا يربط الشرق بالغرب.

وفي هذا السياق، أكّد الرئيس التنفيذي المكلف للمطار، ماركو ميهيا، أن “بدء أعمال الإنشاء يعد خطوة محورية في تنفيذ المخطط العام لمطار الملك سلمان الدولي، ويعكس التزام الشركة ببناء بنية تحتية عالمية المستوى قادرة على دعم النمو المستقبلي، وتعزيز كفاءة العمليات، وتوسيع شبكة الرحلات طويلة المدى دون قيود”.

مخطط عملاق لمستقبل واعد

يمتد مطار الملك سلمان الدولي على مساحة شاسعة تبلغ 57 كيلومترًا مربعًا، وسيضم عند اكتماله 6 مدارج طيران متوازية، وصالات الملك خالد الحالية بالإضافة إلى 3 صالات جديدة. ويهدف المخطط الطموح إلى خدمة ما يصل إلى 100 مليون مسافر سنويًا، مع قدرة على مناولة شحن جوي تتجاوز مليوني طن سنويًا بحلول عام 2030، ليصبح بذلك أحد أكبر المطارات في العالم وأكثرها تطورًا.

في خطوة حاسمة لتعزيز السلامة المرورية على طرق المملكة، أعلنت الهيئة العامة للطرق عن فرض غرامة مالية قدرها 50 ألف ريال على كل من يتعمد قطع سياج الطرق. وأكدت الهيئة أن هذه المخالفة لا تقتصر على العقوبة المالية فحسب، بل تشمل أيضًا إلزام المعتدي بتحمل كافة تكاليف إصلاح الأضرار التي تسبب بها، مشددة على أن هذا الإجراء يهدف في المقام الأول إلى حماية الأرواح والممتلكات.

خلفية المشكلة: خطر يهدد عابري الطرق

تأتي هذه الإجراءات الصارمة في سياق جهود المملكة المستمرة للحد من الحوادث المرورية الخطيرة، والتي يُعد دخول الحيوانات السائبة، وخصوصًا الإبل، إلى حرم الطريق أحد أبرز مسبباتها. ففي بلد ذي مساحة شاسعة وطبيعة صحراوية، تشكل الإبل جزءًا لا يتجزأ من الثقافة والتراث، لكن وجودها على الطرق السريعة دون ضوابط يؤدي إلى حوادث مأساوية. إن قطع السياج، الذي وُضع كحاجز وقائي، يفتح ثغرات خطيرة تسمح بعبور هذه الحيوانات بشكل مفاجئ، مما يفقد السائقين القدرة على تفاديها، خاصة في الليل أو عند السرعات العالية.

أهمية استراتيجية ضمن رؤية 2030

لا يمكن فصل هذه الجهود عن الإطار الأوسع لرؤية المملكة 2030 واستراتيجيتها الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية. تهدف المملكة إلى الارتقاء بشبكة طرقها لتكون ضمن الأفضل عالميًا، حيث تستهدف الوصول إلى المرتبة السادسة في مؤشر جودة الطرق بحلول عام 2030. كما يتضمن البرنامج الوطني لسلامة الطرق خفض معدل الوفيات إلى أقل من 5 حالات لكل 100 ألف نسمة. إن تأمين الطرق وحمايتها من التعديات مثل قطع السياج هو جزء أساسي لتحقيق هذه المستهدفات الطموحة، مما يعزز من مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي ويحسن جودة الحياة لمواطنيها والمقيمين فيها.

حلول متكاملة ومسؤولية مجتمعية

لم تكتفِ الهيئة بفرض العقوبات، بل قدمت حلولًا عملية لتسهيل الحركة الآمنة للإبل. فقد أوضحت أن شبكة الطرق في المملكة تضم أكثر من 50 معبرًا مخصصًا لعبور الإبل، تم تصميمها هندسيًا لتنظيم حركتها ومنعها من الوصول إلى الطرق الرئيسية. ودعت الهيئة ملاك الإبل إلى تحمل مسؤولياتهم من خلال استخدام هذه المعابر وتوعية العاملين لديهم بأهمية الالتزام بالقوانين وتجنب التعدي على الممتلكات العامة. وأكدت أن الحفاظ على البنية التحتية للطرق هو مسؤولية مشتركة تتطلب تكاتف الجهود بين الجهات الحكومية وأفراد المجتمع.

دعوة للإبلاغ والمشاركة الفعالة

لضمان تطبيق هذه الأنظمة بفعالية، حثت الهيئة العامة للطرق الجميع على الإسهام في الرقابة المجتمعية من خلال الإبلاغ الفوري عن أي تعديات أو ملاحظات عبر مركز الاتصال الموحد (938). وتواصل الهيئة تنفيذ مشاريعها ومبادراتها الحيوية للارتقاء بقطاع الطرق، مع التأكيد على أن سلامة مستخدمي الطريق تبقى على رأس أولوياتها.